العرب – الدوحة

وصف د.علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحوثيين بأنهم بغاة خرجوا عن السلطة الشرعية، ويستحقون ما جاء في القرآن الكريم: «فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ»، مستدركاً بأن الحوثيين يتكلمون عن الحوار ثم ذبحوه وهم يتمددون حتى وصلوا إلى عمران وصعدة والحديدة وباب المندب وإلى كل مكان، فأي حوار هذا؟، معتبراً أن ما حدث ويحدث في اليمن كان متوقعاً نتيجة الظلم ودخول الحساسيات في العلاقات بين الأفراد والجماعات ونتج من الظلم ظلم، معرباً عن أمله في أن يعيد الله للأمة رشدها وأن يسدد خطاها.

وذكر فضيلته أن أكبر خلل في أمتنا هو هذا الذي تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، وهو تساهلنا في التواصي بالحث وتساهلنا في الحفاظ على جاذبية هذه الأمة وعلى اندفاعيتها وعلى حركتها الدائبة.

وقال فضيلته، في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب: «أصبحنا في هذا المجال الذي لا نُحسد عليه، وأصبحت الحقوق مهضومة في معظم البلاد، والقوي لا يحترم الضعيف والكبير في معظم الأحيان لا يحترم الصغير، وهنا اختلت الموازين وأصبحنا بهذه الصورة التي وصلنا إليها».

أمتنا لا تموت

وأكد القره داغي أن هذه الأمة معصومة بمجموعها تضعف ولا تموت «وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم»، ربما في فترة من الفترات تضعف بسبب الأشخاص ولكن بتغير الأشخاص تعود إلى قوتها، وهذا هو الأمل المنشود في سعينا الدؤوب للوصول إلى عودة العزة والكرامة والحقوق.

وأضاف :»كل المشاكل في الأمة تعود إلى غياب الحقوق، وإلى وجود الظلم سواء كان ظلماً عادياً أو ظلماً اجتماعياً من الفقر والبطالة.

وقال: إن أعداءنا دخلوا علينا من خلال الجهل وهو ظلم، والتخلف وهو ظلم، ومن خلال الفقر وهو ظلم من الأغنياء للفقراء، ولا يمكن أن يكون هناك فقير إذا أدينا الزكاة.

ولفت إلى أن زكاة هذه الأمة حُسبت فوجد أنه لو دفعت تكون بين 300- 400 مليار دولار سنوياً، وتساءل: لو دفعت فهل يبقى فقير أو مظلوم؟، مشيراً إلى أنه حينما يوجد الفقر يأتي التنصير، وحينما يوجد الفقر والجهل يؤخذ أولادنا إلى الخارج فإما يكفرونهم أو يضلونهم من خلال الأفكار الهدامة.

ورأى أن ما يحدث في العراق ومصر وسوريا وفلسطين وبنجلاديش وميانمار وإفريقا الوسطى يعود إلى أننا لم نشعر بإخواننا المستضعفين ولم ندرك مخاطر هذا الظلم.

وتابع: «العالم اليوم قرية صغيرة، فمن كان يتوقع وجود تلك الحركات المتطرفة، التي تخدم الأعداء والتي تشوه الإسلام، ومنها، «حركات داعش والحشد الشعبي والحوثيين»، وتصبح المناطق الآمنة مهددة بهذه المخاطر، مبيناً أن أميركا تدافع عن أمنها ومصالحها في كل العالم، حيث تدرس أي مشكلة تحدث، هل تتأثر بها مصالحها وأمنها لتتدخل وتنفق عليها أم لا، ولا أقول نحن نريد أن نتدخل بالسلاح والأساطيل ولكن بالأموال والدعاة.

سورة عظيمة

وكان فضيلته قد بدأ خطبته بالحديث عن سورة العصر، وقال: ما زالت سورة العصر تتطلب منا أن نلقي الكثير والكثير من الأضواء، وأكد أنها تمثل مختصر المنهج الصحيح لهذا الدين العظيم.

ولفت إلى أن «التواصي بالحق» هو أحد الصفات المكملة لخروج الإنسان من الخسران، فالإيمان بشموليته أولاً، والعمل الصالح بالمعاني التي ذكرها القرآن الكريم من العمل النافع المتقن المبدع، ثم بعد ذلك تأتي الصفة الثالثة المنقذة المنجية من هذا الخسران المبين الذي وقع فيه الإنسان في كل جوانبه كما تقتضيه كلمة «في» الظرفية، فتأتي هذه الصفة الثالثة وهي (التواصي بالحق)، وهذا يعني أن النجاة من هذا الخسران لن تتحقق إلا إذا وجدت هذه الصفة.

تجدد المعاني

وأضاف: «الغريب في هذه الآية العظيمة أنه كلما عشنا معها تتجدد لنا المعاني، وأنها ذكرت هذه الصفات الثلاث ومعها الصفة الرابعة وهي «الصبر» والتعبير عنها كلها بواو الجمع، وهذه الواو تقتضي أن المجموعة كلها هو التي تنقذ الإنسان من الخسران المبين والشامل في الدنيا والآخرة، وإلا لربما ينجو الإنسان في الدنيا ولكن لا ينجو في الآخرة، وربما ينجو في بعض الأحيان ولكن لا تكتب له النجاة الشاملة، فالنجاة الشاملة في الدنيا والآخرة وما يريده الإسلام وما يريده رب العالمين من هذا الإنسان، أن تتوافر هذه الشروط والصفات بمجموعها في هذا الإنسان الذي يراد له أن يخرج من هذا الخسران.

وتواصوا بالحق

وقال: هذه الكلمة «وتواصوا بالحق»، وردت بهذه الصيغة الجميلة التي تدل على المشاركة المتساوية، وليس هناك شخص أكبر من أن يُنصح مهما كان كبيراً، فيجب أن يوصى ويوصي بالحق، وليس هناك شخص أصغر من أن ينصح أو أن يوصي، ولذلك جاءت هذه الكلمة «وتواصوا بالحق» من باب صيغة باب التفاعل وهو باب خاص بالمشاركة المتساوية بين الفاعلين، على عكس باب المفاعلة الذي يدل على المغالبة وأن الفاعل يغلب المفعول به، ولذلك هذا الباب لا يذكر معه مفعول به لأن الفاعلين جميعاً لا بد أن يكونوا متساوين في هذا الفعل.

واعتبر فضيلته، هذا دليلاً على أن الكبير والصغير والعالم والمتعلم والأمراء وعامة الناس في قضية التوصية بالحق، يجب أن يكونوا متساوين ولا يجوز أن يبتعد شخص مهما كان صغيرا أو كبيرا عن أداء هذا الواجب العظيم، حينئذ تصبح الحماية داخل المجتمع حماية ذاتية، وهذا ما يريده الله سبحانه وتعالى من هذا الإنسان، كما خلق في هذا الإنسان ذاتياً ثلاثة خطوط دفاعية للميكروبات والجراثيم، الخط الأول هو الخط الظاهر الذي يمنع دخول أي شيء أجنبي أو خارجي، ثم بعد ذلك هناك خط ثان وخط ثالث إلى أن تحدث المعركة داخل الدماء أو ما يسمى بالكريات الحمراء والبيضاء، لأجل القضاء على هذا الجرثوم، فالجسد كله يشتغل في هذه المعركة مهما كانت الجرثومة صغيرة، وهكذا يجب أن يكون المجتمع، فلو دخلت أي مشكلة تداعت بقية الأفراد الصغار والكبار العلماء والأمراء الحكام والمحكومون وكل مكونات الأمة تتعامل وتتفاعل للقضاء على هذه الجرثومة، ولذلك شبه الرسول الأمة بالإنسان «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى»، هكذا خلق الله هذه الأمة، وهكذا يريدها أن تكون، لذلك أسند الإخراج لنفسه «كنتم خير أمة أُخرجت للناس»، وهذا الإخراج بهذا الشكل بحيث تكون هناك دوافع ذاتية، وهذه الدوافع الذاتية هي التي فقدناها وسكتنا عليها كثيراً داخل بيوتنا وخارج بيوتنا، ثم عمّ الفساد وعمّ الباطل وعمت الأفكار والعقاد الزائفة وغير ذلك، ومعظم النار من مستصغر الشرر.

وأكد أن هذه الكلمة الجميلة «وتواصوا بالحق» تدل على كل هذه المعاني وعلى هذه الحركة الدائبة والمنقذة التي يجب أن تتوافر في كل الإنسان، حتى تتكون هذه الأمة التي يريدها الله سبحانه وتعالى، ولم يقل الله «وتواص»، رغم أنه يتكلم عن الإنسان، فلم يذكر الفعل مسنداً إلى فاعل مفرد وإنما إلى الجمع كله، فهؤلاء المؤمنون متشاركون في هذا التواصي.. وذكر الله لنا في القرآن وبيّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف ضاع اليهود، هذه الأمة كانت من خيار الأمم لما كانت تابعة لسيدنا وموسى وبقية الأنبياء، فكان الرجل يجلس مع صاحبه الذي يرتكب المنكر مجاملة واستحياء، وأصبح الشر عنده مقبولاً، وهكذا بقية الناس، ولذلك لعنهم رب العالمين على لسان داود وعيسى بن مريم وذلك بسبب أنهم «كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

وقال فضيلته: إن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نكون مع الحق، والله لم يجعل هذا الحق حق الله فقط، وهذا من عظمة الإسلام ومن واقعية الإسلام، ومن الوسائل التي يريد الإسلام بها أن يبقى الحق مزيناً وجميلاً كما هو جميل بحد ذاته. وأن يكون للدول الخليجية والأمة الإسلامية لهم هذا الموقف، ولكن هذا الموقف لن يتحقق بسهولة وتركيا جزء أساسي وبعد استراتيجي، والمفروض أن يكون اليمن جزءاً من الدول الخليجية، وكذلك الأردن والعراق، وهذا البعد الاستراتيجي يحمي الأمة، أما أننا نكون مجموعة غنية فلن نستطيع أن نعيش وحدنا، ولا بد أن يكون معنا الأمة الإسلامية، وإننا متفائلون بعودة الخير والعزة والكرامة لهذه الأمة للقضاء على المشروعات الصهيونية والمشروعات الضلالية وكل المشروعات الباطلة.