أشار فضيلة الشيخ د.علي محي الدين القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن السوريين الأبطال لم يألوا جهدا وهم لا يزالون يتقدمون، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يصدر لنا ضعف الخارج في دعم الداخل.
واستنكر فضيلته دور حزب الله في القتال مع نظام الحكم في سوريا وقال إن ما يسمى بحزب الله لو كان صادقا لوجه أسلحته إلى إسرائيل. وتحسر فضيلته على ما يجري بقوله: إذا كنا نحن في هذا البلد الطيب وفي هذه الظروف الطيبة المباركة، التي سهل الله لنا كل شيء، إذا كنا بهذه الحالة فكيف بحال أطفال سوريا، الذين شردوا بعشرات الآلاف، وقتل منهم الكثير وعذب منهم الكثير، حتى أخرجوا أظافرهم في البداية وهم صغار، حينما رفعوا شعارا بالمطالبة بحقوقهم.
وذكر أنه مرت أكثر من سنتين وستة أشهر والحرب مشتعلة بكل الأسلحة الثقيلة، وبكل ما أمكنه هذا النظام من تجميع الأسلحة خلال أربعين سنة حتى توجه نحو هذا الشعب، مع ذلك لم يكتف بذلك، وهذا دليل بأن الشعب السوري في معظمه ليس مع النظام وإنما استعان النظام بهذا الحزب الذي كان يدعي أنه أنشئ لأجل محاربة إسرائيل، وإذا بإسرائيل تقصف سوريا، وما يسمى بحزب الله يأتي فيضرب السوريين، ولو كان صادقا لوجّه أسلحته نحو إسرائيل.
مجرمون جميعاً
ونفى القرة داغي في خطبة الجمعة أمس -بجامع السيدة عائشة بفريق كليب- أن يكون ما يقوم به النظام السوري وحزب الله حربا للمشروع الأميركي، وقال: هؤلاء المجرمون جميعا من نظام الأسد وشبيحته وهؤلاء المجندون المجرمون الذين أتوا من الخارج، وأهل الضلالة والباطل، لا يحاربون المشروع الأميركي، وهم يحاربون الشعب السوري الأعزل، ويدخلون دولة أخرى جهارا نهارا مع أنه ممنوع في كل القوانين الدولية والأعراف الدولية، مع ذلك يتفاخرون والدول العربية يجبنون ولا يستطيعون حتى أن يعطوا السلاح أو المشاركة الفعلية.
أبطال القصير
وعلق فضيلته على ما جرى في مدينة القصير قائلا: الثوار، الذين يخرجون من القصير، وذلك لأنهم لم يكن لديهم الأسلحة الكافية أمام كل هذه الأسلحة من الطائرات والدبابات والمدافع والميليشيات، صمدوا أكثر من شهرين في مدينة واحدة، يا لها من بطولة! ولم تستسلم القصير إلى الآن استسلاما كاملا، وإنما ما زالت فيها الحرب مشتعلة بين هؤلاء المجرمين الذين أتوا من الخارج وهؤلاء الأبطال الذين ما زالوا بانتظار المدد من الأسلحة.
الأمة آثمة ومقصرة
واعتبر أن الأمة آثمة ومقصرة، ولاسيَّما هؤلاء الذين لهم القدرة والإمكانية، وقد تبين تماما المؤامرة الدولية والمؤامرة الكلية على هذا الشعب المسكين، حتى يحطم تماما، ويتحقق مقاصد إسرائيل، وتبقى سوريا ممزقة، وتبقى الأمة ممزقة مشغولة بنفسها، وتبقى إسرائيل قوية في كل المجالات، لأن العالم الإسلامي اليوم ليس لديه مشروع، وهؤلاء لهم مشروعهم، والصهاينة لهم مشروعهم، وكأن التأريخ يعيد نفسه كما كان أيام نور الدين زنكي وصلاح الدين، فكان هناك مشروع للصليبية ومشروع للباطنية الذين كانوا يحتلون مصر والمغرب العربي.
الأمر جد خطير
وقال فضيلته إن الأمر جد خطير، ولا يمكن أن تبقى الأمة بهذه الحالة، لأنها مؤذية، ومؤذنة بخطر كبير وهلاك كبير لا يعلمه ولا يدركه إلا القليل.. لذا نحن نحملهم المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، وهذه الدول التي تدعم النظام سوف تنال جزاءها في الدنيا قبل الآخرة ولاسيَّما روسيا وإيران وما يسمى بحزب الله الذي تقف مع هذا النظام الظالم ضد شعبها.
مسؤولية الآباء والأمهات
وتحدث القرة داغي في الخطبة عن مسؤولية الآباء والأمهات قائلا: جعل الله سبحانه وتعالى مسؤولية الآباء والأمهات، ومسؤولية الأخوة الكبار والأخوات الكبيرات، مسؤولية مزدوجة، مسؤولية عن أنفسهم، ومسؤولية كذلك عمن في أيديهم من الأولاد من البنين والبنات وكذلك من الأخوة والأخوات، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، موجها هذا الخطاب لكل من آمن به إيمانا حقيقيا، فيقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، هذه الآية الكريمة تدل دلالة واضحة، ودلالة قطعية، على أنه يجب على كل من يؤمن بالله إيمانا حقيقيا، أن يسعى لتحقيق هدفين عظيمين، وليس لتحقيق هدف واحد، لذلك بين الله أن هذين الهدفين العظيمين هما هدف حماية الأنفس وهدف حماية الأهل والأولاد وكل من يقع تحت إدارة الإنسان داخل البيت، ويجب على الإنسان المسلم سواء كان أبا أم أما أم أخا كبيرا أم أختا كبيرة، كما يحافظ على نفسه ويقي نفسه من المنكرات والمحرمات أن يسعى جاهدا بكل ما في وسعه لوقاية الأولاد والأخوة والأخوات من الوقوع في المحرمات والمنكرات.
كلكم راع
وأضاف أن هذا ما بيّنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وشرحه شرحا مفصلا واضحا، في أن هذه المسؤولية، مسؤولية أمام الله حيث يقول (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته) هذه المسؤولية هي المسؤولية الذاتية، المسؤولية الإيمانية، ليست مفروضة من القوانين ولا من الحكومات، وإنما مفروضة من عند الله على كل من يؤمن بالله حقا، وبرسوله صدقا وعدلا، بأن يسعى بكل ما في وسعه إذا أراد أن يكتمل إيمانه، فإن إيمانه لن يكتمل إلا بتحقيق هاتين الحمايتين والرعايتين وتنفيذ هاتين المسؤوليتين عن النفس وعن الأهل وعن الأولاد.. فالله يسألنا يوم القيامة حينما نقف بين يديه فردا فردا، بعدما ينتهي الأسئلة عما يتعلق بالإنسان مباشرة، يسأل الله عما فعلنا بمن في أيدينا ولاسيَّما الأولاد، فالله سائلنا ونحن مسؤولون عما يقعون فيه، ولاسيَّما بالنسبة للأطفال الصغار، ومسؤولون عن ملء قلوبهم بالخيرات، وملء أفكارهم وتصوراتهم بالعقيدة الصحيحة والأخلاق الفاضلة، وأن يكون لديهم البعد الإيماني والبعد العقدي الصحيح، والحماية العقدية لتحميهم من الوقوع في المنكرات، فإذا قام الإنسان بواجبه منذ الصغر، بأن يجلس مع أولاده وأبنائه جلوسا حقيقيا للمدارسة والمذاكرة، ويقوم بواجبه، فإن الله لا يضيع ولن يضيع أجر من أحسن عملا، فإذا ضاع عملنا فهذا دليل على أن عملنا لم يكن حسنا ولم يكن محسنا، وإلا فإن وعد الله حق، فإذا بذلت كل جهدك ونصحت نصيحة وأخذت بكل الوسائل المعاصرة والقديمة بالتربية والتزكية والتحصين فإن الله يوفقك لأن يكون أهلك صالحين وأولادك صالحين، وحتى إذا أنت قمت بهذا الواجب ثم بعد ذلك ظهر الولد سيئا، فإنك قد أديت الواجب، ونصحت، حينئذ لم تكن مسؤولا أمام الله لأنك أديت هذا الواجب.