الدوحة – الشرق

دعا فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأمة الإسلامية إلى الاستعداد لشهر رمضان، وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب الأمة بحاجة ماسة إلى التغيير على مستوى الفرد والجماعة.

وقال إن الصوم يغير النفس الأمارة بالسوء إلى نفس لوامة، ومن نفس تحب الفجور إلى نفس تكرهه، ورأى أن من الخروج عن دائرة {الأنا} أن نحس بالمسؤولية تجاه إخواننا الذي اجتاحت النكبات بلدانهم، وحل بها الدمار من قبل الطواغيت والظلمة، وأن نبتعد عن مظاهر الأنانية في ذلك، وأن نسعفهم بما لهم من حق أناطه الله تعالى بأعناقنا..

وحث على تغيير النفس الأنانية التي ليس لها شعار إلا {أنا} إلى نفس جماعية {نحن} وفق تعاليم القرآن الكريم في أول سورة نقرؤها، وفي تواصلنا مع الله.. وقال إن من المفروض أن يكون التواصل أحادياً، ولكن الله تعالى يريد لنا العيش في نون {نحن} ولا يريد لنا العيش مع همزة {أنا}.. فنقول في سورة الفاتحة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وفي الدعاء {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} حتى لما ذكر الله تعالى الأخيار من الأمم السابقة ذكرهم بصيغة الجمع.

وأضاف "إن المسلم غير أناني عليه أن يعيش مع الجماعة والأمة، حتى في العبودية لله تعالى يرجو لأخيه من الخير ما يتمناه لنفسه، ويطلب له الهداية إلى كل خير كما يطلبه لنفسه، وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم معياراً لذلك، وجعله أداة مقياس الإيمان الكامل {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} كذلك يكره له السوء كما يكره لنفسه. معظم الناس في أمتنا يعيشون في ظلال {أنا} وهذا من أساليب النفس الأمارة بالسوء.

 

أسبوع للاستعداد

ودعا لاستقبال رمضان وعمل العدة له وأن تلهج ألستنا بالدعاء إلى الله تعالى "أن يبلغنا شهر رمضان، وأن يوفقنا فيه لما يريده لنا من البر والتقوى".

وأضاف "من أهم الاستعدادات المطلوبة هو الاستعداد للتغيير وللتغيير الكلي؛ تغيير الفرد والجماعة والأمة، إذ الأمة كلها بحاجة ماسة إلى التغيير على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة وعلى مستوى العلماء وعلى الأمراء والحكام..

وأكد أنه إذا تغيرنا نحو الأحسن فإن سنة الله تعالى قاضية بالتغيير نحو الأحسن وهذا ما أكد عليه الله تعالى من خلال القرآن الكريم، في آيتين تتحدثان عن التغيير، آية عامة، وآية خاصة {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، ويقول تعالى في الآية الخاصة: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} فكلتا الآيتين عامة للفرد وللجماعة وللأمة، ثم بعد ذلك عامة لكل مكونات الإنسان.

وقال إن الله عبر عن تلك المكونات بتعبير معجز دال على كل المكونات التي يجب أن يشملها التغيير، وهي كلمة "الأنفس" التي تطلق على الذات، والمراد بالأنفس ذات الإنسان، وفيها النفس الأمارة بالسوء، والنفس التي تشتمل على كل ما في داخل الإنسان مما خلق الله تعالى له من الأجهزة المحركة، المفجرة للطاقات، من الروح والنفس والقلب والعقل، والمطلوب تغييرها كلها، وهي المكونات الأساسية للفرد.

 

الروح تكريم للإنسان

قال د. علي القره داغي في خطبة الجمعة إن الله تعالى قد أكرم الإنسان بالروح وجعله يمتاز بها عن بقية المخلوقات رغم وجود الروح فيها ولكنه تعالى خص الإنسان بروح من عنده {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} من روح الله تشريفاً وتكريماً {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} وكذلك أكرمه الله تعالى وهو جنين في بطن أمه، حين يبلغ الشهر الرابع، يبعث إليه الملك فينفخ فيه هذه الروح العظيمة.