يواصل فضيلة الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسـلمين نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، دراساته وأبحاثه التي اختص بها الوطن هذا العام، ومنها هذه الدراسة المهمة التي تتناول الخطاب الإسلامي المعاصر والمبادئ العامة في العلاقة والتعامل مع الآخرين من منظور إسلامي، والتي يؤكد فيها على معنى أساسي هو أن الإسلام لكي يكون وجوده في أوروبا وجوداً مثمراً لما فيه خير المجتمع الأوروبي بجميع مكوناته أن يكون موقفه من الأديان والمذاهب الفلسفية موقفاً حكيماً يقوم على علاقة بها تتأصل على مبادئ الدين نفسه عقيدة وشريعة، وتتوخى في الواقع الطرق والمناهج التي تضمن له أن يكون مسهماً في تحقيق الخير للمجتمع الأوروبي بأكمله.. قال فضيلته:

الأنموذج الثاني:

أنموذج المهاجرين إلى الحبشة:

فقد ذكر أصحاب السير أن قريشاً حينما زادت من الأذى والتعذيب والتضييق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة، أذن لبعضهم بالهجرة، فقد جاء في تأريخ ابن كثير: (قال محمد بن إسحاق‏:‏ فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء، وما هو فيه من العافية، بمكانه من الله عز وجل، ومن عمه أبي طالب، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء‏.‏ قال لهم‏:‏ ‏‏‏(‏لو خرجتم إلى أرض الحبشة‏؟‏ فإن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، وهي- أرض صدق- حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه‏)‏‏، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة، وفراراً إلى الله بدينهم‏.‏ فكانت أول هجرة كانت في الإسلام، فكان أول من خرج من المسلمين عثمان بن عفان، وزوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏).‏

قال ابن إسحاق‏:‏ ثم خرج جعفر بن أبي طالب، ومعه امرأته أسماء بنت عميس، وولدت له بها عبد الله بن جعفر، وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة ‏.‏

وقد روى الإمام أحمد بسنده عن ابن مسعود قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، ونحن نحواً من ثمانين رجلاً، فيهم‏:‏ عبد الله بن مسعود، وجعفر، وعبد الله بن عرفطة، وعثمان بن مظعون، وأبو موسى فأتوا النجاشي‏.‏ وبعثت قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد بهدية، فلما دخلا على النجاشي سجدا له، ثم ابتدراه عن يمينه، وعن شماله ثم قالا له‏:‏ إن نفراً من بني عمنا نزلوا أرضك، ورغبوا عنا وعن ملتنا‏.‏ قال‏:‏ فأين هم‏؟‏ قالا‏:‏ في أرضك، فابعث إليهم، فبعث إليهم فقال جعفر‏:‏ أنا خطيبكم اليوم فاتبعوه، فسلَّم ولم يسجد‏.‏ فقالوا له‏:‏ مالك لا تسجد للملك‏؟‏ قال‏:‏ إنا لا نسجد إلا لله عز وجل‏.‏ قال‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قال‏:‏ إن الله بعث إلينا رسولاً، ثم أمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله عز وجل، وأمرنا بالصلاة والزكاة‏.‏ قال عمرو‏:‏ فإنهم يخالفونك في عيسى بن مريم‏.‏ قال‏:‏ فما تقولون في عيسى بن مريم وأمه‏؟‏ قال‏:‏ نقول كما قال الله‏:‏ هو كلمته وروحه ألقاها إلى العذراء البتول، التي لم يمسها بشر، ولم يفرضها ولد‏.‏ قال‏:‏ فرفع عوداً من الأرض ثم قال‏:‏ يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ما سوى هذا، مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأنه الذي نجد في الإنجيل‏.‏ وأنه الرسول الذي بشَّر به عيسى بن مريم، أنزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا الذي أحمل نعليه‏.‏ وأمر بهدية الآخرين فردت إليهما، ثم تعجَّل عبد الله بن مسعود حتى أدرك بدراً‏.‏ وزعم‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر له حين بلغه موته‏، ‏قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد قوي، وسياق حسن‏.‏ وفيه ما يقتضي أن أبا موسى كان ممن هاجر من مكة إلى أرض الحبشة، إن لم يكن ذكره مدرجاً من بعض الرواة والله أعلم‏).

ونذكر هنا ما حدث من حرب على الحبشة، وموقف الصحابة منها حيث تروي لنا أم سلمة المهاجرة هذه القصة قالت: ‏فأقمنا مع خير جار في خير دار، فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه‏.‏.‏ فوالله ما علمنا حزناً قط هو أشد منه، فرقاً من أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرفه، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي فخرج إليه سائراً، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض‏:‏ من يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون‏؟‏ وقال الزبير- وكان من أحدثهم سناً- أنا، فنفخوا له قربة فجعلها في صدره، فجعل يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة فهزم الله ذلك الملك وقتله، وظهر النجاشي عليه‏.‏ فجاء الزبير فجعل يليح لنا بردائه ويقول‏:‏ ألا فأبشروا، فقد أظهر الله النجاشي‏.‏ قالت‏:‏ فوالله ما علمنا أننا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي، ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعاً إلى مكة وأقام من أقام‏.

ما يستفاد من هذه القصة:

1) أن المدخل إلى قلوب الآخرين إنما يتحقق من خلال الثوابت المشتركة وبيان الأوصاف الطيبة لرموزهم، حيث إن جعفراً رضي الله عنه قرأ صدراً من سورة مريم التي تذكر الأوصاف الطيبة لسيدنا عيسى، وسيدتنا مريم عليهما السلام حتى بكى الملك، ولم يتحدث في هذا المقام كما ذكره القرآن عن بعض النصارى من التثليث، ونحوه من ذم النصارى، وهذا يقتضي من الأقلية المسلمة أن تبحث دائماً عن الثوابت المشتركة والأمور المحببة.

2) الالتزام بثوابت الدين مهما كانت الظروف، فقد رأينا أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجدوا للملك على الرغم من ظروفهم الصعبة وحالتهم الخطرة، وأن العرف السائد كان يقتضي ذلك، حيث دخلوا على الملك بعد أن جاء وفد قريش بالهدايا العظيمة والسجود له لردهم إلى مكة، فسلموا عليه ولم يسجدوا له، فقال الملك: مالكم لا تحيوني كما يحييني من أتاني من قومكم.. فقال جعفر: وأما التحية فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا: أن تحية أهل الجنة: السلام، وأمرنا بذلك فحييناك بالذي يحيي بعضنا بعضاً وفي رواية: ثم أمرنا أن لا نسجد إلاّ لله.

وهذا يقتضي من الأقلية المسلمة وجوباً ألا تتنازل عن ثوابت دينها، وأن لا تقبل بما يتعارض مع ثوابت دينها وعقيدتها، أو يؤدي إلى تذويبها، والقضاء على هويتها، فهذا أمر في غاية من الأهمية، وإلَّا فما قيمة البقاء والعيش آمناً رغداً والعقيدة والثوابت في خطر، لذلك يجب عليها أن تبذل الغالي والثمين، وتضحي بكل شيء في سبيل الحفاظ على هويتها الإسلامية وهوية الأجيال اللاحقة.

3) جواز الهجرة إلى دار الكفر، والبقاء فيها، حيث إن هؤلاء الأصحاب بقوا إلى عام خيبر، حيث يقول جعفر: (فخرجنا حتى أتينا المدينة، فتلقاني رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتنقني، ثم قال: ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح، أم بقدوم جعفر.

4) الحبّ للوطن الجديد الذي آواهم، والحزن على انتصار الأعداء على أهله وملكه، والدعاء لنصرته والفرح بها، وحضور أحدهم الموقعة، والاستبشار بنصره.

وفي هذا دليل على أنه لا تعارض بين ما سبق وبين الولاء لله ورسوله وللمسلمين.

5) الوفاء، حيث روى البيهقي وغيره عن أبي أمامة قال: (قدم وفد النجاشي على النبي صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم، فقال أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله، فقال: (إنهم كانوا لأصحابي مكرمين وإني أحبّ أن أكافئهم).

وفي صنيع رسول الله مع هذا الوفد مع أنهم كفار، دليل آخر على أن المسلم يجب أن يكون وفياً شاكراً لله تعالى لكل من أحسن غليه مهما كان دينه.

والخلاصة كان هذا بعض ما يمكن الاستنباط من هذه القصة الرائعة، والقدوة الطيبة لسيدنا جعفر، ورفاقه رضى الله عنهم أجمعين.

ثلاثة مبادئ عظيمة

في العلاقات الدولية في آيات الممتحنة:

ويمكن تلخيص العلاقة الدولية في حالة السلم، وفي حالة الحرب في الآيات الثلاث في سورة الممتحنة وهي: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)، فالآية الأولى تبين أن الإسلام يتطلع إلى إزالة العداوة، وتحقيق المودة بكل الوسائل المتاحة، وأما الآية الثانية فتبين العلاقة بين المسلمين وغيرهم في حالة السلم وعدم الاعتداء حيث تقوم على ما يأتي:

1 ـ البر والإحسان

2 ـ والعدل والميزان.

وأما الآية الثالثة فتبين العلاقة مع غير المسلم في حالة الحرب والعداوة؛ حيث تقوم على أن يتحد المسلمون ويكون ولاؤهم لله تعالى وللمؤمنين بالمحبة والنصرة، وأن لا تكون نصرتهم لهؤلاء الكفرة المحاربين ومع ذلك فإن هذه العلاقة يجب أن تقوم على العدل والإنصاف حتى في حالة الحرب.

والعظيم في هذه الآية أنها جاءت في سورة تبدأ بما فعله أعداء الله تعالى مع المسلمين، وما يريدون أن يفعلوه معهم:(يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل)، ثم يقول الله تعالى: (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون)، ومع ذلك أمر الله تعالى فيها بالعدل وعدم الظلم، كما أكد ذلك قوله تعالى: (لا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).

والأعظم من ذلك أن سورة الممتحنة نزلت بعد سورة البراءة مما يبعد كل البعد مسألة النسخ ونحوه، حيث برهنت السورة على أن هؤلاء المشركين كانوا لا يرعون عهودهم، بل إنهم قد خانوا الله وخانوا المؤمنين، ومع ذلك تؤكد هذه الآيات على أن يتعامل المسلمون مع غيرهم على قواعد العدل في جميع الأحوال، وعلى قواعد البر والإحسان أيضاً إذا لم يمارسوا ضد المسلمين الظلم والإخراج والقتل والإرهاب، فالقاعدة الإسلامية الكبرى في العلاقات الدولية هي جعل المقاطعة والخصومة خاصة بحالة العداء والعدوان، وفيما عدا ذلك تكون العلاقة هي البر والإحسان، فالإسلام ليس براغب في الخصومة والمقاطعة، بل يريد أن تبقى أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة انتظاراً لليوم الذي تجتمع فيه النفوس على المحبة والسلام.

يقول سيد قطب: (وتلك القاعدة في معاملة غير المسلمين هي اعدل القواعد التي تتفق مع طبيعة هذا الدين ووجهته ونظرته إلى الحياة الإنسانية، بل نظرته الكلية لهذا الوجود، الصادر عن إله واحد، المتجه إلى إله واحد، المتعاون في تصميمه اللدني وتقديره الأزلي، من وراء كل اختلاف وتنويع، وهي أساس شريعته الدولية، التي تجعل حالة السلم بينه وبين الناس جميعاً هي الحالة الثابتة، لا يغيرها إلاّ وقوع الاعتداء الحربي وضرورة رده، أو خوف الخيانة بعد المعاهدة، وهي تهديد بالاعتداء ؛ أو الوقوف بالقوة في وجه حرية الدعوة وحرية الاعتقاد، وهو كذلك اعتداء، وفيما عدا هذا فهي السلم والمودة والبر والعدل للناس أجمعين.

ثم هي القاعدة التي تتفق مع التصور الإسلامي الذي يجعل القضية بين المؤمنين ومخالفيهم هي قضية هذه العقيدة دون غيرها؛ ويجعل القيمة التي يضن بها المؤمن ويقاتل دونها هي قضية العقيدة وحدها، فليس بينهم وبين الناس ما يتخاصمون عليه ويتقاتلون إلاّ حرية الدعوة وحرية الاعتقاد، وتحقيق منهج الله في الأرض، وإعلاء كلمة الله.

هذا التوجيه يتفق مع اتجاه السورة كلها إلى إبراز قيمة العقيدة، وجعلها هي الراية الوحيدة التي يقف تحتها المسلمون، فمن وقف معهم تحتها فهو منهم، ومن قاتلهم فيها فهو عدوهم، ومن سالمهم فتركهم لعقيدتهم ودعوتهم، ولم يصد الناس عنها، ولم يحل بينهم وبين سماعها، ولم يفتن المؤمنين بها، فهو مسالم لا يمنع الإسلام من البر به والقسط معه.

إن المسلم يعيش في هذه الأرض لعقيدته، ويجعلها قضيته مع نفسه ومع الناس من حوله، فلا خصومة على مصلحة، ولا جهاد في عصبية ـ أي عصبية ـ من جنس أو أرض أو عشيرة أو نسب، إنما الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، ولتكون عقيدته هي المنهج المطبق في الحياة).

فالإسلام لم يحمل السلاح لفَرض عقيدته بالقوة والإكراه فقال تعالى: (لا إكراه في الدين)، كما أن فكرة الهيمنة والاستعلاء فكرة مرفوضة في الإسلام، فقال تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً)، فالحرب في الإسلام هو للدفاع عن العدل ورفع الظلم فقال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)، وأنها للدفاع عن المستضعفين فقال تعالى: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً).

أول دستور يعطي حق المواطنة للآخر

وقد تشكلت أول دولة إسلامية في المدينة المنورة فقامت على قاعدة المؤاخاة بين المسلمين من المهاجرين والأنصار، وانهم أمة واحدة من دون الناس، وأنهم كجسد واحد، وان يدهم واحدة ضد من عاداهم، وعلى قاعدة العدل والمواطنة والحقوق والواجبات المتقابلة لغير المسلمين، حيث كتب الرسول صلى الله عليه وسلم صحيفة ووثيقة يتعلق عدد كبير من بنودها بحقوق اليهود تضم حوالى 47 بنداً منها:

1 ـ أن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالٍ بعض من دون الناس.

2 ـ وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.

3 ـ وأن تسلم المسلمين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلَّا على سواء وعدل بينهم.

4 ـ وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضهم بعضاً.

5 ـ وأنه مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله، وإلى محمد.

6 ـ وأن يهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.

7 ـ وأن على يهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وان بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وان بينهم النصح والنصيحة، والبرّ دون الإثم.

8 ـ وأنه لا يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم.

9 ـ وأنه لا تجار حرمة إلاّ بإذن أهلها.

10 ـ وأن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو استجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبرّه.

11 ـ وأن بينهم النصر من دهم يثرب.

12 ـ وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه، ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإن لهم على المؤمنين إلاّ من حارب في الدين.

13 ـ على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.

14 ـ وأن يهود الأوس مواليهم وانفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلاّ على نفسه، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة، وأبرّه.

15 ـ وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وانه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة إلَّا من ظلم وأثم، وإن الله جار لمن برّ واتقى.