الوطن – الدوحة
دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين جميع مكونات الشعب الباكستاني للاعتصام بالوحدة، ووأد الفتنة. وأدان الهجمات العدوانية غير المسؤولة، ضد الشعب الباكستاني المسلم بجميع فئاته وطوائفه، وما حدث أخيرا في يوم الجمعة الدامية 24 رمضان من الشهر الكريم الذي أدى الى مقتل عدد كبير من المدنيين المتظاهرين في يوم القدس العالمي. ودعا الاتحاد في بيان له أمس أصدره فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد والدكتور علي القره داغي، الامين العام، الشعب الباكستاني بكل مكوناته وأطيافه السياسية والمذهبية، وعلمائه ومفكريه وسياسييه، وحكومته ومعارضته، إلى مصالحة وطنية شاملة خالصة. كما دعا الى عقد مؤتمر عام يضم الحكومة والمعارضة، وعددا من العلماء المؤثرين والخبراء الثقات، لتحقيق هذا الهدف المنشود، وإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مستعد للمساهمة في عقد هذا المؤتمر والعمل على انجاحه.
وفي ما يلي بيان الاتحاد:
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ببالغ القلق ما حدث ويحدث في باكستان الشقيقة منذ عدة سنوات، بدءا بالقتال بين ما يسمى جيش محمد، وما يسمى جيش الصحابة، ثم القتال بين الجيش وبعض فئات الشعب في وادى سوات ووزيرستان، ثم الكارثة الأخيرة المتمثلة في الفيضانات التي أدت الى تهجير وتشريد أكثر من 20 مليون مواطن، ومحاصرة ثلاثة ملايين ونصف من الاطفال بالامراض والمياه، ثم ما حدث أخيرا في يوم الجمعة الدامي 24 رمضان من الشهر الكريم الذي أدى الى مقتل عدد كبير من المدنيين المتظاهرين في يوم القدس العالمي. وأمام هذه الأحداث الجسام في باكستان يرى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يلي:
1- أن معظم هذه المصائب تعود الى مخططات الاعداء في الخارج لتفكيك باكستان (الدولة الاسلامية النووية الوحيدة) وانشغالها بحروب وفتن داخلية ومشاكل واضطرابات تؤدي إلى اضعافها وشل قدراتها على أداء أي دور في خدمة الامة الاسلامية وقضاياها، ولكن الاخطر هو استجابة بعض السياسيين لتنفيذ هذه المخططات تحت أي غطاء، أو ضغط كان، وبذلك أدخلوا الشعب الباكستاني في حالة من الفوضى والعنف، تكاد تعصف بوحدة هذه الدولة الكبيرة، يقول تعالى محذرا من تنفيذ سياسات الاعداء، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» (آل عمران100، 101).
لذلك يدعو اتحاد العلماء هؤلاء السياسيين الى مراجعة هذه السياسات وبخاصة سياسة التواطؤ مع أميركا التي لم تجلب لباكستان إلا المشاكل والمصائب دون أي فائدة تذكر، بل مازالت تتهم الحكومة بمساندة الارهاب.
2- إن السياسات الخاطئة لبعض الاحزاب السياسية، والتصرفات العنيفة التي قامت بها بعض الحركات المسلحة، والعمليات الانتحارية المحرمة شرعا ضد المدنيين الأبرياء، ولاسيما المسلمين، سواء كانوا سنة أم شيعة، ساهمت أيضا في المزيد من تدني الأوضاع وارتباكها وتعقيدها.
3- اننا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ندين هذه الهجمات العدوانية غير المسؤولة، ضد الشعب الباكستاني المسلم بجميع فئاته وطوائفه، وأن هذه الاعمال الدموية العنيفة لن تخدم الاسلام والمسلمين. بل تزيدهم فرقة وشقاقا، وضعفا على ضعف، وتؤدي الى مزيد من التدخلات الخارجية، وتساعد على اضعاف باكستان القوة الإسلامية التي يرجو المسلمون في العالم أن تكون سندا لهم.
4- يدعو الاتحاد الشعب الباكستاني بكل مكوناته وأطيافه السياسية والمذهبية، وعلمائه ومفكريه وسياسييه، وحكومته ومعارضته، إلى مصالحة وطنية شاملة خالصة، وإلى مراجعة مع النفس للسياسات والتصرفات في ضوء معايير الدين والاخلاق والسياسة الرشيدة.
واننا ندعو الى عقد مؤتمر عام يضم الحكومة والمعارضة، وعددا من العلماء المؤثرين والخبراء الثقات، لتحقيق هذا الهدف المنشود، وإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مستعد للمساهمة في عقد هذا المؤتمر والعمل على انجاحه.
وفي الختام نبتهل الى الله تعالى أن يجمع هذه الأمة على وحدة الكلمة والاعتصام بحبل الله المتين، والتحاكم إلى شرع الله، وأن يعيد اليها عزتها وكرامتها وقوتها، وأن يحفظ باكستان من كل سوء، وأن يهدي ساستها وأحزابها الى ما فيه وحدتها وخيرها وعزها ورفاهيتها، «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (آل عمران 103)، والله المستعان.
الأمين العام الرئيس
أ.د. علي محيي الدين القره داغي أ.د. يوسف القرضاوي