منقول من موقع الفقه الاسلامي
في دراسة أجراها فضيلة الشيخ الدكتور علي محي الدين القره داغي أفاد أنه يشترط في العمل الذي يكون محلا للإجارة أن يكون معلوما علما ينافي الجهالة المفضي إلى النزاع .
ويتحقق العلم بإحدى طريقتين :
الأولى :بيان العمل ونوعه ، وذلك في الإجارة المشتركة. الثانية : بيان مدة الإجارة وذلك في الإجارة الخاصة كاستئجار شخص لخدمته ، أو لوظيفة لمدة سنة ، وحينئذ يخضع تنفيذ العمل للاتفاق ، وإلا فللعرف حيث إن له سلطانا كبيرا في هذا المجال .
وقد ذكر فضيلته أن العلم في الإجارة وإن كان يتحقق بإحدى الطريقتين السابقتين ، إلا أن العلماء اختلفوا في حكم الجمع بينهما في عقد واحد على قولين :
فالقول الأول : عدم جواز الجمع بين الزمن والعمل في عقد واحد وفساد العقد به ، وهو مذهب جمهور الفقهاء ( أبو حنيفة والشافعية والحنابلة ، والمالكية في قول) ، واستدلوا على ذلك بأن العقد على المدة مع وجود العمل يزيده جهالة وغررا ؛ لأنه ذكر أمرين كل واحد منهما يجوز أن يكون معقودا عليه، وهما العمل والمدة ولا يمكن الجمع بينهما في كون كل واحد منهما معقودا عليه لأن حكمهما مختلف؛ لأن العقد على المدة يقتضي وجوب الأجر من غير عمل؛ لأنه يكون أجيرا خالصا، والعقد على العمل يقتضي وجوب الأجر بالعمل؛ لأنه يصير أجيرا مشتركا، فكان المعقود عليه أحدهما، وليس أحدهما بأولى من الآخر فكان مجهولا، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد .
والقول الثاني : جواز هذه المعاملة وهو قول أبي يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة ، والمالكية في قول ، والشافعية في وجه ، وأحمد في رواية ، واستدلوا على ذلك بأن المعقود عليه هو العمل؛ لأنه هو المقصود والعمل معلوم، فأما ذكر المدة فهو للتعجيل فلم تكن المدة معقودا عليها، فذكرها لا يمنع جواز العقد.
وقد رجح فضيلته القول الثاني ، وذلك لأن الجمع بين الجوازين ، لا ينبغي أن يترتب عليه عدم الجواز أو الفساد ، بل ليس بينهما تعارض ؛ لأن المقصود بتحديد العمل هو تحقيق الصفات المطلوبة التي يريدها المستأجر، وبتحديد المدة الفراغ منه في الوقت المحدد ، وكلاهما من الأغراض المقصودة المحققة لمصالح الطرفين
. وبناء عليه فإذا إذا وقعت الإجارة على العمل فإن فرغ منه قبل تمام المدة المتفق عليها فله كمال الأجر، وإن لم يفرغ منه في المدة فعليه أن يعمله بعدها – برضا الطرفين- ثم إن وفى بالشرط أخذ المسمى وإن لم يف به فله أجر مثله لا يزاد على ما شرطه.