جريدة الوطن – الدوحة   

كتب– كرم الحليوي

 قال الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن قطر مقبلة من خلال شركتين للصكوك على إصدار الصكوك الإسلامية التي تتوافر فيها الشروط الشرعية وتحاول أن تزيد من محسنات ومحفزات لهذه الصكوك شرعياً وتسويقياً وقد أسفرت حتى الآن عن 4 مليارات من الصكوك.. وطالب الدكتور القره داغي في تصريحات خاصة لـالوطن على هامش ندوة للصكوك الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة بضرورة صدور قانون في قطر ينظم عمل الصكوك الإسلامية، مشيراً إلى أن كل البنوك التقليدية استطاعت أن تضبط نفسها من خلال هذه القوانين لأنه لو وجدت القوانين لن نجد هذه الاختلافات الكثيرة من الفتاوى، وفرضاً لو صدر قانون ووضع مجموعة من الضوابط القانونية الملزمة للجميع لا يمكن لأي صك ولا لأي منتج إن يخرج عن الأطر الشرعية. وبالتالي الحل الأساسي للقضاء على المنتجات الرديئة والفتاوى الرديئة التي تطرد الفتاوى الجيدة حسب نظرية ابن هشام، هو إصدار قوانين مفصلة وجيدة ومدروسة تعالج هذه القضية وتستفيد من الخبرات السابقة. حاجة مجتمعاتنا للتوعية وأضاف الدكتور القره داغي أن مجتمعاتنا الإسلامية ما تزال تحتاج إلى مزيد من الوعي ورغم أن هناك نسبة جيدة لديها وعي إلا أن هناك نسبة كبيرة ما تزال تقول لا يوجد فارق بين البنك الإسلامي والبنك الربوي، حتى بين المثقفين يقولون لا يوجد فارق بين الصكوك والسندات، بينما الصكوك تمثل حصة من المشروع، بينما السندات دين ومع ذلك يقولون لا يوجد فروق ولذلك نحتاج إلى مزيد من الوعي في هذا المجال. ويؤكد الدكتور القره داغي أن الإعلام عليه دور في هذا وخطباء المساجد عليهم دور ولو وجد الوعي لقطعنا الطريق على المنتجات الرديئة، قائلاً لو أن مستخدم هذا المنتج يعلم أنه غير مقبول إسلامياً لن يقبل عليه، لكن الأزمة أن هناك من العملاء من يوقع على عقود حتى دون قراءتها ثم يأتي بعد ذلك يقول لك لقد التزمت لكن لدي مشاكل الآن وهذا نتيجة عدم الوعي. مشيراً إلى أن الوعي في مجال استخدام الأدوات المالية الإسلامية مطلوب، قائلاً إنه حتى المدارس وكافة المؤسسات التعليمية لابد أن يكون لها دور في توعية المجتمع بهذه الأمور لأنه يندرج في قضايا الحلال والحرام في ديننا الحنيف، ولذلك أرى أن تكون هذه التوعية من الروضة والمدرسة والبيت والمسجد والإعلام إلى أن تكون أمتنا على وعي بما هو الصحيح من غير الصحيح. تجارب عالمية وأوضح الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الصكوك الإسلامية هي أوراق مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله. مشيراً إلى أن الصكوك الإسلامية قد بدأت منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وكان لي شرف المساهمة في الصكوك الأولى التي صدرت في ماليزيا، وغيرها ووصلت اليوم إلى مليارات الدولارات، وشملت معظم بلاد العالم، بل يتوقع أن يصل حجمها في عام 2015 إلى ثلاثة تريليونات دولار . وقال الدكتور القره داغي إن وزير الخزانة البريطاني السابق عام 2007 اقترح إصدار صكوك إسلامية لتمويل الميزانية العامة للدولة، ولحل مشكلة العجز الذي وصل فيه الدين الحكومي إلى سبعين مليار دولار، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية الصكوك الإسلامية ودورها في تمويل البنية التحتية والعجز المالي. وأضاف إن رئيس وزراء بريطانيا الحالي (كاميرون) يعلن في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي بلندن في 30 أكتوبر 2013 أن بريطانيا ستصبح أول دولة غير مسلمة تصدر صكوكاً إسلامية، وتنشئ مؤشراً إسلامياً ببورصة لندن، ويأمل أن تصبح رائدة وعاصمة للاقتصاد الإسلامي. وأوضح الدكتور علي القره داغي لـ الوطن أن السوق المالية الإسلامية تحتاج حاجة ملحة لإصدار صكوك الاستثمار الإسلامية، حيث إنها تساعد على النهوض بالاقتصاد الإسلامي نظرياً وعملياً، فهي استكمال لبقية الآليات والأدوات الاقتصادية التي يتطلبها الاقتصاد الإسلامي، كما أن المؤسسات المالية الإسلامية أحوج ما تكون إلى هذه الأدوات لتحقيق مقاصدها المتنوعة، كما أن هذه الأدوات الاستثمارية تساعد الدولة في تغطية عجز ميزانيتها. وأشار إلى أن وجود هذه الصكوك الاستثمارية يثري السوق المالية الإسلامية لأنها الطرف المكمل للأسهم، معتبراً تلك الصكوك من أهم الوسائل لتنويع مصادر الموارد الذاتية وتوفير السيولة للأفراد والمؤسسات والشركات والحكومات، كما أنها تساعد الأفراد علي توفير مدخراتهم الصغيرة وتجميعها وتثمينها. التجربة القطرية وأضاف الدكتور القره داغي أن هذه الصكوك الإسلامية حققت لدولة قطر خلال السنوات العشر الأخيرة نمواً اقتصادياً هائلاً وتنمية شاملة في مختلف المجالات البشرية والمالية، حيث قامت قطر في عام 2003 بإصدار صكوك إسلامية قيمتها 500 مليون دولار ومدتها سبع سنوات، عن طريق بيت التمويل الكويتي. مشيراً إلى أن التجربة الماليزية أيضاً تقوم على أساس القانون الصادر من البرلمان عام 1983 تحت اسم قانون الاستثمار الحكومي، ولكنه مع الأسف الشديد لم يركز على الاستثمار بمعناه الشرعي القائم على المشاركة في الربح والخسارة والغرم والغنم، وإنما يقوم كما قال احد المسؤولين بالبنك المركزي الماليزي على أساس القرض الحسن. وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن هناك أسباباً مطلوبة لنجاح هذه الأدوات منها أن تصاغ هذه الصكوك صياغة شرعية وفنية متقنة تراعى فيها كل العناصر الفنية المشروعة الموجودة في السندات، إضافة إلى الضوابط الشرعية، وان تعاون البنوك والشركات والمؤسسات المالية بعضها مع بعض، وكذلك مع حكومات الدول الإسلامية، ومع المؤسسات المالية الأخرى لإنشاء سوق مال إسلامية لتكون بمثابة الرئة لهذه المؤسسات، والسعي الحثيث لدى الحكومات وبالأخص المصارف المركزية لإصدار قوانين ولوائح منظمة للصكوك الإسلامية، وذلك لحماية حقوق الأطراف جميعها، وإيجاد معايير دقيقة للمحاسبة وبالتالي وجود رقابة منظمة من جانب المصارف، عدم حصر التداول على فئة معينة، التوعية الجماهيرية من خلال الإعلانات الجيدة المؤثرة، والتسويق الجيد القائم على فن التسويق المعاصر، فضلاً عن حرص المؤسسات الإسلامية على إنجاح المشروع.