اختتمت أعمال ملتقى التأمين الخليجي السنوي السابع الذي استضافته الدوحة على مدى يومين تحت رعاية سعادة الشيخ جاسم بن عبد العزيز بن جاسم آل ثاني وزير الأعمال والتجارة، وبتنظيم من هيئة التنسيق لشركات التأمين وإعادة التأمين الخليجية.

وتناول ا.د علي محيي الدين القره داغي الأستاذ بجامعة قطر ورئيس مجلس أمناء جامعة التنمية البشرية ورئيس لعدد من الهيئات الشرعية ورقة عمل في ختام اعمال المؤتمر تناول فيها التأمين التكافلي الاسلامي من حيث التعريف به وبمبادئة وشروطه وضوابطه.

وأشار في كلمته أن جميع الأديان السماوية الحقة تدعو إلى الخير، والتعاون غير أن الإسلام قد أعطى عناية كبرى للتعاون والتناصر على الحق والخير، والعدل، وحسنتي الدنيا والآخرة، حيث ينادى كل مؤمن إلى التعاون على الخير وأضاف: لم يكتف الإسلام بمجرد الدعوة إلى التعاون والتكافل، بل شرع لأجل تحقيقه مجموعة من الأحكام، فجعل الصدقات المفروضة ركناً من أركان الإسلام، وفرض النفقات، والكفارات، والحقوق والالتزامات التي لو طبقت لتحقق التكافل الحقيقي.

وأوضح انه إذا نظرنا إلى التأمين كفكرة لتحقيق التعاون، ودفع شرور العوز والحاجة والعجز، ولتفتيت المخاطر بين جماعة فإن هذه الفكرة مقبولة شرعاً، بل مطلوبة .

ولكننا لو نظرنا إليه من حيث عقوده وصوره العملية الحالية في الفكر الرأسمالي الذي لا يبحث إلاّ عن تحقيق الربح بأية وسيلة ممكنة دون نظر إلى الحلال والحرام، بل ولا إلى القيم والمثل العليا لوجدنا أن الغاية القصوى منها هي الاسترباح وتحقيق المكاسب ولو كان على حساب الآخرين أو مخالفة لأحكام الشرع .

وقال القره داغي” إن مبدأ التعاون ما دام مشروعاً، ومطلوباً في شريعتنا الغراء، علينا جميعاً أن نصيغه صياغة إسلامية، وان نضعه في إطار عقود ونظم تحقق هذا الغرض المنشود على أكمل وجه، لأن هذه الشريعة ما تركت مصلحة حقيقية إلاّ وأقرتها، ولا مفسدة إلاّ وحظرتها فهي مصلحة كلها، عدل كلها، رحمة كلها، كما أنها لم تترك شيئاً محرماً دون بديل نافع صالح.

ونوه الى أن الفكر الاقتصادي الإسلامي قد خطا خطوات عملية جادة نحو التطبيق الشامل للاقتصاد الإسلامي، فقد طبقت فكرة البنوك الإسلامية بنجاح، ونريد لها مزيداً من التطوير. وبدأ كذلك تطبيق التأمين الإسلامي وإعادة التأمين في كثير من مجالاته حتى بلغ عدد شركات التأمين الإسلامية العشرات.

وأشار الى ان التأمين الإسلامي هو اتفاق مجموعة من المشتركين (حملة الوثائق) على تحمل آثار الأخطار الناجمة عن الحوادث، وذلك من خلال التبرع بأقساط لتعويض من يقع عليه الضرر منهم طبقا لنظام معين. وقد يسمى (التكافل) أو (التأمين التكافلي).

وقال ان التأمين التكافلي مباح شرعا اما التأمين التجاري (التأمين بقسط ثابت) محرم شرعاً. ولفت الى ان التأمين الإسلامي يقوم على أساس الالتزام بالتبرع لمصلحة وحماية مجموع المشتركين في محفظة التأمين (صندوق التأمين) التي تديرها الشركة على أساس الوكالة، وتقوم باستثمار أقساط التأمين على أساس المضاربة أو الوكالة بالاستثمار، مع استحقاق المشتركين ما قد يحصل من الفائض والتزامهم بتحمل ما قد يقع من عجز بمقتضى النظم واللوائح المعتمدة.

,أكد أ. د. علي محيي الدين القره داغي أن الفكر الاقتصادي الإسلامي قد خطا خطوات عملية جادة نحو التطبيق الشامل للاقتصاد الإسلامي، بما فيها التأمين الإسلامي، مشيراً إلى ضرورة تطوير هذه الصناعة من خلال تخصيص الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية لنسبة من أرباحها لعقد الندوات والمؤتمرات والبحوث والمسابقات لتطوير الكادر البشري لأن المستقبل مع العلم والتطوير.

ونبه القره داغي إلى أنه في معظم بلاد العالم الإسلامي لا تتجاوز نسبة التأمين إلى الموجودات 1 %، وفي العالم العربي ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 3 % فقط وهي نسب ما زالت ضعيفة، خصوصا أن حصة الشركات الوطنية من هذه النسبة ضعيفة حيث إن ما يناهز 70 % يذهب إلى شركات إعادة التأمين الأجنبية، وهي مشكلة يجب أن نواجهها ونجد لها الحلول، من خلال وضع إستراتيجية لرفع الوعي.

ونبه القره داغي أن إشكالية غياب المعايير الموحدة في مجال التأمين الإسلامي تم حلها في المجلس الشرعي الذي وضع معيارا متكاملا، مشددا على أن أكبر تحد يواجه شركات التكافل هو إعادة التأمين، والتي يذهب 90 % من إيراداتها له، داعيا أن يتم العمل على رفع نسبة التأمين إلى الموجودات في دول مجلس التعاون من 3 % إلى 50 %

ولفت القره داغي إلى أن التأمين يؤدي عدة وظائف مهمة، ويحقق عدة فوائد ذات طابع اجتماعي يؤديها على الصعيد الاقتصادي للدولة من أهمها:

جلب الأمان، حيث يحقق عقد التأمين الأمن والأمان على مستوى الفرد، من خلال التأمين ضد مخاطر الحياة، حيث يكون في مأمن عندما يقع الخطر المؤمن منه سواء كان يتعلق بالأشياء أو الأشخاص، أو على المستوى الاجتماعي حيث يساعد على بث روح الثقة، وعلى ازدهار الاقتصاد، وزيادة الإنتاج سواء كان من خلال الضمان الصحي، أم الحفاظ على أدوات الإنتاج.

وتفتيت المخاطر وتوزيع آثارها على أكبر قدر ممكن، حتى يصبح المصاب في مأمن من الآثار السلبية للمصيبة أو الحادثة.

وتجميع رؤوس الأموال للفرد والمجتمع من خلال الادخار، وتجميع رؤوس أموال ضخمة تجعل من شركات التأمين قوة مالية ضاربة، وبالتالي تساعد على الإنتاج، وتشغيل الأيدي العاملة.

وتنشيط الائتمان الفردي والائتمان العام حيث يقدم التأمين عدة وسائل مثل تدعيم الضمان والرهن من خلال تقديم وثيقة التأمين، إضافة إلى أن الدولة تستفيد من احتياطيات التأمين من خلال طرح سندات في الأسواق المالية.

والدور الدولي للتأمين العادي وإعادة التأمين من خلال توزيع الأخطار على أكبر رقعة جغرافية ممكنة، وإقامة التوازن، كما أنه يقدم التوازن بين اقتصاد البلاد المختلفة.