الدوحة –  الراية : أكّد فضيلة د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن المتأمل لحال حصار قطر ليدرك بفطرته أن الله تعالى حمى هذا البلد العزيز من كيد المحاصرين وشرورهم بما لقطر من صنائع المعروف، وأيادٍ بيضاء في العالم العربي والإسلامي.

واستعرض فضيلته في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب أمس حال الأمة، مبيناً أن الأمة تحتاج إلى إعادة النظر في كل سلوكياتها وتصرفاتها، وعليها أن تستفيد من القرآن الكريم الذي هجرناه من حيث العمل.

 

تزايد المعاناة

وأضاف " إن معاناة المسلمين تزداد في بعض دول عالمنا العربي والإسلامي، حيث لا يستطيع أحد أن ينجو بتلك البلاد فيجنبها مزيداً من الدمار والخراب.

وأعرب عن أسفه أن بعض الدول العربية التي أنعم الله عليها بالمال تجود بسخاء لتدمير البلاد العربية الإسلامية المنكوبة.. وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن ما يهدد به صاحب التغريدات الذي يدير دولته من خلالها مجرد استهلاكات لا قيمة لها ولا اعتبار، وهي لمصلحتهم فقط، بل إن الدول الكبرى تتنازع اليوم من أجل الاستحواذ على خيرات بلادنا.

 

القضية الأولى

ولفت إلى أن العالم العربي والإسلامي نسي قضيته الأولى، القدس حيث لا يألو العدو الصهيوني جهداً في الفتك والقتل والتشريد والتدمير، حتى أنه اتّخذ وسائل وقاية تمنع الإخوة الفلسطينيين من حق العودة، والعالم من حولنا بين شامت ومتفرج.

وتناول فضيلته الدروس والعبر في قصة سبأ الواردة في القرآن الكريم خاصة جانب الشورى، لافتاً إلى أن الشورى مبدأ إسلامي ومنهج رباني، ينبغي لكل راعٍ أن يستشير أصحاب الرأي والحجا من أفراد رعيته فيما يطرأ على البلد من أمور تستدعي اتخاذ قرارات حكيمة، حتى يتحلى المجتمع بالقيم، وينعم بالرفاهية.

 

استشارة الأبناء

وأضاف " على الأب أن يدرب أولاده على الشورى من خلال استشارتهم في أمور خاصة بهم، وعليه أن يستشير زوجته في أحكام تخص الأسرة، ولا ينبغي له أن يكون استبدادياً لا يذكر المرأة إلا في إشباع رغباته الغريزية، حجته في ذلك أنها امرأة، وينسى أن القرآن الكريم أعطى المرأة القدر العالي والمكانة السامية، وأوجب لها كامل الحرية في ممارسة جميع حقوقها بضوابط الشريعة. وروى أن من الصور المشرقة في حضارتنا الإسلامية التي أعزت المرأة وأعلت من شأنها قصة امرأة أوس بن الصامت، التي سمع الله تعالى مجادلتها للنبي صلى الله عليه وسلم في زوجها {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}.. فبلقيس امرأة أفضل من مئات الرجال الذين تسببوا في دمار بلادهم وخرابها، وتهجير أبنائها، وزهق أرواحهم بسبب عُنجُهيتهم، في حرب 67 ومن عسكري كان يزين صدره بالأوسمة والنياشين، ثم لاذوا بالفرار مع جنودهم أمام امرأة كانت تتقلد منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

 

إعزاز المرأة

وأوضح أن الإسلام عزز المرأة وأكرمها، وأوجب لها الشورى حتى في قضية لربما تكون خاصة بها، وهي مسألة فطام الولد، ولم يمنح الأب الحق في إصدار القرار وحده، وإنما قال: {عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} ، وهذا غاية في التقدير، والتكريم. إن بلقيس كانت رشيدة تملك ما يسمى في عرف اليوم" التحليل السياسي" وهو دراسة ما يحل بالبلاد دراسة عميقة مستفيضة، ثم إعمال العقل فيه من خلال العصف الذهني، وبيان الآثار الإيجابية والسلبية، وبيان المالآت والخير والشر، ثم غربلة تلك الآراء والأفكار وفرز كل منها، وتصنيفها، ثم اتخاذ القرار المناسب.