مباشر (جريدة كويتية إلكترونية): دعا فضيلة الشيخ الدكتور علي محي الدين القره داغي
إلى الاحتجاج بكل وسائل الضغط المشروعة لوقف الجدار الفولاذي لمحاصرة غزة. وقال في
خطبة الجمعة بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب: لا يجوز أن نكتفي بالدعاء فقط رغم
أهمية الدعاء لكن لابد أن تكون لنا مواقف ومن هذه المواقف إرسال الرسائل
الالكترونية بكثافة الى المسؤولين المصريين وفي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر
الاسلامي وكل المنظمات التي تدافع عن حقوق الانسان.
وذكَّر القرة داغي بما تناوله في الخطبة السابقة عن مكونات الأمة التي كما بينا
تتمثل في مجموعة من البشر لهم غايات واحدة وأهداف واضحة يتعلقون بأرضهم وديارهم
وبلغتهم، وهناك مجموعة من الروابط تجمع بينهم وبالنسبة للأمة الاسلامية فقد قلنا إن
هذه الروابط هي عبارة عن القيم العقائدية والاخلاقية والسلوكية لهذه الأمة، مميزات
ذكرناها كذلك في الخطبة السابقة وفي هذه الخطبة إن شاء الله سنتحدث عن واجبات هذه
الأمة وعن حقوقها لأن الأمة ليست مجرد كلمة سهلة تقال أو مجرد خطبة تلقى، وإنما هي
عبارة عن حقوق وواجبات، عن كل ما يجمع هذه الأمة في وقت السراء والضراء، في المنشط
والمكره، في حالات الغنى والفقر بحيث تكون كالجسد الواحد كما قال الرسول صلى الله
عليه وسلم في تصوير هذه الامة تصويرا دقيقا رائدا ورائعا يقول فيه صلى الله عليه
وسلم في حديث صحيح متفق عليه”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد
الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، فجسم الانسان يا
سبحان الله إذا أصيب عضو منه بشيء لا يعرف طعم الراحة حتى يهدأ هذا الألم أو يعالج
هذا العضو أو يسكن هذا الألم، هكذا ينبغي أن تكون الأمة في صورتها العادية بل إنه
وأمام الأعداء لم يكتف بأن يكونوا جسدا واحدة بل يدا واحدة وصفا واحدا كما قال صلى
الله عليه وسلم ” هم يد واحدة على من سواهم”.
وأكد أن قضية الأمة الواحدة هي الأساس ولذلك ركز القرآن الكريم عليها تركيزا شديدا
كما قلت في الخطبة السابقة في 64 آية ومن هذه الآيات التي تتحدث عن الحقوق بين
مكونات هذه الأمة أفرادا وجماعات يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء، ثم
يقول سبحانه وتعالى حينما يمضي زمن وتتفرق هذه الأمة فيبين الأسباب والأسس لهذه
الفرقة والتي هي أسس لا يرضاها الله تعالى.
هذا الأمر الأساسي أمر الوحدة أمر الجماعة أمر المصالح العامة أمر العقيدة الموحدة
والموحدة التي يقطعونها ويجزئونها الى كتب وأوراق متناثرة، وجزاؤهم حين إذ في
الدنيا العذاب وفي الآخرة يرجعون الى الله سبحانه وتعالى، وفي سورة المؤمنون كانت
الآيات أكثر وضوحا في خطورة التفرق على أساس الحزبية والجماعات . وقد بين الله
سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن هذه الامة تقوم على عنصرين أساسيين عنصر العبودية
لله سبحانه وتعالى عبودية خالصة لوجهه والعنصر الثاني عنصر التقوى والتي تشمل كل
الاضرار والمخاوف التي تصيب الأمة الاسلامية فهؤلاء كلهم يتقون، وعلماؤنا الكرام
يقولون إذا حذف المفعول به في الفعل المتعدي يراد به العموم أي أيها الأمة الواحدة
“فاتقون” أي فاتقوا الله سبحانه وتعالى فكل ما له اثر سلبي للفرد أو للمجموعة يدخل
في هذه التقوى فإن المؤمن يكون في مثل حالة استنفار ان صح هذا التعبير خوفا من أن
يتكلم كلمة يترتب من خلالها افساد، لا يعمل عملا يترتب عليه اضرار فيكون دائما في
حالة الحذر الشديد والاستنفار الشديد والخوف الشديد لوحدة هذه الأمة لأنه من الخطر
الشديد تفرق هذه الأمة، فإذا دب التنازع فحينئذ سنفشل لا يكون لنا قيمة لا يحسب أحد
لنا حسابا كما هو حالنا اليوم فأضعف الدول وأقلها مستوى لا تحسب لهذه الامة أي حساب
وللأسف الشديد. انظر مثلا لما يحدث في غزة وما يسمى بقافلة شريان الحياة حوالي 1000
شخصية 90 % منهم غير مسلمين ومعظمهم من أوروبا وأمريكا ويترجون ويطمئنون بأنهم لا
هم لهم الا رفع هذا الحصار على غزة فالصورة أن غير المسلمين يترجون المسلمين لاغاثة
مسلمين فتنهال عليهم الشروط فهذا الطريق ممنوع!! وهذا الطريق لا نوافق عليه وهذا
الطريق بامكانكم أن تمرروا منه الشاحنات وهكذا يدخلونهم في دوامة من الشروط
والعوائق بدون سبب!!! فبدل أن تكون القافلة والمساعدات التي تحملها تكون قد دخلت
منذ اسبوع تقريبا فتغير هذا الموعد الى 3 من يناير والحذر الحذر فأي تأخير عن
الموعد المحدد عن فتح المعبر قد يلغي دخول هذه القافلة نهائيا، فلا نستغرب من أولئك
أي شيئ فبالله عليكم من سيحترم هذه الأمة وهي على هذه الحالة.
واضاف لن أنسى قولة هلموت كول المستشار الألماني السابق عندما اقترح بتوحيد
الألمانيتين فرفع تقريرا للبرلمان يكلف هذه الوحدة في البداية بحوالي 70 مليار
دولار فاعترض البعض على ضخامة هذا المبلغ فرد كول على هذه الاصوات ان قيمة ألمانيا
بوحدتها فلوصرفنا كل ما نملك على هذه الوحدة فنحن الذين سنربح وسترون هذا في أقرب
الأوقات وبالفعل وبعد سنوات معدودة تحولت ألمانيا بوحدتها الى دولة عظمى وهي التي
تقود الاتحاد الاوروبي مع فرنسا وهي أقل الدول الاوروبية تضررا من الأزمة المالية
الاخيرة.
ونحن كمسلمين عرب وجيرة وشعب واحد فغزة ولوقت قصير كانت تابعة للادارة المصرية
ومدينة رفح هي في الحقيقة مدينة واحدة قسمتها هذه الحدود المصطنعة انظر الى هذه
المفارقات العجيبة ومن هنا حقيقة أنا فهمت هذا الحذر الشديد من قوله تعالى في كتابه
العزيز، فهذه التقوى والهذا الخوف وهذا الاستنفار لأنه يترتب على التفرق مخاطر
كبيرة جدا ثم يهدد الله سبحانه وتعالى ويهدد تهديدا شديدا. إن هؤلاء الذين لا
يحافظون على وحدة الأمة الذين لا يتقون الله سبحانه وتعالى في هذه الامة في حقوق
الأمة، بل إن هؤلاء لا يشعرون ليس لهم أي شعور تجاه ما يضر وينفع هذه الامة فلوكان
لهم شعور واحساس مصلحة دينهم تقتضي ذلك كما أن مصلحة دنياهم تقتضي ذلك أن نكون
محافظين على حقوقنا وعلى كرامتنا وإلا نكون فضيحة أمام الآخرين ثم بين سبحانه
وتعالى حقوق الأمة في نفس الآية الكريمة، فهؤلاء هم الذين يستحقون أن يعجل لهم في
الخيرات أما الذين يفرطون فرب العالمين لا يسارع لهم في الخيرات أبدا بل يسارع لهم
بالشرور والمفاسد. فلذلك أيها الاخوة الكرام واجبات الامة، حقوق الأمة الكلمات
رنانة فكل الناس يقولون الامة العربية الامة الاسلامية وكلهم يقولون: اخواننا
الفلسطينيون، لكن أين الحقيقة أين نحن من هذه الآية وخاصة ما تعلق بالحفاظ على
الوحدة والانفاق للآخرين من اخوانك بهذه الصورة تعطي كل ما آتاك الله وأنت خائف
هكذا كانوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك سجل الله لهم الشهادة بأن
الله قد رضي عنهم أين نحن الآن من هذا أيها الاخوة الكرام والله العظيم إنني حين
قرأت هذه الآية شعرت بالخجل من نفسي واخجل من امتي التي وصلت الى هذه المرحلة. إننا
بدل أن نضحي بكل شيئ في سبيل اخواننا فنذهب ونحاصرهم بجدار فولاذي لنسد عليهم حتى
هذه الانفاق التي هي بمثابة شريان الحياة لهؤلاء المحاصرين فماذا يعني ذلك؟ يعني
ذلك بكل بساطة أن المليون ونصف يموتون، أين نحن من قول النبي “كالجسد الواحد” أين
احساسنا خاصة لمن هو قادر.
ولذلك نحن قلنا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن هذه جريمة (بناء الجدار
الفولاذي) وانه حرام وحرام وحرام وكل من يساهم فيه من عمال ومهندسين وسائقين وغيرهم
كلهم مجرمون وشركاء في الجريمة وهم آثمون وهذه فتوى من الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين.
وهذا العمل الخطير فهو يقترب من موالات الكفار الذي يخرج من الملة ونحن في الاتحاد
لم نصل الى هذا الحد في فتوانا ولكننا نقول إن الذي يحدث من قبل السياسيين المصريين
يدعو الى الغرابة والشعور بالجنون كما قال بعضهم إن الذي يحدث يشعرني وكأني مجنون
ولذلك أيها الاخوة الكرام القضية خطيرة جدا.