كتب – إبراهيم بدوي:
أكد الشيخ الدكتور علي القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن ظاهرة الخوف من الإسلام المعروفة بـ “الإسلاموفوبيا” والتي تهيمن على مجريات الأحداث من حين لآخر تقف وراءها جماعات يمينية متطرفة من الصهاينة المتشددين ممن يستغلون جهل البعض بالإسلام لافتا إلى دور السفارات والبعثات الدبلوماسية المهم في نقل الصورة الصحيحة للدين الإسلامي إلى الشعوب الأخرى.
واعترف د. القره داغي في لقاء خاص مع “الراية” بعدم كفاية الجهود المبذولة في نقل الصورة الصحيحة للإسلام وعدم القدرة على التعامل مع العقلية الغربية التي لا تفهم إلا لغة المصلحة مشددا على الدور المهم الذي يجب أن تقوم به المراكز الثقافية في سفارات وقنصليات الدول الإسلامية بجميع أنحاء العالم لدحض هذه الظاهرة وتحقيق التواصل الفعال مع الشعوب الأخرى من خلال التعارف والحوار.
وعن هيمنة مفهوم الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام على مجريات الأمور واعتلائها أجندة القمة الإسلامية بالقاهرة الشهر القادم قال إن مصطلح الإسلاموفوبيا يثار بشكل كبير في العالم منذ فترة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث تم استغلال هذه الحادثة للتخويف من الإسلام على الرغم من أن مبادئ الاسلام في القرآن والسنة هي مبادئ اطمئنان وليست تخويفا “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” كما أنه من الناحية الواقعية فإن ممارسات المسلمين مع غير المسلمين لم تتسم أبدا بفكرة التذويب أو الصهر في بوتقة الإسلام وتركوا الناس أحرارا يمارسون شعائر دينهم بكل حرية ولنا مثل في أقباط مصر حين دخل الإسلام إلى أراضيهم كفل لهم حرية العبادة وممارسة شعائر دينهم في جو من التآخي والمحبة التي أمرنا بها الإسلام مع أهل الكتاب والناس جميعا.
وأوضح أنه بالمقارنة بما حدث في الأندلس نجد أنه خلال فترة وجيزة لم يبق هناك مسلم واحد بعد حملات واسعة من التنصير والتهجير والإبعاد والحرق وهذا تاريخ واضح للجميع وأيضا ما فعله الصرب في مسلمي البوسنة والهرسك، كل هذا حدث على مرأى ومسمع من العالم ولم نسمع أحدا يتحدث عن النصرانيوفوبيا أو المسيحيوفوبيا ولم يتخوف أحد على نفس الطريقة التي يروج بها ضد الإسلام.
وعن استهداف الإسلام على وجه الخصوص دون الديانات الأخرى أكد أن القضية تسيطر عليها جماعات متطرفة تحض على كراهية الدين وتؤجج العنصرية الدينية، والصهاينة لهم دور ومصلحة في هذا المجال لأن انتشار الإسلام ووجود العلاقات الإيجابية بين المسلمين وغيرهم من الشعوب خاصة الأوروبية ليسا في مصلحتهم وهذا ما أكدته الإحصائيات التي سبقت 11 سبتمبر حين أشارت إلى أن 67% من الأوروبيين يكرهون اليهود فأرادوا أن يقلبوا هذه العداوة إلى الإسلام.
وحول الدور الذي يقوم به الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لمواجهة هذه الظاهرة قال إن هناك العديد من الخطوات العملية التي نقوم بها بالتنسيق والتواصل الدائم مع بعض الجمعيات الأساسية المهمة حول العالم مثل المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث ومنظمة كير الأمريكية وأيضا المراكز الإسلامية بجميع الدول ونحاول أن ندحض هذه الفكرة من ناحيتين من ناحية الكتب والمجلات والمقالات ووسائل التواصل الاجتماعي باللغات الممكنة وأيضا من خلال الندوات والمؤتمرات مثلما حدث في السويد والنرويج وبعض المناطق الأخرى.
واعترف د. قره داغي بأنه رغم هذه الجهود إلا أنها غير كافية وتتطلب تضافر جهود دولية أكبر ومشاركة فاعلة من كافة المراكز الثقافية بسفارات وقنصليات دول العالم الإسلامي وتحقيق التواصل بينها وبين الشعوب الأجنبية لنقل الصورة الصحيحة عن الإسلام وتوضيح الحقائق وقيمة التعارف والتفاعل المباشر مع الشعوب الأخرى لأننا في كل مره نتعامل مع أي مجموعة من الأجانب ممن لديهم أفكار مغلوطة عن الإسلام نجدهم يتراجعون عن فكرهم السابق ما يؤكد أن مشكلتهم الحقيقية تكمن في عدم المعرفة وهذا دورنا ان نتواصل معهم ونخبرهم بالحقائق حول ديننا.
وأكد أن الغرب لا يفهم إلا رسالة المصلحة وعلينا أن نبعث إليهم برسالة مفادها أن مصلحتكم أيها الغربيون في التعارف والحوار وليس في التناحر والعصبية.
وأشار إلى أن الاتحاد العالمي يقوم في الفترة الحالية بالإعداد لمؤتمر دولي على مستوى كبير لبحث الآليات والسبل اللازمة لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا وإيجاد وسائل جيدة للتعارف بين الدول والشعوب بدلا من أن يكون هناك تناحر وتطاول لأن هذا لا ينفعنا وإنما يزيد التوتر والكراهية.
وعن ردود الأفعال بعد الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم أكد أمين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن هذه الأفلام لا تمثل غالبية الشعوب الأوروبية أو الحكومات الغربية وإنما وراءها فئة قليلة وتكون أعمالها مؤثرة للغاية في نفوس المسلمين وهذه الفئة عبارة عن طائفة من اليمينيين المتشددين والصهاينة المتطرفين في الغرب كما تقف وراءها أفكار نازية تحض على كراهية الشعوب وهذا ما حدث في نيويورك حين قذفوا بهندي بوذي تحت عجلات المترو لا لشيء إلا لأنهم دعاة كراهية وعنصرية.
وعما يجب أن يفعله المسلم للرد على تلك الأعمال المسيئة قال د. القره داغي إن الاتحاد العالمي نشر موقفه من الرسوم والأفعال المسيئة للإسلام وكان موقفا معتدلا بأنه لا يجوز أن نواجه الخطأ بخطأ ولا يجوز أن نحمل شخصا ما لا يتحمله.