الدوحة ـ الشرق
دعا فضيلة الشيخ د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأمة الى الأخذ بسنن الله تعالى في الكون.. وتساءل في خطبة الجمعة بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب عن كيفية انتصار الأمة الإسلامية مع الخلاف الكبير والشائع الذي وصل إلى مرحلة من الفُرقة والتشتت، ولم تجمعهم العقائد الإسلامية العظيمة.
وأضاف " للأسف الشديد هم أشداء على المسلمين ورحماء على الأعداء. وحتى المتشدقون بالعروبة لم تجمعهم قوميتهم ولا غيرها من القوميات مع شعوبهم..
وأكد فضيلته في خطبة الجمعة أمس على أنه ما دامت أمتنا في تنازع فلا يمكن أن تنتصر لأن الفشل نتيجة للتنازع.
السنن لكل البشر
وقال: إن أعداء الإسلام على مرّ التاريخ يتربصون بهم ويفرقونهم (فرق تسد)، وإنهم إنما يجتمعون مع أمتنا ليزدادوا فُرقة.. وأكد أن سنن الله لا تفرق بين أحد سواء أكان مسلماً أو كافراً فمن أخذ بها فقد تحققت له نتائجه ومن لم يأخذ بها أيضاً تتحقق فيه نتائجه بإذن الله تعالى..
واضاف " إن السنن ترشدنا إلى أنه على هذه الأمة أن تقرأ مع الكتاب الكريم التاريخ وأن تكون على علم بما تحقق للأمم السابقة والحاضرة من التقدم والتحضر ومن التخلف والفقر والبطالة وغير ذلك.
ابتلاء غزوة أحد
وقال الخطيب: إن الله يبين لنا في هذه الآية حقيقة من الحقائق وسنة من سننه جل في علاه والتي طبقها على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم آله وصحبه الكرام الذين كانوا معه في غزوة أحد، حيث كانت هذه الغزوة ابتلاءً عظيماً ومصيبة كبرى على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته الكرام، حيث استشهد منهم سبعون صحابياً من خيار آل بيت وصحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام أمثال حمزة وغيره من الصحابة من الذين استشهدوا في هذا الوقت، حيث لم يعد عدد بسيط باعتبارهم من خيار الصحابة والآل في ذلك الوقت..فبدأ التلاوم بين عامة الصحابة وأهل المدينة يتساءلون أين نصر الله الذي وعد المؤمنين به؟
وقد فعل المشركون بهم ما فعلوا حتى الرسول صلى الله عليه وسلم قد جُرح وكسرت رباعيته في هذه الغزوة فكانت محنة عظيمة في ذلك الوقت.
فالله سبحانه وتعالى هنا بيّن أن هذه سنة من سننه وأن ما حدث في هذه الغزوة كانت بسببكم أنتم، حيث يبين سبحانه وتعالى في قوله: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ)، مجموعة من السنن التي تُطبق على المسلمين وغير المسلمين.
الحياة والموت سنن كونية
وأبان فضيلته سنة أخرى من سنن الحياة وهي سنة الحياة والممات تطبق حتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس معناه أنه قد مات يجب أن تنقلبوا وترتدوا. هذه السنن تجعل الأمة أمة عقلانية ولبست مجرد أمة عاطفية، وأن تكون الأمة متوكلة على الله مع الأخذ بالأسباب، والابتعاد عن التواكل، حيث إن العبادات تنفع الأمة في الدنيا والآخرة ولكنها لا تنفع الأمة في الحرب، لذلك لابدّ مع الدعاء والعبادات الأخذ بالأسباب.
القوة بأخذ الأسباب
وقال د. علي القره داغي: إن الأمة الإسلامية أمة جامعة تكون لها الدنيا بالأخذ بالأسباب وتكون لها الآخرة بالعبادة والشعائر.
وأكد أن القوة والحضارة لا تأتيان بالصلاة والعبادة فقط، وإنما بالأخذ بالأسباب أيضاً، حيث لم يكن ليدخل الإسلام أحد لولا الجهود المبذولة في سبيل الدعوة إليه، وكذلك الانتصارات في الغزوات كانت إنما بالإعداد والتجهيز لها إلى جانب الدعاء والعبادات. والأمة الإسلامية أمة عظيمة أراد الله سبحانه وتعالى أن يصنعها على جناحين، جناح العقيدة والعبادات والشعائر، وجناح العلم والسنن والعقل والحكمة والاستفادة من التاريخ.