الدوحة في 28 ذي القعدة

26الموافق:  اكتوبر 2011

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يهنئ الشعب التونسي بهذه الانتخابات الرائعة ويدعو حركة النهضة والاحزاب الفائزة معها الى الوحدة والتوافق من أجل المرور بالبلاد بأسرع وقت ممكن وتشكيل حكومة وحدة وطنية تقود البلاد الى بر الامان

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛؛

فبشهادة كل المراقبين الدوليين الذين شاركوا في مراقبة الانتخابات التي جرت في تونس يوم 23 أكتوبر الحالي ونجح شعب تونس من جديد في تخطي محطة مهمة جدا في تاريخه وتاريخ الأمة جمعاء وهي محطة الانتخابات التي أبهرت الجميع في شفافيتها وسلامة الظروف التي جرت فيها وبهذا يكون شعب تونس العظيم وللمرة الثانية سباقا في ارساء تقاليد لنهضة الأمة والخروج بها من التخلف والاستبداد بطرق حضارية وسلمية فكما كان سباقا بربيع الثورات العربية والتي كللت بالنجاح في كل من مصر وليبيا وتتطلع الى نجاحها باذنه تعالى في كل من اليمن والشام.

ثم نرى هذا الشعب العظيم يقدم لنا مفاجأته الثانية، وهي أول زهور هذا الربيع العربي الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون ربيع خير ونهضة وتحرر لأمة الاسلام قاطبة، متمثلة في هذه الانتخابات التي كان البعض يتخوف منها والبعض الآخر يتخوف عليها وبحمد الله نجح هذا الشعب في أن ينجزها بسلام وأمان وبشفافية ونزاهة عالية ترقى الى المقاييس الدولية في بلدان ذات تقاليد راسخة في الديمقراطية والمحطات الانتخابية.

وبهذه المناسبة الطيبة المباركة والتي نسأل الله تعالى أن تكون باكورة خير ورخاء ونهضة لامة الاسلام فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي ساند ثورة هذا الشعب ووقف الى جانبه ضد الظلم والاستبداد منذ بدايتها فإنه يؤكد ويدعو الى ما يلي:

1-    يهنئ الاتحاد الشعب التونسي بكل مكوناته السياسية على هذا الانجاز الرائع الذي حققه لتونس أولا ولكل العرب والمسلمين ثانيا، كيف لا والحال أنه قبل أقل من سنة من الآن كانت البلاد العربية تعيش حالة الاستبداد والدكتاتورية وها هي اليوم تقدم دروسا في الثورات السلمية ونجاح هذه الانتخابات وتقدم كذلك دروسا في الديمقراطية والتعددية والانتخابات النزيهة والشفافة وبشهادة كل العالم.

2-    يدعو الاتحاد الشعب التونسي الى مزيد من الوحدة والتكاتف والعمل على انجاح بلادهم في عملية الانتقال الديمقراطي والتحلي باليقظة والانتباه لكل المؤامرات والدسائس التي قد تحيكها قوى الظلم والردة التي غاضها هذا العرس الديمقراطي الكبير فتلجئ الى التشويش عليه والعمل على افشاله قال تعالى<< واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا>> الآية وفال تعالى<< ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم>> الآية كما يدعو الشعب التونسي جميعا الى مزيد شكر الله تعالى حيث قال سبحانه<< لإن شكرتم لأزيدنكم>> الآية.

3-    يهنئ الاتحاد الاحزاب التي فازت في هذه الانتخابات وعلى رأسها حركة النهضة ويدعوها الى العمل على توحيد صفها هي الأخرى وتقديم مصالح البلاد والشعب عامة على المصالح الحزبية وذلك بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتشكل من كل الأطراف الوطنية لان البلاد بحاجة ماسة الى تكاتف الأيادي ووحدة كل الأحزاب وكل الشخصيات الوطنية << إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص >>  (الصف 4) للمرور بها الى بر الأمان والسلام وتاسيس دستور جديد يعبر عن هوية الأمة، و يقطع مع كل مظاهر الاستبداد ويؤسس للتعددية والحرية وحماية الحقوق العامة والخاصة.

4-    يدعو الاتحاد الحزب الفائز حزب حركة النهضة الاسلامي بأن يقدر هذه الثقة الغالية التي منحها اياه شعب تونس ويعمل جاهدا على تقديم نموذج مشرف للحركة الاسلامية عموما يقطع نهائيا مع الصورة النمطية المخيفة التي حاول ولا يزال يحاول ترويجها البعض على الحركة الاسلامية اذا وصلت الى الحكم، والتي وللأسف الشديد ساهمت بعض التجارب في تكريسها وايجاد مبرر لها.

 فعلى النهضة أن تعمل على تقديم صورة حضارية مشرفة للاسلام والمنهج الوسطي المعتدل تبدد بها كل تلك التخوفات وتثبت للداخل والخارج بأن الأحزاب ذات المرجعية الاسلامية هي أحزاب مدنية تؤمن بالتعددية والتداول السلمي على السلطة ووطنية مهمومة بمشاكل بلدانها وتعمل ليلا نهارا على النهوض بها ورفع مستوى المواطن فيها في التعليم والصحة وكل مجالات العيش الكريم، وكل هذا يكون في ظل احترام هوية البلاد العربية الاسلامية بل العمل على رفع الظلم الكبير الذي كان سائدا على هذه الهوية التي لطالما حوربت وعمل على التشكيك فيها فمن المفروض الآن أن تستعيد اللغة العربية مكانتها والاسلام كدين الأغلبية الساحقة للشعب مكانته ودوره في تربية المجتمع وقيادته للفوز في الدنيا والآخرة.<< قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين >>(يوسف 108) 

5-    يدعو الاتحاد الحزب الفائز الى التركيز على مشاكل الشعب وتقديم الحلول الناجعة لها مثل البطالة، والتضخم، والفقر والتخلف، والتقدم التكنلوجي، والتقني، للوصول الى تحقيق صورة مشرقة حضارية متقدمة للشعب التونسي، وان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- بخبراته وعلمائه- مستعد لتقديم كل ما يمكن في هذه المجالات. <<وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ>> (التوبة 105)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 الامين العام                                                     الرئيس

أ.د/ علي محيي الدين القره داغي                      أ.د/ يوسف القرضاوي