إن معظم شركات التأمين التعاوني ( أو التكافلي ) تطبق المبادئ والضوابط السابقة ، وتلتزم بها ، ولكن ـ مع الأسف الشديد ـ ظهرت بعض الشركات تسمي نفسها : تأميناً تعاونياً وإسلامياً ، لكنها لا تلتزم بالمبادئ والضوابط السابقة ، ولا سيما في نطاق الفائض التأميني ، وهي بالنسبة لهذا المبدأ المهم على نوعين :


 النوع الأول من هذه الشركات : أنها تأخذ الفائض كله ، تحت أي مسمى ، وفي نظري لا يبقى أي فرق جوهري عملي بينها وبين شركات التأمين التجاري ، وبالتالي فهي تدخل ضمن شركات التأمين التجاري ، وتخضع للقرارات الصادرة من المجامع الفقهية بحرمتها.


 النوع الثاني من هذه الشركات : تأخذ نسبة كبيرة من الفائض تحت مسمى الحافز ، فعلى ضوء ذلك فإن الشركة تأخذ أجر الوكالة وهي نسبة كبيرة من الأقساط ، ثم إن وجد الفائض فإن الشركة تأخذ منه نسبة أخرى باعتبارها حافزاً للأداء ، وأجازها ـ مع الأسف الشديد ـ بعض أعضاء الهيئات الشرعية ، وحينما اعترض عليهم التجأوا إلى حيلة أخرى وهي : أن الفائض إن زاد ـ مثلاً ـ على 5% من قيمة الأقساط فإن الشركة تأخذ ـ مثلاً ـ 90% ، وهم بذلك قد ضربوا أهم قلعة من قلاع التأمين الاسلامي ، كما ضربوا أهم قلعة نظيفة من قلاع البنوك الاسلامية ، وهي قلعة الودائع التي كانت تقوم على أساس المضاربة الشرعية ، فحولوها إلى مرابحة عكسية يصبح البنك ضامناً للمبلغ ونسبة الفائدة من خلال عملية تورق في السلع الدولية في غضون دقائق معدودة ، والله المستعان .


 وقد اعترضنا عليهم وقلنا لهم : إن الحافز هو المعيار الصحيح لكون الشركة تعاونية أو تجارية قائمة على المعاوضة ، كما أن ذلك مخالف للمعيار الشرعية الصادر من المجلس الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية .


 وقلنا لهم : أين الحافز في هذه المسألة على فرض صحته في عقد الوكالة ؟ ، وعلى أي عمل جديد تعطى هذه الزيادة ؟  


قالوا : تعطى على أساس بذل المزيد من العمل وتقديم الخدمات الجيدة ، ولزيادة التأمينات.


قلنا : إن الشركة بحكم كونها وكيلة بأجر ، عليها أن تكون أمينة باذلة جهودها لتحقيق هذه الأمانة ، ولا يجوز لها التقصير والاهمال ، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء  ، وأهل القانون .


 


  ومن جانب آخر فإن الشركة ما دامت تأخذ نسبة من الأقساط في مقابل إدارتها ، فإن حافزها متحقق فعلاً ، لأنها كلما زادت مبالغ الأقساط التأمينية فقد زادت حصتها فعلاً ، وبالتالي فكلما قدمت الخدمات الجيدة المميزة التي تكسب العملاء الكثيرين ، ازدادت مبالغ الأقساط ، والنتيجة أن حصة الشركة من الأجر زادت نبستها .


 


  ومن جانب ثالث : أن شرط التنازل عن بعض الفائض عدا الأجرة المقررة يتم بطريق التعسف في استعمال الحق ، حيث إن الشركة تفرض هذا التنازل دون أن تكون هناك جهة رسمية تمثل حساب التأمين ، وتكون قادرة على المساومة والتفاوض ، وهو أشبه ما يكون بعقود الاذعان التي تتحكم فيها جهة ربحية ، وهذا غير جائز شرعاً   ، فلا يطيب هذا المال المأخوذ على أقل تقدير للشركة ، ولذلك فالرأي الأحوط والأرجح أن تخضع الأجرة نفسها التي تأخذها الشركة مقابل إدارتها لرأي خبراء محايدين ، وذلك لعدم وجود من يمثل الحساب بصورة عادلة .


والله الموفق وهو أعلم بالصواب


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


  اعلى الصفحة