الراية – الدوحة
دعا فضيلة الشيخ د.علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المسلمين إلى إصلاح القلوب والنفوس، مُشيرًا إلى أنه إذا صلح الأفراد صلحت الأمة.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب : علينا إصلاح قلوبنا وتطهيرها من الفساد، من قبيل كراهية الآخرين بدون وجه حق، والمكر السيئ والتحايل على الآخرين، والاستكبار على الخلق (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)، وأضاف : القلب السليم هو القلب الذي ليس فيه فساد، وهو الذي فيه الرحمة.
وقد بدأ فضيلته خطبته الأولى بالحديث عن تدبّر القرآن الكريم، والسنة النبويّة المشرّفة، وقال : لو فعلنا ذلك لما وجدنا شيئًا أولى الإسلام عنايته القصوى في محاربته، أكثر من الفساد في الأرض بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، فالفساد في الأرض جريمة كبرى في نظر الإسلام، وجعله مقارنًا لمحاربة الله ورسوله، فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فالآية الكريمة قرنت وجمعت بين أمرين خطيرين، بين محاربة الله سبحانه، ومحاربته رسوله صلى الله عليه وسلم، وبين الفساد في الأرض.
وأكّد ذلك بقوله: الفساد في الأرض جريمة كبرى، لا تضاهيها جريمة إلا جريمة الشرك بالله، وهذه الجريمة جريمة شاملة، تشمل فساد الأنفس، وفساد القلوب، وفساد العقول، وفساد الأرواح، أي الفساد الداخلي والخارجي، لذلك ربط الله سبحانه وتعالى بين سلامة القلب وبين سلامة الإنسان في الآخرة (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)، فالقلب السليم هو القلب الذي يكون بعيدًا عن الفساد، عن الأهواء، عن نيّة الإفساد بين الناس، وعن ما يؤدّي إلى فساد في الأرض.
فساد ذات البين
وذكر أن الله سبحانه وتعالى بيّن خطورة ما يقوم به الإنسان من إفساد ذات البَين حيث بيّنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعله من أكبر العقوبات، وأكبر الجرائم، وسماه بالحالقة، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ : الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، هِيَ الْحَالِقَةُ، لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ)، أي الفساد هي حالقة للدين، حالقة للعقيدة الصحيحة، وللأخلاق، وكذلك حالقة لكل القيم والآداب الإسلاميّة، فوظيفة الإنسان المسلم هي الإصلاح وليس الإفساد (إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله).
وأكّد أن الفساد يشمل القيام بما يؤدّي إلى الفتن، والمشاكل بين شخصين أو قبيلتين، أو دولتين، أو شعبين، وبكل وسائل الإفساد في الأرض.
وقال : يشمل الفساد أيضًا جرائم الرشوة، والمحسوبية، وكل ما يُسمى اليوم بالفساد، حيث تحلّ معظم دولنا الإسلامية، المرتبة العُليا في الفساد، وليس لنا الدرجة العُليا في التصنيف الدولي إلا في قضايا الفساد التي تشمل الرشوة والمحسوبيّة وكذلك عدم الشفافية، وغير ذلك مما يُسمى اليوم بالفساد المالي ..الفساد جريمة واسعة تشمل تصرّفات الإنسان الفرد، وتشمل كذلك تصرّفات الدولة، وتشمل كذلك تصرفات الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، فإذا انتشر الفساد فحينئذ كبّر عليها أربعًا، وقد انتشر الفساد فعلاً في عالمنا الإسلامي، بشكل يندى له الجبين، حيث تحتلّ الدول العشر الأولى من قبل دول عالمنا الإسلامي، ومعظمها دول عربيّة، فهذه خطورة كبرى لا يجوز السكوت عنها.