بسم الله الرحن الرحيم

  الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

وبعد

فإن الحديث عن  خاتم النبيين ، وأعظم الرسل أجمعين ، والرحمة المهداة إلى العالمين صلى الله عليه وسلم ليس كالحديث عن أي شخص آخر ، لذلك فإن الكلمات مهما كانت فصيحة ، والجمل مهما كانت بليغة ، والنثر مهما كان رائداً ورائعاً ، والشعر مهما كان حكيماً ورقيقاً ، والأدب مهما كان ساحراً ـ عاجزة عن بيان ما يجب بيانه حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك نحاول أن نعبر عن عظمته صلى الله عليه وسلم من خلال الكلمات الربانية التي وصفت هذا الرسول العظيم ، حيث يقول تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )[1] ، وإعطاء الله بعض صفاته له فقال تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )[2] .

  بل إن الله تعالى قد شهد له شهادة ما بعدها من شهادة فقال تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[3] وزاكه في ذاته المباركة فقال تعالى : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى )[4] وزكاه في لسانه وأقواله فأتاه وحي مقدس فقال تعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ   يُوحَى )[5] وزكاه في علمه الذي تعلمه فقال تعالى : ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى )[6] وزكاه فيما رآه قلبه فقال تعالى : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)[7] وزكاه في بصره ورؤيته فقال تعالى : ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)[8] .

  ونحن نحاول هنا أن نتحدث عن رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم وسماحته وتسامحه مع الناس أجمعين ، ورحمته للحيوانات بل للكون أجمع في ثلاثة مباحث يكون المبحث الأول في بيان رجمته بالانسان مسلماً كان أو كافراً ، والمبحث الثاني في رحمته بالحيوانات ، والثالث في رحمته بالكون كله ( البيئة ) .

  والله وحده أسأل أن يوفقني لأداء جزء من حقوق رسولنا الكريم الحبيب عليّ الذي جعله الله تعالى سبباً لانقاذنا من الكفر والشرك والشهوة الحيوانية ، ولهدايتنا إلى المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ زائغ .

   


 

([1])  سورة الأنبياء / الآية  107

([2]) سورة التوبة / الآية  128

([3])  سورة القلم / الآية  4

([4])  سورة النجم / الآية 1-2

([5])  سورة النجم / الآية  3 – 4

([6])  سورة  النجم / الآية 5

([7])  سورة  النجم / الآية 11

([8])  سورة  النجم / الآية 17 – 18