دعا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محي الدين القره داغي، المسلمين إلى تذكر قضية فلسطين، وقال إنه في ظل هذه المعمعة الكبيرة نُسيت قضية فلسطين، وما يفعله اليهود في القدس الشريف. وقال إن المجرمين اقتحموا باحات الأقصى، وأرادوا أن ينجسوا هذه الأرض الطاهرة، والعالم ساكت ومشغول بالتآمر فيما بيننا، وبضرب بعضنا لبعض.
ورأى وجوب عودة الحكومة في مصر إلى رشدها، وأن تعيد الشرعية إلى أهلها، وبعد ذلك تبدأ المصالحة الشاملة بين الجميع، وليس هناك حل آخر، وأن أعداء الإسلام لا يريدون خيراً لمصر.
وتحدث فضيلته في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة -رضي الله عنها- بفريق كليب عن تمام الإيمان، وقال: لن يتم إيماننا إلا أذا أحسسنا أننا كجسد واحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. أنا أعلم وأحس أنكم تألمتم وتألمون لما يحدث في مصر، وكذلك ما يحدث في سوريا، وأخوف ما نخاف منه مما حدث في مصر أن تستغل من قبل أعداء الإسلام لإثارة الفتنة، على رغم أن المتظاهرين ما زالوا وسيظلون إن شاء الله يعلنون أنهم ضد العنف والإرهاب، وهذا ما صدرت منهم حتى بعد الانفجار الأخير في مصر، فالجميع رفضوا هذا العمل لأنه مخالف لمبادئهم، ومنهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فقد ندد الاتحاد بالعملية لأنها قد تؤدي إلى حرب أهلية، ونحن يهمنا ألا تصل مصر إلى ما وصلت إليه الجزائر في حرب أهلية قُتل فيها أكثر من 250000 شاب وبدون نتيجة.
وعرج على الوضع في سوريا، متسائلاً هل يمكن لحكومة تدعي أنها حكومة ولها شعب أن تستعمل أسلحة الدمار الشامل ضد الأطفال والنساء والشيوخ، فما ذنبهم؟ “وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت)، ولذلك ندعو الله أن يكتب لإخواننا في سوريا الخير وكل قلوبنا معهم.
ورأى فضيلته إن العالم الإسلامي يمر – والله أعلم- بأسوأ مرحلة على مر 1400 سنة، والحكام يتحملون الجزء الأكبر من هذه المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، وأقصد بالحكام: الذين يتآمرون، ولا يفكرون إلا في مناصبهم وكراسيهم، وأما الذين يكونون مع الحق فسوف يحميهم الله سبحانه وتعالى بفضله.
وقال الأمين العام لعلماء المسلمين إننا نحتاج إلى إعادة النظر في وسائل تربيتنا، وفي وسائل تعليمنا، وفيما قمنا به من التربية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، فلا بد من مراجعة شاملة عن أسباب عدم تحقق النتائج المرجوة بأن تكون هذه الأمة كما يريدها الله سبحانه وتعالى. وأضاف “صحيح أن هناك جهودا كبيرة من خلال أعداء الإسلام من الصهاينة والصليبيين وغيرهم، ولكن هذه الجهود مهما كانت لن تستطيع أن تؤثر في هذه الأمة، إذا كانت الأمة في حد ذاتها صالحة ومصلحة، كما قال القرآن الكريم في أكثر من آية إن الشيطان، سواء كان شيطان الإنس، أو شيطان الجن، ليس له هيمنة، وليس له غلبة، وليس له قوة ولا قدرة على العباد الصالحين المخلصين”.
وشدد فضيلته على دور التربية الإسلامية التي تبدأ من الوالدين، والروضة والمدرسة والجامعة، ووسائل الإعلام، في صياغة الإنسان المسلم وعقليته، وفي صياغة داخله وخارجه.
وأشار إلى أن الإسلام أولى عناية منقطعة النظير بإصلاح هذا الإنسان، فهو قطب الرحى، الذي أعطاه الله القدرة على فعل ما يشاء ما دام ذلك في ظل إرادة الله ومشيئته، ولأنه إذا صلح هذا الإنسان فقد صلحت الأسرة والجماعة والأمة والكون، وأصبح الناس في رحمة وخير.
وقال إن القرآن الكريم يتحدث عن صلاح الإنسان وإصلاحه في أكثر من مئة وثمانين آية، ويتحدث كذلك عن خطورة فساد الداخل والخارج لهذا الإنسان في أكثر من خمسين آية، بل إن القرآن الكريم كله في حقيقته، والسنة النبوية كلها في حقيقتها، يدوران حول إصلاح هذا الإنسان، حتى يقوم بالعمل الصالح، ثم يصلح ما حوله من الإنسان، ويصلح ما حوله من البيئة.
أهداف القرآن الكريم
وذكر القرة داغي أن أهداف القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة خمسة أمور أساسية، تعتبر من أهم المؤثرات لتكوين شخصية صالحة ومصلحة، وقادرة على تحقيق الحضارة، وتوصيل الرحمة للعالمين، اقتداء برسول هذه الأمة الذي جعله الله رحمة للعالمين.
وأجمل الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين الأهداف الخمسة الأساسية في: صلاح الإنسان من الداخل، ثم العمل الصالح الذي يخرج من هذا الداخل، والذي ينبثق منه كما ينبثق النور من الكهرباء، ثم بعد ذلك بإصلاح الفساد، لأن هناك بعض الأشياء لا ينفع معها الصلاح فقط، وإنما لا بد من الإصلاح، ولا ينفع معها التوبة فقط، وإنما لا بد مع التوبة أن يكون معها الإصلاح، ولذلك نجد في القرآن أن بعض تصرفات التي تتعلق بحقوق الإنسان لن ينفع معها الصلاح، وإنما لا بد من إصلاح ما أفسده، حينئذ نحتاج إلى هدف ومقصد رابع من مقاصد الشريعة وهو إصلاح من حولك من الإنسان، لأن الإنسان مكلف بهذا الإصلاح، وحتى هو لن يستطيع أن يعيش صالحاً وحوله الفسدة والمفسدون، لأن الإنسان مدني بالطبع يتأثر بمحيطه ويتأثر بداخله وبأسرته وبرفقائه ومجتمعه وأمته، فمن هنا يجب أن يقوم بعملية الإصلاح من خلال النصيحة، ومن خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم تتجاوز هذه الأهداف والغايات والمقاصد إلى أمر خامس وهو إصلاح ما حوله من البيئة.