أهداف
السياسة المالية الإسلامية وعلاقتها بالأخلاق:

 إن للسياسة المالية الإسلامية مجموعة من الأهداف
والمقاصد العامة والخاصة امتزجت تماماً بالقيم الأخلاقية نوجزها فيما يأتي :

 

أولاً
ـ الاقتصاد والاعتدال في الانفاق العام ـ كما سبق شرحه ـ .

 

ثانياً
ـ الاستخدام الأمثل لموارد الدولة ، وأموالها لتحقيق المصالح العامة من خلال
استهداف مجموعة من الأغراض من أهمها :

1-  استكمل
البنية التحتية للتنمية الشاملة من الشوارع ، والمواصلات ، والاتصالات ، والقوانين
المنظمة لحركة الادخار والاستثمار .

2-  توفير
الضمان الاجتماعي لجميع المواطنين من المسلمين وغيرهم .

3-  الاستثمار
الاجتماعي الذي يقصد به الاستثمار في تنمية الإنسان من الجوانب الاجتماعية والعلمية
والثقافية والتربوية .

4- تحقيق التوازن بين جميع
الأنشطة الاقتصادية ، وبين طبقات المجتمع ، وتدل على مجموعة من النصوص الشرعية
العامة الدالية على ضرورة التوازن والتعادل والتكامل ، والنصوص الخاصة ، منها أن
النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المدينة وجد المسلمين (الأوس والخزرج) يعملون في
الزراعة تاركين الأسواق والصناعة لليهود ، لذلك وجه المسلمين إليهما ، حيث فتح
سوقاً للتجارة ، وأمرهم بالصناعة لتحقيق هذا التوازن ، وحتى يكون لديهم الاكتفاء
الذاتي بقدر الإمكان[1]
.

ومن باب تحقيق التوازن بين الأغنياء والفقراء المعدمين ما
فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في فيئ بني النضير حيث وزعه على المهاجرين وحدهم
دون الأنصار إلاّ رجلين فقيرين من الأنصار[2]
، بالاضافة إلى الآيات والأحاديث الوارد في الايثار منها قوله تعالى : (
وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ
شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[3]
.

 

ثالثاً ـ الاستخدام الأمثل للموارد البشرية للأمة ، وهذا يعني تحقيق
التوظيف الكامل الفعال ، وسعي الدولة بكامل أجهزتها لايجاد عمل مناسب لكل من هو
قادر على العمل .

 إن الاستخدام الأمثل للطاقات البشرية يحقق عدة
أهداف في غاية من اللأهمية ، منها القضاء على البطالة ، ومنها الاستفادة من
الطاقات البشرية في أعلى صورها ، ومنها توفير الحياة الكريمة لشرائح كبيرة داخل
الدولة ، ومنها زيادة الإنتاج والاستهلاك ، والادخار والاستثمار ، وبالتالي تحقيق
التنمية والنهضة ، يقول الأستاذ عمر شابرا : ( إن تحقيق معدل مرتفع للنمو
الاقتصادي ليس مهماً إلاّ في الحدود التي يسهم فيها هذا النمو في تحقيق التوظيف
الكامل ، والحياة الاقتصادية الطيبة على نطاق واسع ، وفيما عدا ذلك يجب أن يوزن
هذا المعدل بعناية ، مقابل كل ما يترتب عليه من آثار معنوية ، واقتصادية ،
واجتماعية ، إن معدل النمو المرغوب به بعد أخذ كل هذه الآثار بعين الاعتبار يمكن
ان يسمى بـ ( المعدل الأمثل )[4]
.

  فهذا في نظري من أهم أهداف السياسة المالية ،
وتدل عليه مجموعة من الآيات والأحاديث لا يسع المجال لشردها ، منها جميع الآيات
والأحدايث الدالة على تسخير الكون للإنسان ، وبالتالي فإن مقتضى التسخير التمكين
والاستفادة والانتفاع منه فقال تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ)[5] وقال
تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ  وَآتَاكُمْ
مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)[6]
وكذلك الأحاديث الدالة على أهمية الكسب والأعمال[7]
.   

 

رابعاً
ـ تحقيق التوزيع العادل للدخل والثرورة لتحفيف التفاوت في الدخل والثرورة بين
الناس ، وذلك من خلال جمع الزكاة وصرفها في مصارفها الثمانية ، وكذلك بقية موارد
الدولة ، والضرائب العادلة ، والصدقات والأوقاف والكفارات ، والمواريث ، والنفقات
، ونحوها ، بحيث توجه الدولة جميعها للتنمية الشاملة وتحقيق حد الكفاية لكل من
يعيش على أرضها ، ثم التوجه نحو تمام الكفاية ، وبالتالي تحقق القضاء على الفقر
تماماً كما فعل ذلك الخليفة عمر بن عبدالعزيز خلال فت