أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بياناً يدعو فيه إلى رأب الصدع ولم شمل الأمة، والحفاظ على الوحدة وهيبة الدولة في اليمن وشرعيتها، مطالباً اليمنيين بالوقوف مع الشرعية ونبذ الطائفية والاستقواء بالغير، ويُثمن دور مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية في الشأن اليمني. ويُفتي: بأن المصالحة الشاملة بين مكونات الأمة، والتفاف الجميع حول مصالحها الكبرى، وبذل التضحيات في سبيلها: فريضة شرعية، وضرورة فعلية، ويؤثم من يتخلف عنها، كلّ بمقدار مسؤوليته.
نص البيان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه (وبعد)
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أوضاع المسلمين المأساوية، وما أصابها من الفتن والمصائب والتفرق والتمزق والإرهاب والتطرف… ومن ذلك ما يحدث في بلاد اليمن، من استغلال بعض المنحرفين للأحداث الواقعة وركوبها، ليصلوا بها إلى أهدافهم الطائفية والحزبية.
وينظر الاتحاد بعين التفاؤل لما تقوم به دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية من محاولات لرأب الصدع، ولم الشمل، للحفاظ على وحدة اليمن، وهيبة دولته، بقيادة رئيسها الشرعي، من خلال دعوتها لعقد اجتماعات الحوار في العاصمة الرياض، ومن خلال اتصالاته المكثفة بجميع مكونات الشعب اليمني، وحشد طاقات المملكة داخلياً وخليجياً، ودولياً لإنجاح الحوار، وتفعيل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل لتحقيق العدل والحكم الرشيد، والوحدة، ومصالح اليمن الكبرى.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من منطلق إحساسه بمسؤوليته، وواجب البيان والنصح يرى ويؤكد على ما يلي:
1- يطالب الاتحاد اليمنيين بجميع مكوناتهم بالالتفاف حول شرعية الدولة التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي اتفق عليها الجميع خشية أن تزداد الأمور تأزما، ويترتب على ذلك ما لا يحمد عقباه.
2- يدعو الاتحاد مجلس التعاون الخليجي بوضع استراتيجية تقوم على الآليات والخطوات العملية والإرادة السياسية الحازمة الفاعلة والتضحيات الحقيقية لتثبيت الأمن والاستقرار.
3- يناشد الاتحاد جميع الدول العربية والإسلامية، وغيرها، والأمم المتحدة، والشعوب المحبة للسلام أن تقف مع اليمن في محنته بالدعم المادي والمعنوي.
5- يوجه الاتحاد رسالة إلى الشباب المخلصين المحبين لدين الله تعالى ولوطنهم من المسلمين وغيرهم، ويطالبهم فيها باسم العلماء أن ينضموا إلى الشرعية اليمنية ، وأن يتركوا أيّ شعار غير شعار القرآن والسنة، وإسلام الرحمة والعزة والكرامة، فالأدلة الشرعية تدل على أن هذا واجب شرعي لما يترتب على خروجهم من مفاسد كبرى على اليمن والمنطقة.
فاليمن اليوم محتاج إلى جهودكم وطاقاتكم أيها الشباب، فتجمعوا واتحدوا (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
6- والاتحاد يفتي: بأن وحدة المسلمين فريضة شرعية تفرضها أدلة الشرع القاطعة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة واجماع الأمة، وتؤكدها الضرورة الواقعية لأمتنا الإسلامية المهددة بالمفاسد الكبرى إذا لم تتحد، بل هي مهددة في ظل هذا التنازع الحاد والتفرق الخطير بالفشل الذريع، وهيمنة الأعداء عليها تماماً – لا سامح الله.
ولذلك فإن من لا يسعى ولا يبذل أقصى جهده لوحدة الأمة، ووحدة الشعب، فهو آثم وخاطئ، وأما من يساهم في الفرقة والنزاع وإثارة الفتن والاضطرابات فهو هالك وقد ارتكب إحدى الكبائر الموبقات. فقد سمى الله تعالى الفرقة كفرا في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) وقد قال المحققون من العلماء: إن المراد بالكفر في الآية هو الفرقة، وقد أكد هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن جرير، والبخاري ، عن ابن عمر.
نناشدكم الله تعالى أيها اليمنيون أن تتقوا الله في اليمن الذي وصفه الرسول بقوله (الايمان يمان، والحكمة يمانية) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
فحققوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم وكونوا مؤمنين حكماء: علماً وعملاً، في حل هذه المشكلة، ودرء هذه المصيبة. والله معكم ، ولن يتركم أعمالكم.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
الدوحة في 26 جمادى الأول 1436 هـ
الموافق 17 مارس 2015م
أ.د علي القره داغي أ.د يوسف القرضاوي
الأمين العام رئيس الاتحاد