إن عدم ضمان رأس المال يعد مشكلة في ظل النظام الربوي الذي تربى عليه الناس منذ عقود ، بل قرون عدة ، فالذين تعودوا التعامل مع البنوك التقليدية يريدون ضمان أموالهم عندما يدعونها لدى البنوك الإسلامية ، وكذلك يسعى بعض المسؤولين عن بعض البنوك الاسلامية لضمان أموالها .
الجواب عن ذلك :
إن عدم ضمان رأس المال في الاستثمارات يعتبر من أهم المبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الاسلامي في الاستثمارات حيث لا يضمن المضارب ، أو الشريك إلاّ في حالات التعدي أو التقصير ، أو مخالفة الشروط .
بعض البدائل المحققة :
مع أهمية الحفاظ على المبدأ السابق فهناك بعض الاجراءات إذا اتخذت يمكن أن تؤدي إلى تخفيف هذه المخاطر ، وتوفير نوع من جوّ الأمان والاطمئنان ، وهي بايجاز شديد كالآتي :
1) الدراسات ، والمعلومات ، والضمانات الكافية لحالات التعدي ، او التقصير ، أو مخالفة الشروط .
2) ضمان طرف ثالث ـ كما صدر بذلك قرار رقم 30(3/4) من مجمع الفقه الإسلامي الدولي حيث نص على أنه : ( 9. ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به، بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد) .
3) الوكالة بالاستثمار مع تحديد جهة التعامل وطريقته ، مع حق البيع على النفس في فترة وجيزة ، فهذه الطريقة لا تؤدي إلى الضمان ، ولكن تقلل فترة تحمل المخاطر.
4) دراسات الجدوى الاقتصادية ـ كما سبق ـ فهي ليست ضماناً ، ولكنها قرينة قوية تجعل العميل المدعى للخسارة ، او لعدم تحقيق الربح المتوقع حسب الدراسة في محل الشك والريبة ، وحينئذ يكون عليه الاثبات لما يدعيه بالبينة ، إلاّ إذا كانت هناك أسباب ظاهرة واضحة تدل على تحقيق الخسارة ، أو عدم تحقيق الربح .
5) التحوط من تقلب أسعار العملات ، فالنقود الورقية السائدة اليوم أصبحت عرضة لتذبذب كبير ، ولا سيما بعد تحريرها من الغطاء الذهبي ، حتى أصبحت التقلبات في الأسعار احدى السمات البارزة في الاقتصاديات المعاصرة .
لذلك تحتاج المؤسسات المالية الاسلامية إلى نوع من التحوط ولا سيما في العقود التي تترتب عليها أثمان آجلة ، حيث يهدف التحوط إلى السيطرة على التقلبات غير المرغوب فيها في الأسعار بصورة عامة ، وفي النقود بصورة خاصة .
حكم التحوط :
التحوط بالنسبة للسلع ، أو الأسهم جاز حيث يمكن تحقيقه عن طريق عقود آجلة موازنة ، سواء عن طريق البيع الآجل ، أو السلم ، أو عقد الاستصناع .
وإنما الاشكالية في النقود ، جيث لا يجوز بيع جنس واحد ( ريال قطري مثلاً ) بجنسه إلاّ يداً بيد ، وسواء بسواء دون زيادة ، وإذا اختلف الجنسان ( ريال بدولار ) فلا بدّ من تحقق شرط القبض في المجلس ، كما صدرت بذلك قرارات المجامع الفقهية ، تعطى لهذه النقود الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث الربا ، والزكاة ونحوها ، ومن هنا فالتحوط الذي يجري في المؤسسات المالية التقليدية هو مواعدة ملزمة من الطرفين يحددان فيها كل ما يريدانه دون تحقيق القبض في المجلس للبدلين ، وبالتالي فهو غيرجائز في النقود بالاتفاق .
والحل هو : أن يتم عن طريق وعد واعد من طرف واحد ، أو عن طريق عقود آجلة موازية من حيث الزمن والكمية للسلع بنفس العملات التي يحتاج إليها البنك .