20 مليون مشرد ومازالت الفيضانات تتسبب يوميا في المزيد
من يجتهد ويعمل ويسهر الليالي في خدمة الإسلام والمسلمين درجته عالية وجزاؤه الجنة
الدوحة-الشرق:
تناول فضيلة الشيخ د. علي محي الدين القرة داغي في خطبة الجمعة بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب موضوع الذين يرثون الفردوس الاعلى وهي قمة الجنات وهي جنات الشهداء والانبياء والصديقين والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الفردوس، حيث حدد المواصفات الخاصة بهم ووصفهم بأنهم أكثر علوا وأكثر سموا وأكثر رقيا وأكثر كذلك جهدا فكريا وبدنيا وعقليا وماليا، فهؤلاء الاحبة الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في سورة المؤمنون << قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين>> وكان فضيلته قد ذكّر المصلين في الخطبة السابقة بنوعين من المواصفات اللذين ذكرهما الله سبحانه في كتابه الكريم ووجدنا أن هذه المواصفات تتفق كل واحدة منها مع استحقاقات أعدها الله سبحانه وتعالى لهؤلاء المؤمنين الصادقين الذين يعملون بهذه المواصفات، فتكون النتيجة بفضل الله ومنه وكرمه ورحمته الجنة أو الجنات والعيون، وقلنا بأن ما جاء في سورة المعارج يتحدث عن الناجين من النار ومن الاضطرابات والقلق النفسي في الدنيا في حين أننا وجدنا أن هؤلاء يختلفون عن أصحاب الجنات والعيون الذين لهم مواصفات عالية منها << انهم كانوا قبل ذلك محسنين وكانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون>>.
قال: نأتي اليوم لهذه المنهجية القرآنية التي ترشدنا الى أن كل شيء بمقداره وكل عمل له وزنه وأن من يسبق ومن يجتهد ويعمل ويسهر الليالي في خدمة الاسلام والمسلمين يختلف درجة عند الله سبحانه وتعالى جزاء وجنة ومقاما عن هؤلاء الذين تقل درجاتهم، ولهذا أيها الاخوة الأحبة ونحن في هذه العشر الأواخر في هذا الشهر الكريم علينا ألا نرضى إلا بالفردوس الاعلى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” فإذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى” ولكن أيها الاخوة المؤمنون كما تعلمون هذا الطلب وهذه الدعوة لها استحقاقات ومتطلبات وأعمال إذ تحتاج الى برنامج وهذا البرنامج يشمل كل مناحي الفرد والجماعة، فانت تتحرك في اطار هذا المنهج للوصول الى الفوز بالفردوس الاعلى وذلك حسب ما رسمه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وهي قمة الخشوع في الصلاة وهذه المرحلة من الخشوع ايها الاخوة ليست صعبة كما يتوهم البعض ولكنها تحتاج الى المصابرة كما يقول علىه الصلاة والسلام ” من يصبر صبره الله”
أسباب قلة الخشوع
وتابع: كثير منا يشكون من قلة الخشوع في الصلاة والسبب أننا لا نعيش في الصلاة ولا نسعى الى الوصول الى مرحلة الخشوع، إذن كيف نصل الى الخشوع في الصلاة؟ يجب أن تجزم وتتعهد مع نفسك في كل صلاة ألا تنشغل بأي شيء وأنت في الصلاة وأن تتمعن وأنت تقرأ القرآن في معاني الآيات التي تقرؤها وأن تستحضر أنك أمام الله سبحانه وتعالى وأنك في مقام الممتحن فانظر وأنت في قاعة الامتحان كيف تتفرغ تماما الى الاجابة عن أسئلة الامتحان في حالة خشوع تام الى نهاية الوقت المخصص.
قال هذا في مجال العبادات، أما في مجال العمل والمعاملات فأنت رجل جاد في عملك جاد في قولك لا تعرف الانشغال باللغو والاشياء الزائدة والاشياء التي لا فائدة منها ناهيك عن الأشياء المحرمة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” << والذين هم عن اللغو معرضون >> اعراضا كاملا ولم يقل سبحانه الذين لا يتكلمون اللغو لا هذه صفة أقل فالاعراض أقوى وأحوط، فهم أبعد من يكونون من الذين لا يقولون اللغو اذ هم أبعد من أن يقعوا فيه << وإذا مروا باللغو مروا كراما>> أي حتى إذا صادف ومروا بمن يقولون أو يفعلون اللغو مروا كراما.
ثم بعد ذلك ينتقل الى العطاء والعطاء عند هؤلاء منهج فهم يعملون ويجمعون المال ليس لإسعاد أنفسهم فقط بل لإسعاد الآخرين أيضا << والذين هم للزكاة فاعلون>> فاعلون أي يشتغلون فهم يجمعون الاموال والزكوات للفقراء والمحتاجين وحتى اذا لم يكن لهم أموال فهم يحرصون على جمع الزكوات من اصحابها ويوزعونها على مستحقيها.
قال فضيلته: ولعلنا اليوم أيها الاخوة الاحبة نحس بقيمة جمع الأموال عندما نرى اخواننا الفقراء والمحتاجين والمشردين في كل مكان وخاصة في باكستان هذه الأيام حيث شرد 20 مليون مواطن ومازالت الفيضانات تتسبب يوميا في مزيد من المشردين.
الزكاة
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الاسلام ولا يتم الايمان والاخوة الا بدفع الزكاة << فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين>> بنص القرآن الكريم لا تتحقق الاخوة الايمانية الا بالتوبة الى الله واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، كما أن هذا الصنف من المؤمنين يحافظون على فروجهم الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم وكذلك يحافظون على العهود والمواثيق.
وبهذا فان هذه المواصفات حجة علينا يوم القيامة إذا لم نحققها، ولكننا ومع ذلك فاننا ندعو الله سبحانه وتعالى الفردوس الاعلى فكأنما الملائكة تقول لنا ان الله سبحانه قد بين لكم المواصفات التي تتماشى مع هذا الطلب الغالي فما عليكم الا أن تتصفوا بتلك المواصفات وبهذا أيها الاخ الكريم فأنت ومن خلال جهدك وعملك فأنت أعلم بدرجة الجنة التي ستكون فيها برحمة الله تعالى.
في خطبته الثانية اشار فضيلته الى الشأن الاسلامي العام فقال: في أكثر من آية بأن نكون من المتسابقين والمسارعين في عمل الخيرات ولننظر الى صفة أخرى لأهل الفردوس الأعلى في سورة المؤمنون كذلك<<والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم الى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون>> أي يعطون ما عندهم وكلمة “ما” تشمل كل شيء كما يقول أهل اللغة أي كل ما عندهم وقلوبهم وجلة أي يعطون كل ما لديهم وبالرغم من ذلك فهم خائفون من عدم القبول من الله سبحانه وتعالى.
وما أحوجنا لمثل هؤلاء وأصحاب هذه المواصفات من العطاء والبذل وعالمنا الاسلامي كما ترونه يعاني في اغلبه من الفقر والحاجة والكوارث والجوع والامراض، ولهذا أعيد وأكرر أن إغاثة باكستان فريضة شرعية وضرورة انسانية، فكيف لنا أن نأكل ونشرب ونتلذذ الطيبات من الطعام والشراب ونحن نشاهد يوميا على شاشات التلفاز ما يعانيه اخواننا هناك في باكستان أو في فلسطين أو في الصومال أو في أي مكان، هؤلاء المسلمون هم جزء منا كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم” كالجسد الواحد” ولذلك أيها الاخوة فنحن قررنا أن نخصص هذا العام كل ما هو هدايا العيد الى اخواننا في باكستان بالاضافة الى الزكاة وهكذا نكون قمنا بشيء من الواجب تجاه اخواننا في الايمان
كما نذكر كذلك الحكومات الاسلامية بأن المسؤولية مازالت قائمة بالرغم من التحركات التي قاموا بها الى حد الآن، الا أنها مازالت غير كافية، فهذه مسؤولية أخوية علينا أن نتحملها جميعا حكاما ومحكومين، كما أذكركم بزكاة الفطر فهي طهور للصائم ولابد أن تؤدى قبل صلاة العيد وتسقط بعد ذلك وتصبح صدقة ويجوز ارسال ودفع هذه الصدقات كذلك الى باكستان لانه نص عن الفقهاء انه في حالة الكوارث يجوز نقل زكاة الاموال وزكاة الفطر من قُطر الى آخر.