الراية – الدوحة
نعى د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الواقع المؤلم للأمة وقال: إن المسلمون اليوم لا يسلم بعضهم من بعض، مشيرًا إلى أنه خلال ايام في سوريا استشهد 400 شخص.
وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب أن مصر هي الأخرى تمر بمرحلة عصيبة، لافتًا إلى أن فئة كبيرة من أبناء الشعب نالوا في ستة انتخابات حوالي 60 % وعلى أقل تقدير 50% بينما هم الآن موضعون على قائمة الإرهاب، الذي يعني الحبس خمس سنوات وقد يصل إلى الإعدام.
ونبّه إلى حل ألف جمعية خيرية، منها الجمعية الشرعية التي عمرها 100 سنة في داخل مصر، ولها ما يقرب من 600 ألف يتيم، وبمئات آلاف من الفقراء والمساكين والدعاة، بيد المسلمين.
مشيرًا إلى أن تعليق الكنيسة كان أنها تفتح أبوابها لهؤلاء، أي خزي أكبر من ذلك! أي خزي أن يفعل المسلم بالمسلم هذا الفعل! حتى يحتاج اليتيم المسلم إلى أن يقف أمام أبواب الكنيسة.
وقال: إن هناك ظلمًا آخر في العراق وفي أماكن أخرى،مضيفًا أن المسلمين كادوا ينسون هول ظلم اليهود لإخواننا في غزة والضفة وفي فلسطين والقدس الشريف أمام هذه الأهوال الجديدة التي تقع في مصر وسوريا.
وكان د. القره داغي قد استهل خطبته أمس بالحديث عن تدبّر القرآن قائلاً: لو تدبّرنا في آيات القران الكريم، وتفقّهنا في سنّة نبينا العظيم صلى الله عليه وسلم، وتتبعنا كذلك سيرة النبي صلى الله عليه وسلم خطوة خطوة، لتأكد لنا أن الإسلام جاء لتحقيق الأمن والأمان المعنوي والمادي للإنسان، فتلك هي الغاية القصوى بعد العبودية لله سبحانه وتعالى، بل العبودية لله سبحانه وتعالى نفسها تحقق جزءًا كبيرًا من هذا الأمن، بل تحقق الأمن الداخي، (أي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون).
الأمن والأمان
وقال إن الذي يُحقق الأمن هو هذا الإيمان العظيم، ولكن هذا الإيمان لا يكتفي بهذا الجانب المعنوي، وإنما يريد أن يكون المجتمع آمنًا في نفسه، وآمنًا في أمواله، وآمنًا في أعراضه، وآمنا في حريّاته وكلماته، حتى يكون هذا المؤمن عبدًا لله سبحانه وتعالى وحده، تغنيه عبوديته لله سبحانه وتعالى عن العبودية لغير الله، فتلك هي فلسفة هذا الدين العظيم، وهو تحقيق هذه الكرامة: أنك تحس بأنك لا تسجد ولا تركع ولا تخضع إلا لله.
وأضاف: من هنا جاءت العزة والكرامة النفسيّة، وجاء الأمن والأمان من خلال إيمانك بالله سبحانه وتعالى، بأن كل شيء بيد الله، ولذلك نجد أن القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ركّزا على قضية الأمن الاجتماعي للإنسان، الأمن النفسي للإنسان، ولذلك جعل الرسول صلى الله عليه وسلم معيار الإسلام الحقيقي، وميزان الإيمان الحقيقي: من كان محافظًا على هذا الأمن للآخرين، لا يعتدي على الآخر لا باللسان ولا بالجوارح، وحتى ولا بالهمز واللمز، فقال صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، فالمسلم الحقيقي هذا هو معياره، بل الإيمان والصلوات هي طاقات تحقق لك العبودية لله، حتى تخضع لله في أوامره.
وقال: الحديث وإن كان في المسلمين، ولكن هناك أحاديث أخرى تدل بوضوح على أنه لا يجوز للمسلم أن يؤذي أي أحد إلا بالحق، إلا بما أذن الله به، (من آذى ذمّياً فقد بَرءت منه ذمة الله وذمة رسوله)، وكذلك حتى الحيوانات: إمرأة دخلت النار في هرة حبستها ثلاثة أيام، حتى في النملة، وكم فرح سيدنا سليمان حينما شهدت النملة بأنه هو وجنوده لا يؤذون النملة إذا علموا بهم (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) والواو في (وهم) هنا حالية، أي حال كونهم لا يشعرون، ولكن ربما لا يحسّون بكم فأنتم خذوا حذركم.
تحريم الاعتداء
وقال: لذلك حرّم الله الاعتداء على الآخر بكل الوسائل، باللسان، باليد، بالجوارح وإن كان الحديث الشريف ذكر اليد، لأنه كما يُقال جزء أريد به الكل، فلا يجوز للمسلم أن يؤذي أحدًا مسلمًا كان أم غير مسلم إلا بالحق.
حتى الحيوانات لما نذبحها نقول بسم الله، أي كأننا نقول: يا ربي أنت أذنت لنا أن نذبح هذا الحيوان وإلا ما كان لنا الحق أن نذبح الحيوان. هذا هو الإسلام من سيدنا آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا هو الإسلام الذي أراد الله أن يكون رحمة للعالمين .