تحدي
الفساد بمعناه الشامل ( الفساد الاداري ، والسياسي ، والمالي ، والبيئي ، وما يمس
أمن المجتمع اقتصادياً أو سياسياً ) :

 

التعريف
بالفساد لغة واصطلاحاً :

الفساد
لغة : له عدة معان ، فهو يطلق على كل تصرف يترتب عليه اختلال ، وضرر مباشراً أو غير
مباشر للفرد أو الجماعة أو المجتمع وسواء كان الضرر مادياً أم معنوياً [1].

وقد
تكرر لفظ الفساد في القرآن الكريم ومشتقاته خمسين مرة ، في حين أن لفظ الصلاح
ومشتقاته قد تكرر فيه أكثر من ثلاثة الأضعاف منه[2]
، كما تكرر هذان اللفظان في السنة النبوية المشرفة بشكل أكثر تفصيلاً وبياناً [3].

 وقد تناول النهي عن الفساد كل ما يعتبر إضراراً
بالفرد أو الجماعة أو المجتمع سواء كان فساداً مالياً ، أم سياسياً ، أم اجتماعياً
، وسواء كان فساداً إدارياً ، أم فساداً فعلياً ، وسواء كان إضراراً مباشراً ، أم
غير مباشر ، كما في البيئة بحيث نستطيع القول بأن هذه النصوص تعطي صورة كاملة
وشاملة وواسعة ومرنة لكل ما يدخل ضمن الاخلال بأن الفرد والمجتمع والدولة سواء
أكان من الجوانب المالية أم السياسية أم غيرهما كما تبين أن مصدر الفساد هو
الانسان وما كسبت يداه ، نذكر منها بعض الآيات الكريمة :

1-       قوله
تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي
النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[4]
فبين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن ظهور الفساد في البر والبحر يعود إلى
أفعال الناس وتصرفاتهم السيئة الضارة ، وان الله تعالى سيعجل بجزاء هؤلاء المفسدين
، فيذيقهم .

2-       قوله
تعالى : (….وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا…..)[5]
حيث يدل على النهي المطلق البات الشامل عن كل فساد في الأرض وقد أكد القرآن ذلك في
أكثر من آية فقال تعالى  : (وَلا تَبْغِ
الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)[6]
، كما أنه يدل على أن الله تعالى هيأ الأرض لمعيشة الناس ، وأصلحها ، وضمنها كل
الخيرات ، وقدّر فيها الأقوات ، فلا تفسدوا فيها ، ولا تحدثوا فيها خللاً يضركم في
الدنيا والآخرة.

3-               
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ
الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ
الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ )[7]
حيث يدل بوضوح أن من صفات الظلمة المتكبرين المتجبرين ، والمنافقين : الفساد في
الأرض ، وافساد البيئة بإهلاك الحرث ، وقتل الأنفس ، في حين أن من صفات المؤمن
الاصلاح في الأرض ، وتعميرها بالزرع والانبات ، مما يفهم من هذه الآية وغيرها من
الآيات الواردة في سياق النهي عن الفساد : أن منع الفساد في الأرض لا يتحقق إلاّ
بالعقيدة الصحيحة ، والأخلاق الربانية ، حيث ربط الله تعالى على الاعراض عن أمر
الله وبين الفساد في الأرض ، وقطع صلة الأرحام فقال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ )[8]
.

 

فاتورة الفساد بسبب الغش التجاري في العالم العربي أكثر
من 60 ملياراً ، والفساد المالي العالم الإسلامي لا يحصى :

 أصدر مجلس
الوحدة الاقتصادية العربية إحصائية في عام 2009 تثبت أن الاقتصاد العربي يخسر
سنوياً أكثر من ستين مليار دولار بسبب الفساد الذي يسود الأسواق العربية بدءاً من
الغش التجاري ، ومروراً بالاحتكار والجشع والغلاء غير المبرر ، ودخول سلع غير
مطابقة للمعايير والمقاييس الدولية[9]
، وأما الفساد المالي في العالم الإسلامي فلا يعدّ ولا يحصى ، فقد دلت الإحصائيات
على أن مئات المليارات تدخل في جيوب المفسدين من الحكام والمسؤولين وأصحاب المصالح
، فعلى سبيل المثال دلت الإحصائيات على أن حجم الفساد في العراق قد بلغ ثلاثين
مليار دولار في عام واحد .

وأهم
أنواع هذا الفساد والذي يعتبر من أكبر التحديات ، والعقبات في سبيل التنمية
الشاملة ، بل إنه في نظري يعتبر أخطرها ، وأكثرها تأثيراً ، هي :

·      الفساد
الاداري والمالي والسياسي

·      الفساد
السياسي المتعلق بأمن المجتمع

·      الفساد
البيئي ، وأثره على الاقتصاد .

 

 

LinkedInPin