اثناء المؤتمر الدولي الذي عقد بموسكو في الفترة 25-28/5/2012 حول الغلو والتطرف، والذي أقامه مركز “الوسطية” بالكويت، وجمعية الشهيد قديروف بالشيشان وبالتعاون مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وحضور نائب الرئيس، والأمين العام للاتحاد قمنا بزيارة خاصة الى الشيشان ليكون الحفل الختامي هناك…
وقد رأيت الشيشان قد تغيرت تماماً عما رأيتها في السابق.
فقد زرت عاصمة الشيشان في أواخر القرن الماضي فكانت مدمرة بالكامل، فلا الشوارع بقيت سليمة، ولامعظم البيوت نجت من التدمير وكان هناك النزاع والخلاف، والدولة كانت ممزقة، والسلطات متوزعة بين بعض مؤسسات الدولة، والأخرى بأيدي الجماعات المسلحة.
واليوم رأيت جروزني عاصمة الشيشان في حلة جديدة، وثوب قشيب جميل، فقد تغيرت معالمها حتى تخيلت كأني في مكان آخر، فقد تزينت “جروزني” كأنها عروسة القوقاز، وظهر جمالها في عماراتها الشاهقة وأبراجها العالية، وتجملت المدينة بمظاهرها الخلابة في شوارعها المبلطة، والمزينة بالاشجار والورود والزهور.
فقد فرحت كثيراً بهذه المشاهد الحضارية، وبنظافة البلد، والخدمات التي تقدم حتى تظهر العاصمة بهذا الشكل…
ولكن مما زادني فرحاً وسروراً وسعادة أن العناية ايضا موجهة للجانب العلمي والروحي، فقد بنيت جامعة اسلامية تدرس العلوم الإسلامية في أبهى صورة وأجمل مكان، بالإضافة الى الجامعة التي تدرس العلوم الطبيعية والإنسانية.
وكذلك راينا ثلاث مدارس لتحفيظ القران الكريم لم نشهد مثلها عمارة وتنظيماً وجمالاً وروعة، حيث خصص لكل مدرسة مبنى واسع وجميل وعلى طراز إسلامي، ووزع المبنى الى أقسام للداخلية، والدراسة والمكتبة، والمبيت، وحتى بنيت بجانبها بيوت للمدرسين والطلاب، وهناك عناية قصوى بالطلبة وكيفية الحفظ ونحو ذلك.
وإضافة الى ذلك فقد بنيت خلال الفترة القليلة الأخيرة حوالي ألف جامع ومسجد بطراز جميل وبتصاميم رائعة تبهر الناظرين.
ومن جانب آخر فقد التقينا بفخامة الأخ رمضان قديروف رئيس جمهورية الشيشان، حيث استقبلنا استقبالاً حاراً وحافلاً وصلّى معنا صلاة المغرب، ثم بدأ الاجتماع بحضوره وقمت بإلقاء إعلان موسكو حول الغلو والتطرف نيابة عن المؤتمر، وقد طلبت بعد إلقاء البيان الرئيس الروسي لوضع حد لمأساة سوريا، وأن روسيا تتحمل المسؤولية فيما يجري في سورية، وأن عليها اتخاذ سياسة متناسبة مع الشعب وليست مع النظام الظالم الجائر.
وبقي معنا الرئيس الى حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً، وقد وجه الى العلماء مجموعة من الاسئلة الخاصة بالتكفير ونحوه حيث أجابه الفقهاء بالأدلة المعتبرة.
وقد وجدنا –والحمد لله- أن الأمن مستقر في الجمهورية، وأن هناك حرية طيبة للاسلام ونشره، ولما سألنا مظاهر ذلك قالوا لنا: إن الرئيس الحالي (رمضان قديروف ) لما كلفه بوتين بالرئاسة اشترط عليه ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون هناك حرية للاسلام والمسلمين.
والثاني: أن يكون بترول الشيشان لأهلها وللتنمية والتطوير.
والثالث: أن يُساعد روسيا في التنمية.
عموماً: نحن شاهدنا فعلاً آثار الحرية، وانتشار الدعوة، وآثارها، كما رايت آثار التنمية الشاملة، وأملنا الكبير أن يعم السلام، وأن يتم التصالح والوئام بين جميع مكونات الشعب الشيشاني البطل حتى يتفرغ للتنمية والتقدم والحضارة وخدمة إخوانه من بقية الجمهوريات، حتى ينهضوا جميعاً بالاسلام ويحققوا سعادة الدنيا والآخرة.
ودعاؤنا الخالص لهذا الشعب الطيب وقيادته أن يحفظهم الله تعالى، وأن يسدد خطاهم على طريق الحق والخير والعدل والسلام والأمان والازدهار. آمين