أكد فضيلة د.علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه لو كانت الأمة الإسلامية متحدة في قضية سوريا لما استمرّت هذه المأساة بهذه الصورة إلى يومنا هذا، حيث يتم قتل الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ بالبراميل المتفجّرة كما يموت بالمئات غيرهم بالجوع والبرد والثلوج بعد أن تمّ تدمير مئات الآلاف من البيوت بخلاف المساجد وقد خلفت المأساة تسعة ملايين مشرّد بسبب هذا النظام الفاسد الذي لم تستطع الأمتان الإسلامية أو العربية أن تقف أمامه، مضيفًا: إن هذا مشروع خطير يحمله هؤلاء ونحن مشغولون ببعضنا البعض.

وتساءل فضيلته: متى نعود إلى الله؟ ومتى نعود إلى العقل؟ حتى رب العالمين ذكر هؤلاء اليهود فقال (أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ) وكأن الآية نزلت فينا فلا نعود إلى الدين العظيم فيُبيّن لنا الخلل فنبدأ بالإصلاح ولا نعود حتى إلى العقل في أن يقتل كل هؤلاء.

وأعرب فضيلته عن أسفه لتضرّر الأمة من خلال الفساد الذي شاع بين الكثيرين بسبب عدم قيام معظم الحكومات والعلماء والأحزاب بواجبهم نحو الإصلاح القائم على العدل، بل قام الكثيرون بالفساد والإفساد داخل بلد مثل مصر فوصلت إلى ما وصلت إليه من هذه المشاكل والمصائب.

وعلق د.القره داغي على ما يحدث في العراق فقال: لقد هجّر الملايين من كرام الناس يعيشون على فتات وشردوا وأخرجوا وقتلوا من ديارهم من قبل داعش والحشد الشعبي كأن التوزيع بينهم في القتل والكل ينتقص من أهل السنة.. وأخيرًا ما يحدث في اليمن من هذا الاقتتال الخطير من قبل فئة معيّنة محدودة ولكنها مدعومة دعمًا كبيرًا من العالم تعبث وتقتل وتجعل من اليمن السعيد بلدًا من الشقاء والتفرّق والتمزّق وبمعاونة من رئيس مخلوع أشر خان أمته وشعبه وخان الخليجيين وفعل بهم ما فعل.

وقال إن هذا هو وضع الأمة إذا لم نكن صادقين وإذا لم يكن الصلح للعدل والتقوى، كأن الإصلاح في اليمن لم يكن لله تعالى، فلو كان لله لما حدث ما حدث

وأَضاف: “إن شاء الله أعيدت البوصلة إلى مكانها الصحيح ونتفاءل الخير وندعو إخواننا في كل مكان أن يقفوا ويعلموا بأن الحرب ليست في مصلحة الجميع وندعو هؤلاء المقتتلين بأي اسم كان بأن الحرب ليست لمصلحتهم ولا في مصلحة أمتهم وإنما يثيرون فتنة كبرى والفتنة أشدّ من القتل وهكذا الأمر في كل العالم لأن هذه الأمة الكبيرة لم تطبق ما أمرها الله بهم من أن تكون هناك قوة ثالثة التي تصلح بين فئتين (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) فالخطاب ليس للطائفتين وإنما الخطاب للأمة وقوة الأمة، أي يجب أن تكون لهذه الأمة قوة وجيش لها منهج خاص لحماية هذه الأمة من خلال حلف إستراتيجي.

وأكد أنه لم يمرّ على أمتنا الإسلامية منذ فجر تاريخها إلى اليوم أزمات متنوّعة مثل هذه الأزمات والصراعات والتحديات التي تواجه أمتنا الإسلامية ومن أخطرها على الإطلاق الصراعات الداخلية والتفرّق والتمزّق الذي بلغ مرحلة كبرى وبلغ النخاع، ولا أعتقد أن الأمة الإسلامية تتحمّل أكثر من هذا التفرّق والاقتتال الذي عمّ وانتشر بين المسلمين بشكل خطير ومع هذا التفرّق والصراعات الداخليّة وهذه المحارق التي وضعت للمسلمين فيحرق بعضها ويقتل بعضها ويتقاتل بعضها، مع كل هذه المشاكل لو نعود إلى هذا الدين العظيم لوجدنا أنه جعل الصلح والاتحاد في أعلى الرتب بعد كلمة التوحيد، بل إن الله سبحانه وتعالى يريد من التوحيد أن تكون الأمة موحدة لله حتى تكون متحدة وموحدة على الأرض، فآثار العقيدة يجب أن تظهر على سلوكيات الإنسان، فما دام ربنا واحدًا وما دامت قبلتنا واحدة وما دام رسولنا واحدًا صلى الله عليه وسلم وما دامت الأسس والمبادئ الأساسيّة واحدة فيجب أن تكون هذه الأمة أمة واحدة (إن هذه أمتكم أمة واحدة) مرتين ومرة ربطها بالعبادة (فاعبدون) ومرة ربطها بالتقوى (فاتقون).

وقال: إذًا هذه الأمة هذا هو المطلوب منها وتلك رسالتها حتى تكون قدوة للآخرين حتى تكون هذه الأمة شهداء على الناس فكيف تكون شاهدة على الناس وهي مفرّقة ممزّقة يقتل بعضهم بعضًا ويتقاتلون ويتناحرون، ومتخلفون اقتصاديًا وحضاريًا وعلميًا فأنّى تكون لنا الشهادة والتبليغ والبيان والحكم على الناس بأن هذه الأمة على حق أو على باطل ونحن مختلفون هذا الاختلاف الشديد، ولذلك أمر الله في مقابل هذا التفرّق والتمزّق بالعلاج الشامل من خلال الصلح الشامل من خلال المصالحة الشاملة لكل مكوّنات الإنسان أولاً ثم لكل مكوّنات الأمة ثانيًا، صلحًا يُراد به وجه الله ويقوم على التقوى ويقوم على العدل والإنصاف، لأن أي مصالحة إذا لم تكن على أساس التقوى والعدالة والقسط فلن تنجح وتلك هي مشكلتنا الكبرى في واقعنا أن الأمة تعيش أيضًا حالة بين الظالم والمظلوم داخل هذه الأمة وبين الاستبداد والدكتاتورية وهضم الحقوق داخل هذه الأمة ومن هنا صعب النيل والوصول إلى هذه المصالحة الشاملة.