التاريخ 22 شوال 1432هـ/ 20 سبتمبر 2011م
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يشجب ويستنكر جرائم القتل الجماعي التي يرتكبها بقايا نظام علي عبد الله صالح في اليمن ضد شباب الثورة السلمية ويدعو جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والقوى الاقليمية والدولية الى موقف حازم ضد هذه الجرائم
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(وبعد)
فقد عاشت العاصمة اليمنية صنعاء يومى الاحد والاثنين 18 و19سبتمبر2011 مجزرة جديدة ضد متظاهرين سلميين،لا يحملون سلاحا سوى عزائمهم التي تحركهم ضد الظلم والاستبداد، ارتكبتها بقايا النظام اليمني ممثلة في بعض فرق الحرس الجمهوري وبعض فرق الامن المركزي التي مازالت لم تلتحق بالثورة السلمية للشعب اليمني، إذ وجهت رشاشاتها وأسلحتها المتوسطة وحتى الثقيلة مثل “الآربيجي” نحو الصدور العارية، دون أن تراعي أي حرمة شرعية ولا انسانية ولا أخلاقية في وجوه المتظاهرين السلميين، فقتلت ما يقرب من 55 قتيلا، وجرحت المئات من التي غصت بهم أغلب مستشفيات العاصمة، وقد صرح أحد الأطباء الجراحين في المستشفى الميداني المقام بساحة التغيير لقناة الجزيرة بأن أغلب الاصابات كانت في الرأس والرقبة والصدر.
هذا وقد حدثت هذه الجريمة النكراء في الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس اليمني المقيم بالرياض بالمملكة العربية السعودية عن تفويض لصلاحياته كاملة لنائبه، ليقوم بالحوار مع أطراف المعارضة، والمضي في التوقيع على المبادرة الخليجية التي سبق أن رفض التوقيع عليها قبل اصابته في حادث تفجير مسجده بالقصر الجمهوري، مما قد يزيد في الشكوك القائمة أصلا من قبل شباب الثورة حول هذا التفويض، الذي وصفوه بالمؤامرة والمناورة من قبل الرئيس صالح وجماعته، للالتفاف على جهودهم واصرارهم من أجل انجاح ثورتهم.
كما أن هذه المجزرة البشعة ليست الأولى منذ انطلاق الثورة الشبابية السلمية، فقد سبقتها مجزرة صنعاء، وذهب ضحيتها ما يفوق 50 شهيدا، ومحرقة تعز، وذهب ضحيتها ما يقرب 30 شهيدٍ، بالإضافة إلى حالات الاعتداء والقتل الأخرى، التي لا يكاد يخلو منها يوم، على امتداد هذه الثورة الشبابية السلمية. حتى إن عدد الشهداء قد قارب 300 شهيدا منذ بداية الثورة في فبراير الماضي.
وأمام هذا الاجرام المتواصل من البطش والقتل واستعمال السلاح ضد الشعب اليمني المسالم، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى ويؤكد على التالي:
1- إن الشرعية لأي حاكم من حكام المسلمين انما هي شرعية بيعة وتراض بينه وبين أفراد شعبه، ولا شرعية له بدون رضى الشعب، فاذا قرر هذا الشعب بجمهوره الأعظم أن يسحب ثقته ورضاه من حاكمه، فما على الحاكم الا الاستجابة والامتثال لرأي الشعب، فهو أهل الحل والعقد شرعاً، وعليه فنقول لهذا النظام وأمثاله: إنه لا طائل من كل ما تقوم به ضد شعبك من تقتيل وتشريد وقصف ودمار، فلن تستطيع أن تفرض نفسك عليه فمنذ ما يزيد اليوم عن 7 أشهر وهو مستمر في ثورته، مقيم في الشوارع، مطالب بازاحتك ونظامك، فلا يجوز لك شرعأ الاستمرار في القتل لأجل الكرسي.
2- يدعو الاتحاد جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي إلى اتخاذ موقف حاسم تجاه هذه المجازر المتكررة، والضغط على ما تبقى من نظام صالح وأعوانه، بأن يمتثلوا لارادة الشعب اليمني، والتنحي عن السلطة، حقنا لدماء المسلمين ومنعا لأي فتنة قد ينزلق فيها هذا البلد العزيز لا قدر الله فالوضع لم يعد يحتمل، وطبيعة شعب اليمن وتركيبته الاجتماعية، ولولا الحكمة اليمنية، وتعقل الشباب الثائر، لانزلق في فتنة لا يعلم مداها الا الله.
3- يناشد الاتحاد الدول الاقليمية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، الشقيق الأكبر للشعب اليمني، بأن ترفع دعمها لنظام صالح وتنحاز بالكامل لمطالب الشعب اليمني فهو الذي سيبقى في النهاية، وهو الصديق الوفي لمن يقف معه.
4- يطالب الاتحاد الدول الكبيرة التي مازالت تدعم النظام بأن ترفع دعمها عنه، وتضغط عليه لكي يتخلى عن السلطة، ويترك الشعب اليمني يقرر مصيره بنفسه، فكل مواصلة في دعمه هي مشاركة في هذه الجرائم التي لا يزال يرتكبها في حق هذا الشعب المسالم المطالب بالحرية فقال تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” [سورة المائدة].
وفي الختام ندعو الشعب اليمني وقواه الثورية والسياسية والقبلية الى مزيد من التحلي بالصبر، ومواصلة ثورتهم بالشكل السلمي، كما بدأت وتواصلت، وعدم الوقوع في فخ العنف وتسليح الثورة، فقد يكون هذا ما تريده بقايا هذا النظام، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] (آل عمران 200) صدق الله العظيم
أ.د/ علي محيي الدين القره داغي أ.د/ يوسف القرضاوي
الأمين العام للاتحاد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين