يرى أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء الدين الاسلامي علي القره داغي، ان المشكلة القائمة حالياً في اقليم كردستان بين اطراف السلطة والمعارضة لن تعالج الا بالحوار، داعياً جميع الاطراف في سلطة ومعارضة كردستان الى العودة لطاولة المفاوضات لمعالجة المشكلات العالقة.
وتم انتخاب د. علي القره داغي اميناً عاماً لاتحاد الدين الاسلامي العالمي، خلال المؤتمر الذي عقد للاتحاد مطلع تموز/يوليو 2010 في مدينة اسطنبول التركية، واشار في حوار اجراه معه مراسل وكالة كردستان للانباء(آكانيوز) الى التظاهرات التي عمت مدينة السليمانية وبعض المناطق الاخرى في اقليم كردستان، وتظاهرات سوريا والبحرين، وقصف مناطق حدود اقليم كردستان من قبل المدفعية الايرانية.
*كيف ترى التظاهرات في عمت مدينة السليمانية خلال الاشهر السابقة، وما هو موقفك حيال طريقة انهاء تلك التظاهرات؟
-ان الاحداث التي وقعت ابان تظاهرات السليمانية يقع بعضها ضمن مسؤولية الحكومة، وبعضها الاخر يتحمل المتظاهرون مسؤوليته، وقد تناولت هذا الموضوع بشكل ايجابي في رسالتي السابقة، واشرت الى انه من الضروري ان تراجع حكومة كردستان نفسها بعد 19 عاماً من تقلدها ادارة الاقليم، ولاشك في ان هناك جوانب نقص كثيرة، وهناك حالات فساد، وينبغي على الحكومة بذل المزيد من الجهود لمعالجة حالات الفساد، وان تضع برنامجاً فاعلاً بهذا الصدد.
ودعوت في رسالتي الثانية التي وجهتها الى المتظاهرين وقلت لهم ان مطالبكم صحيح، وانا اؤيد تلك المطالب، ولكن في الوقت نفسه ان يتم رفع تلك المطالب بطرق سلمية من دون الاضرار بالثوابت الكردية، وينبغي علينا جميعاً الحفاظ على المكتسبات التي حصل عليها ابناء الشعب الكردي، بل ونعززها، ولذلك اعتقد انه يتوجب ان تعمل السلطة والمعارضة في هذين الجانبين، السلطات في الجانب الاصلاحي، والمعارضة في جانب الظهور بمظهر سلمي منظم، بما يسهم بشكل عام في التمكن من تقديم الخدمات لابناء كردستان.
وبعد ان انتهت التظاهرات في كردستان، لم يكن لدى الامانة العامة لاتحاد علماء الدين الاسلامي العالمي اية معلومات، ولكن في الوقت نفسه اقول حتى لو انتهت التظاهرات كان يتحتم انهاؤها بطريقة متحضرة، لأنه في عهدنا الحالي لا يمكن معالجة الامور بالاكراه، بل تكون المعالجات بمناقشة اسباب التظاهرات والمشكلات القائمة، وبهذا الطريقة نستطيع ان نجعل المواطنين ينهون تظاهراتهم بسهولة، وبدوري ادعو بدلاً من انهاء التظاهرات بالقوة، ان يتم بشكل عام السعي لمعرفة اسباب انطلاق التظاهرات بهدف معالجتها.
*كيف ترى سبل معالجة مشكلات الاقليم؟
-برأيي تتمثل معالجات المشكلات في انتهاج الطرق السلمية في غالبية المناطق، والمشكلة القائمة في اقليم كردستان لا يمكن معالجتها الا بالحوار والتفاوض، ولاسيما ان مصلحة كردستان والاوضاع تتطلب ان نجلس جميعنا سوياً وبنفس صافية ونية سليمة ونحاول التوصل الى نتائج ايجابية، وهذا يتم عبر التحاور المستمر، وتفعيل الحكومة جهودها في تنفيذ كل ما من شأنه ان يخدم ابناء الشعب، وكذلك فان اطراف المعارضة مدعوة للعمل من اجل خدمة ابناء الشعب.
ومع ذلك اؤكد على ان مشكلة كردستان لا تشبه المشكلات في المناطق الاخرى، فكردستان لديها جوانب كثيرة للمعالجة، عدا ذلك ينبغي ان نعلم ان اقليم كردستان ليس مثل بقية الدول التي تمتلك حدوداً خاصة مستقرة باقية على حالها، ولذلك يتحتم على اطراف السلطة والمعارضة الحرص والسعي للتوصل الى معالجات حقيقية للاوضاع بما يصب في صالح ابناء الشعب.
*يمتلك الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لديها تشكيل الكتروني، الا انه لا ينشر النشاطات التي تقوم بها في اقليم كردستان، في حين يغطي نشاطاتك في بقية البلدان؟
-لا اعتقد ان الامور تجري بهذه الطريقة، ولكن في الوقت نفسه ليس مهماً بالنسبة لي ان يولي الموقع الالكتروني اهتماماً كبيراً بالنشاطات ام لا، المهم هو ام نعمل ونخدم ابناء شعبنا، واحيطكم علماً ان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤسسة كبيرة ولديه فروع ونشاطات في جميع الدول الاسلامية، ولذلك ربما تكون الاحداث الكبيرة في مصر وسوريا او تونس او اندونيسيا او اوروبا تجعل مراقبي تلك الاحداث يرون ان حجم احداث اقليم كردستان اصغر بنظرهم، الا اننا سنأخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار ونوصلها للمسؤولين المعنيين.
*منذ مدة تتعرض المناطق الحدودية لاقليم كردستان الى عمليات قصف من قبل القوات الايرانية، لماذا لا تقومون بمبادرة لايقاف هذه العمليات؟
– اعربنا خلال المؤتمر العام للجمعية العامة للاتحاد عام 2010 وعبر البيان الختامي عن استنكارنا وعدم موافقتنا ازاء عمليات قصف حدود اقليم كردستان، وهذه المرة نحن لم نصدر رد فعل لأن الجهات الرسمية في اقليم كردستان ووزارة الخارجية العراقية لم تعترف رسمياً بقيام ايران بالدخول الى اراضي اقليم كردستان او قصف مناطق حدود الاقليم، ومتى ما اصدرت حكومة كردستان بيانها الرسمي بهذا الشأن، وحينما نمتلك شيئاً رسمياً نستطيع القيام بمبادرة، لأننا اعضاء مراقبون في منظمة المؤتمر الاسلامي، ومنظمة هاريكاري الاسلامية، ونحتاج الى ان تقوم الدولة بالاعتراف اولاً بوجود تجاوزات بهذا الصدد، عندها سنتخذ بدورنا الموقف المناسب بهذه القضية، ونحن نترقب حتى الان صدور تصريح من قبل وزير الخارجية العراقية او من اقليم كردستان بشكل رسمي، لكي نقوم بادانة تلك العمليات ونسعى الى معالجتها.
*وماذا عن مسألة الكرد في كردستان تركيا؟ وما المساعي التي بذلتموها لمعالجة اوضاع الكرد في ذلك البلد؟
– نحن نسعى في هذا الجانب عبر اتجاهين، احدهما نشر الوعي الاسلامي القومي داخل كردستان، لتكون لدينا امة واعية تقوم بمعالجة المشكلات بطرق علمية رصينة، لأن المواضيع االقومية والاسلامية غير واضحى لدى غالبية ابناء الشعب الكردي، في حين كانت تلك المواضيع واضحة الى حد ما في اقليم كردستان بفضل مساعينا قبل 25 عاماً، وكان مواطنونا يتجهون للنضال الاسلامي والكردي في الوقت نفسه، ونحن نتخذ خطوات بهذا الجانب عبر محاولاتنا مع المواطنين.
وفي الوقت نفسه، نسعى مع الحكومة، في حال وجود مشروع مقترح لمعالجة هذا الوضع، ليكون لنا دور في المسألة، الا ان هذا الامر لم يطرح بعد، وهناك فكرة نعمل عليها تتمثل في الاتصال مع الحكومة ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، ورئيس الجمهورية عبد الله غول ونحاول استثمارها لخدمة الجانبين الشعبين الكردي والتركي في تركيا.
*انتم تساندون في منظمتكم بعض التظاهرات في عدد من دول المنطقة وبالاخص ليبيا وسوريا، الا انكم تلتزمون جانب الصمت حيال التظاهرات في البحرين فما سبب ذلك؟
– لقد اعلنا في وقت سابق ان تظاهرات البحرين تمثل طائفة من الطوائف الموجودة في تلك المملكة، ولا تمثل البحرين كلها، وللاسف فان جميع السنة قاموا ضدهم، وقالوا نحن لانؤيد هذه التظاهرة، لأنها تظاهرة طائفية، ولذلك فنحن في الحقيقة لم نقف ضدها ولم نتحدث بهذا الخصوص ولم نساند تلك التظاهرات، اما في سوريا فهناك تظاهرة معلنة يشارك فيها جميع مكونات الشعب السوري، ومع ذلك فللاسف هناك بعض الدول ساندت تظاهرات تونس ومصر ولكنها الان ضد تظاهرات سوريا، وهذه ازدواجية في المواقف، ولكن منظمتنا لا تعتمد الازدواجية.
انا زرت مملكة البحرين واجتمعت مع طرفي الشيعة والحكومة، وقدمنا مقترح مشروع لاجراء اصلاحات، ولكننا لم نتمكن من اصدار بيان بهذا الشأن، لأن شرطنا ان يكون بياننا عاماً لا طائفياً ولا حزبياً، عندها فقط نستطيع ان نقدم دعمنا الكامل بهذا الصدد.