الدوحة – العرب
شدد فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أهمية الأخوة الإيمانية التي تجمع الأمة، لافتا إلى أن ديننا أولاها العناية القصوى، وحصر الأخوة الحقيقية فيها رغم وجود أخوة النسب والقوم والوطن، مبينا أن الله أراد أن يجمع الأمة على الأخوة الإيمانية (إنما المؤمنون أخوة).
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب:
إن الأخوة لها حقوق وعليها واجبات منها التواضع والرحمة والذل.
وقال: من تواضع لله رفعه ولن يقل قدر الإنسان عندما يتواضع داعيا إلى كل بذل كل جهدنا لخدمة إخواننا وأخواتنا وخدمة أمتنا وأن لا تقبل قلوبنا ما يحدث للآخرين، وأن نحس بآلامهم ومصائبهم وجوعهم وعطشهم وأسرهم وكربهم.
وأعرب عن دهشته ممن يصلون ويصومون الاثنين والخميس ولا يهمهم قتل الآخرين أو تعذيبهم، أو إهانتهم في السجون، حيث أعمتهم الحزبية، ولا تهتز قلوبهم.
متسائلا: أين الإيمان؟
العلاج جذري.
ورأى فضيلته أن العلاج لا بد أن يكون جذريا وأن نعود إلى الأخوة الحقيقية وأن نتصف بالصفات التي ذكرها الله تعالى في الآية: «رحماء بينهم».
وعلق على ما يحدث في سوريا قائلا: نحن نتضرر مرتين، مرة من تدمير سوريا بالبراميل، ومرة من تفتت الشعب السوري.
أمران بالتاريخ
وقال: يجب أن ندرس التاريخ، مبينا أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأمرين: أن نعود إلى الوحي وأن نعود إلى العقل والتاريخ «أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ» لا يتوبون أي لا يعودون إلى الله وإلى الوحي والقرآن ولا يذكرون أي لا يستفيدون من التاريخ والعقل والتجارب.
الصراع مستمر
وذكر فضيلته أننا حينما نتدبر القرآن الكريم ونقرأ آياته العظيمة نجد أن أكثر القصص تتعلق ببني إسرائيل، وأن معظم الآيات التي تتحدث عن الأقوام السابقين إنما تتحدث عن بني إسرائيل واليهود.
وقال: إن الهدف من ذلك التأكيد على أمرين عظيمين هما أن صراعنا مع بني إسرائيل «اليهود» سيظل إلى قيام الساعة، وهذا ما أكده الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة.
والأمر الثاني أن ما أصاب بني إسرائيل من الأمراض والمشاكل والمصائب ربما تصيب أمتنا إذا طال عهدها بالقرآن ولم تعش مع القرآن ولم تجعل القرآن قدوتها في أعمالها وفي تصرفاتها.
وذكر أن الله يؤكد على مجموعة من المصائب التي إصابة بني إسرائيل حتى يحذر الأمة من الوقوع في مثلها، مشيراً إلى أن من هذه الأمراض المشاكل الداخلية والتفرق والتمزق فيما بينهم وشدة بعضهم على بعض أكثر من شدتهم على الكفار والأعداء، ومن هنا جاءتهم المصائب والهزائم الشديدة، وجاءهم الخزي في الحياة الدنيا من الأسر والإخراج والتعذيب وغير ذلك من غلبة الأقوام عليهم وهم يسومونهم سوء العذاب إلى يوم القيامة.
أشداء على الأعداء
وأوضح فضيلته أن الله عز وجل شدد في القرآن الكريم وشددت السنة النبوية المشرفة على وحدة الأمة وعلى عدم التنازع وخطورة التنازع والقتال فيما بيننا وعدم الولاء للأعداء والاستماع لهم مهما كانت وعودهم حلوة.
وأبدى القرة داغي أسفه لأن الذين قتلوا من المسلمين بأيد المسلمين زاد عددهم أكثر من خمس مرات ممن يقتلهم غير المسلمين، سواء كانوا داخل دولة واحدة، كما شاهدنا في العراق والكويت وسوريا ومصر.
ودعا الشيخ القرة داغي لنفرة إسلامية لمنع قتل المسلمين بنفس حماس جمع التبرعات لهم ومساعدتهم وقال: نحن نجمع التبرعات عندما يكون مشكلة، ولكن لماذا لا نمنع القتال في سوريا أو في مصر أو العراق من خلال منع الظلم أو منع الدكتاتوريين بإيجاد حلف مثل حلف الفضول الذي كان عند الجاهليين لمساعدة المظلوم مهما كان الظالم ومهما كان قربه ودرجته.
الولاء للمسلمين
وأشار القرة داغي إلى أن الله بين لنا أهمية الولاء للمسلمين في قوله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) مبينا أن أعداءنا متفقون على المصالح الاستراتيجية ومتوافقون على ما يضرنا وعلى ما يصلحهم فإذا لم يكن لنا ولاء ولم تكن أمتنا قوية قادرة على منع الظلم والعدوان تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وهذه الفتنة تزداد انتشارها من بلد إلى بلد.
وأكد أن قضية الأخوة الإيمانية والرحمة الإيمانية بين المؤمنين من الأمور العقدية الأساسية ومن الأساسيات ومن الشروط الأساسية لمن يكون مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن الشروط الأساسية لمن تكفل الله تعالى له بالفوز وبالنصر.