جريدة الوطن – الدوحة
الجوع- وليس الفقر فقط- المشكلة الأولى في العالم ومع كل هذا التقدم الصناعي والتكنولوجي، والثراء الفاحش لدى بعض الدول والشركات والأفراد، فقد كشفت تقارير الأمم المتحدة حديثًا عن أن الجوع في ازدياد فأصبح المشكلة الأولى في عالم اليوم، وأن عدد الجائعين في العالم يزداد حتى تجاوز 845 مليون جائع، وأنه يموت في كل يوم ستة آلاف طفل بسبب الجوع بمعدل طفل في كل 5 ثوانٍ، وستة ملايين طفل في كل عام قبل السن السادسة، وأن مليار شخص تحت خط الفقر العالمي يكسبون أقل من دولار واحد يوميًا، وأن الموت بسبب الغذاء يشكل نحو ثلث حالات الموت المبكر، أو الإعاقة، ولذلك قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في معرض الاحتفال باليوم العالمي للغذاء في 2007/10/16م: «من الواجب أن نُسْمِعَ العالم أصوات هؤلاء الجوعى، وعلينا أن ندرك دور احترام حقوق الإنسان في القضاء على الفقر والجوع، وأن ندرك الروابط التي تربط بين التنمية وحقوق الإنسان والأمن».
وتشير هذه التقارير إلى أن النزاعات المسلحة، والتصحر، وتحكم الشركات العملاقة متعددة الجنسيات في المواد الغذائية هي من أهم أسباب الجوع والفقر والبطالة، حتى أن المسؤول الأممي عن ملف الغذاء قد اتهم الاتحاد الأوروبي بضلوعه في صناعة الجوع وسوء التغذية في الدول النامية الأشد فقرًا بسبب ما وصفه بسياسة الإغراق التي يتبعها، وحرمان مزارعي الجنوب من تسويق منتجاتهم بشكل عادل، إضافة إلى ما ترتب على ذلك وعلى غيره من بطالة وتضخم، وهجرات كبيرة للعقول، والطاقة البشرية، والقوة العمالية والزراعية إما إلى داخل المدن، وتحولها إما إلى العبء على الدولة والمجتمع بدل أن كانت قوة عاملة، أو إلى الهجرة إلى الغرب، وقد أكدت منظمة العمل الدولي في جنيف أن 20% من الأشخاص القادرين على العمل في العالم يعانون من البطالة الكاملة، أو الجزئية في العالم، وعلى ضوء هذه النسبة فإن عدد العاطلين في العالم قد بلغ مليار عاطل.
ونحن في هذه الدراسة لا نريد الخوض في التحليلات، ولكن الذي نؤكد عليه هو أن الفقر في العالم يزداد، وبالأخص في عالمنا الإسلامي، وأن الفقر في العالم العربي الذي حباه الله تعالى بأهم الثروات والمعادن والبترول والغازات مازال موجودًا، بل في حالة تصاعدية في معظم دوله، كما أن الفجوة، بين دخل المواطن العربي في الدول الخليجية مع دخل أخيه في الدول العربية الأخرى شاسعة جدًا، قد تصل إلى أكثر من مائة ضعف، ناهيك عن الفقر المدقع الموجود في معظم الدول الإسلامية في إفريقيا، وآسيا، حيث إن متوسط دخل الفرد السنوي في بنغلاديش 160 دولارًا، وفي بعض الدول الإفريقية أقل من ذلك بكثير كما أن مليار نسمة يعانون من الفقر المدقع، بل إن أكثر من نصف سكان العالم الثالث في حالة شديدة من الفقر، وتشير الإحصائيات إلى تراجع معدلات النمو في الناتج القومي في آسيا وإفريقيا، وبالمقابل فإن معدلات النمو في الدول الغنية في ازدياد، وأكثر من ذلك فإن 25% يملكون أكثر من 75% من ثروات العالم في حين يعيش 75% من البشر على 25% من ثروات العالم، بل إن نحو 370 شركة عملاقة وشخصًا يملكون 75% من الثروة السابقة، وقد قال مكنمار رئيس البنك الدولي في خطاب له عام 1979: «إن متوسط الدخل الفردي في الدول الفقيرة كان يمثل 5% من متوسط الدخل في الدول المتقدمة عام 1960 ثم انخفض إلى 2.5% في عام 1977، ثم استمر في الانخفاض عام 2000، وربما إلى الآن، كما أن الدول الصناعية الكبرى تسيطر على 80% من التجارة العالمية والاستثمار و93% من الصناعة و97% من البحوث والخدمات والتقنيات المتطورة، ومع ذلك توجد نسبة لا بأس بها من الفقراء والمعدومين في هذا العالم المتطور أيضًا مثل أميركا، وأوروبا الغربية، حتى سلط مؤتمر دافوس، الذي عقد في سويسرا عام 1999م، الأضواء على آثار السياسات الاقتصادية المفروضة من المؤسسات المالية الدولية على البلدان النامية، وبيّن عيوبها المتمثلة في زيادة البطالة، وتوسيع الهوة، وتفاوت الدخول بين البلدان المتقدمة، والنامية، وفي انتشار الفقر والتهميش، والاستغلال، والاستبعاد الاجتماعي في دول الجنوب والشمال على السواء.
وصنف بنك التنمية الإسلامي، أكثر 50% من دول منظمة المؤتمر الإسلامي ضمن اقتصادات منخفضة الدخل، و15% منها تصنف على أساس أنها متوسطة الدخل، و20% (13) فوق المتوسط، و8% ذات اقتصادات عالية الدخل في عام 1997م.
أكثر الدول فقرًا، وتخلفًا في عالمنا الإسلامي
وقد صنفت هيئة الأمم المتحدة عام 1971 دول العالم على ثلاث درجات: متقدمة وهي تشكل 25% من العالم، ونامية، ومتخلفة، وهما تشكلان 75%، ثم وضعوا ثلاثة معايير للدول الأكثر فقرًا، والأقل نموًا، وهي:
1- كون إجمالي الدخل للفرد أقل من 100 دولار أميركي في العام الواحد.
2- كون نصيب الصناعة من إجمالي الدخل القومي لا يتجاوز 10%.
3- كون نسبة الأمية فيها لا تقل عن 80%.
ولدى تطبيق هذه المعايير وجد أن 36 دولة تدخل فيها، وان معظمها ضمن العالم الإسلامي والعربي مثل بنغلاديش عام 1975، التي معدل دخل الفرد فيها 46 دولارًا في العام، ونسبة الفقر فيها 74%، وأندونيسيا عام 1977 التي معدل دخل الفرد فيها 38دولارًا، ونسبة الفقر فيها 80%، وإيران عام 1976، التي معدل دخل الفرد فيها 92 دولارًا ونسبة الفقر فيها 38%، ومصر عام 1974-1975، بمعدل دخل الفرد فيها 87 دولارًا، ونسبة الفقر فيها 38%، وشمالي نيجيريا عام 1971، نسبة الفقر فيها 51% والصومال عام 1976، التي معدل دخل الفرد فيها 65 دولارًا، ونسبة الفقر فيها 70%.
وقد ارتفعت نسبة الفقر في اليمن من 19.1% عام 1992 إلى 51.19% عام 1997 وازداد عدد الفقراء فيها من نحو ثلاثة ملايين إلى نحو تسعة ملايين فقير، بل وصلت نسبة الفقر المدقع من 9% إلى 24% خلال المدة نفسها، وأن ظاهرة الفقر فيها تشمل المتعلمين وبعض حاملي الشهادات الجامعية بسبب انخفاض الأجور، وارتفاع نسبة التضخم.