أكد فضيلة د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على دور الإرادة في حياة الأمة مشيرا إلى أنها هي ما ينقص الأمة الإسلامية في الوقت الحاضر مؤكدا أن الطغاة يبذلون جهودا كبيرة من أجل منع الأمة من أن تكون لها هذه الإرادة.
وكان فضيلته قد بدأ خطبة الجمعة التي ألقاها أمس قائلا: إن الله سبحانه وتعالى جعل للإسلام أركانا وأعمالا صالحة، وجعل للإيمان ثمارا طيبة، وهذه الثمار هي الأعمال الصالحات التي يقوم بها الإنسان في هذه الدنيا، لتكون زاده في الآخرة، فما أحوجه إلى هذا الزاد في هذا الطريق الطويل، الذي يبدأ بالموت وينتهي بعدها إما بالجنة -وهؤلاء هم الفائزون- أو النار -وهؤلاء هم الخاسرون- مهما كانت رتبهم في الدنيا ومهما كانت درجاتهم في الدنيا ومهما كانوا يتمتعون بالشهوات، فما أقل هذه الشهوات، وما أقل وأضعف هذه الشهوات حينما تقارن بنعم الجنة.
الصالحات هي كل الأوامر
وأكد أن الأعمال الصالحات من وجهة النظر الإسلامية لا تنحصر في الصلاة والزكاة والحج والصيام على الرغم من أنها هي أركان الإسلام، مضيفا أن الأعمال الصالحات هي الالتزام بجميع ما أمر الله تعالى به والانتهاء والامتناع عن جميع ما نهى الله عنه وإذا قرأنا القرآن الكريم نجد أن أكثر الآيات التي تأمر وتنهي هي في مجال العلاقات الإنسانية وفي مجال العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان المسلم وغير المسلم بل علاقة الإنسان ببيئته والأرض وما يدور حولنا.
وقال: لو قرأنا القرآن الكريم لوجدنا أن الأوامر والنواهي المتجهة إلى هذه العلاقات أكثر بكثير من الأوامر والنواهي التي تتجه نحو تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه، بل حتى هذه الأوامر والنواهي التي جعلها الله سبحانه وتعالى من العبادات والأركان ربطها كذلك بإصلاح العلاقة بينك وبين أخيك الإنسان، فالصلاة أعظم الشعائر ربطت (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، والزكاة أيضا من أعظم الأركان ربطت بتزكية النفوس وتطهير القلوب من الجشع والطمع والحسد وغير ذلك (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وهكذا جميع أركان الإسلام.
وذكر فضيلته أن جميع الأعمال الصالحات التي يعملها الإنسان في أي حقل من الحقول هي كلها عبادات إذا أخلصنا النية لله سبحانه وتعالى وأردنا بهذه الأعمال أن نخدم أنفسنا ونخدم غيرنا ونلتزم ونحقق طاعات الله ونطيع الله في أوامره ونواهيه، ولذلك نرى هذا الخلط العجيب بين الأعمال الدنيوية التي تسميها الحضارات المدنية بالأعمال الدنيوية، وبين الأعمال الأخروية التي تسميها الحضارات الرهبانية بهذا الاسم، وكلها داخلة بنظر الإسلام في الأعمال الصالحات.
وأضاف: نجد هذا الخلط في معظم الآيات القرآنية ولو قرأنا سورة الجمعة على سبيل المثال فسوف نجد هذا الخلط العجيب حيث يأمرنا الله بأمرين في قضية ما يسمى بالأعمال الأخروية (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا) هذا الأمر الأول (إلى ذكر الله وذروا البيع) اتركوا البيع ثم بعد ذلك مباشرة (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) أمران متقابلان، الأمران الأولان مرتبطان بوقت محدود وهو وقت صلاة الجمعة، بينما أمران الاخران أكثر توسعا (اذا قضيت الصلاة) أي مباسشرة انتشروا في الارض للعمل والكسب في كل مجالات الحياة، ولكن ايضا (وابتغوا من فضل الله) أي تكون هذه الاعمال أو هذا الانتشار في الارض في هذه الانشطة والاعمال في أي مجال كانت، مشروطة بأن تحقق النتيجة المرجوة لأن المفسرين جميعا رحمهم الله فسروا وقته من فضل الله أي ابتغوا الارباح والنتائج الايجابية التي تنتج من أعمالكم.
فيتضمن هذا الأمر أمرا آخر نحن المسلمين أو معظم المسلمين غفلنا عنه وهو التخطيط لما يحقق الربح، فحينما تصنع أو تزرع أوتعمل في أي عمل من الأعمال يجب أن تكون أعمالك مرتبطة بتحقيق فضل الله من حيث الربح والنتائج الايجابية لك ولغيرك داخل مجتمعك المسلم .