مقدم الحلقة: عثمان عثمان

ضيف الحلقة: علي محيي الدين القره داغي/ عضو المجلس الأوروبي للإفتاء

تاريخ الحلقة: 20/9/2009

– الفرق بين الصحة والقبول ومؤشرات القبول
– معنى التقوى والإخلاص وعلامات القبول
– مداومة الأعمال الصالحة وثمار التقوى
– المواظبة في الطاعة والتوازن بين الخوف والرجاء


 


عثمان عثمان


علي محيي الدين القره داغي

عثمان عثمان

: السلام عليكم مشاهدينا الكرام وكل عام وأنتم بخير، مرحبا بكم على الهواء مباشرة في حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة:27]، انشغل الفقيه كثيرا بصحة أداء العبادات وانشغل العالم الرباني بقبول الأعمال والقربات، فكيف يطمئن المسلم إلى قبول صيامه وقيامه؟ وما علامات قبول العمل الصالح؟ وكيف نجبر ما بدر منا من تقصير خلال رمضان؟ قبول العمل وعلاماته موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي، أهلا وسهلا بكم فضيلة الدكتور وكل عام وأنتم بخير.

 

علي محيي الدين القره داغي: وأنتم بخير بارك الله فيكم.

 

الفرق بين الصحة والقبول ومؤشرات القبول

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور، الفقيه انشغل بصحة أداء العمل بينما انشغل المتصوف بقبول الأعمال، ما الفرق هنا بين الصحة والقبول؟

علي محيي الدين القره داغي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أيها الأخوة الكرام أيتها الأخوات الطيبات أحييكم جميعا بتحية الإسلام وتحية الإسلام السلام فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأنتهز هذه الفرصة ونحن في اليوم الأول من عيد الفطر المبارك لأقدم تهنئتي إلى جميع المسلمين وأمتنا الإسلامية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد إليهم عزتهم وكرامتهم وأن يتقبل منهم أعمالهم الصالحات خلال هذا الشهر الفضيل.

عثمان عثمان: آمين.

علي محيي الدين القره داغي: كما أنتهز هذه الفرصة لأعبر حقيقة عن شعوري وإحساسي بأخواننا المضطهدين المنكوبين المحاصرين في غزة وفي فلسطين وفي بقية العالم الإسلامي حيث لا بد ألا ننسى إخواننا في هذه الأماكن، وكذلك يعني عادة نحيي كل إخواننا وأخواتنا الذين استطاعوا أن يقيموا هذه الواجبات في هذا الشهر الفضيل وهم اليوم كل أمنياتهم أن يتقبل الله سبحانه وتعالى منهم الطاعات. ما تفضلت به حقيقة ليس هناك فرق أساسي بين الفقيه إذا كان ربانيا فهو فقيه ورباني وليس بالضرورة إذا كان فقيها يكون غير متصوف وإن كان متصوفا يكون ربانيا فالله سبحانه وتعالى أمر العلماء جميعا فقال {..وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران:79] فالعالم الحقيقي هو العالم الرباني والعالم الحقيقي هو الذي يهتم بالظاهر ويهتم كذلك بالباطن، فالجانب الظاهري هو الذي يسمى بالصحة وهذا ما يسمى عندنا في علم أصول الفقه اسمه الحكم الوضعي، عندنا الحكم التكليفي وعندنا الحكم الوضعي، الحكم الوضعي ينظر إلى الجانب الظاهري أنه توافرت الأركان والشروط وسقط القضاء وبالتالي أصبحت العبادة صحيحة..

عثمان عثمان: وهو ما انشغل به الفقهاء..

علي محيي الدين القره داغي: في الغالب، ولكن هم لم ينشغلوا هم بينوا هذه الأشياء أسس ولكن هذا لا يعني أنهم غفلوا عن الجانب الآخر الأساسي وهو الجانب الروحي وهو الذي الآية التي تلوتها على مسامعنا وعلى مسامع إخواننا الكريمة وهي تدل على {..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} فهنا الحقيقة هذه الآية الكريمة تضمنت في هذه القصة بالمناسبة ثلاثة شروط أساسية هي إخلاص العمل وإتقان العمل وكذلك تغيير سلوكيات الإنسان.

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور سنتطرق إلى هذه الشروط الثلاثة في سياق الحلقة ولكن الآن هناك صحة وهناك قبول، لنقل هل كل عمل صحيح كامل الأركان والشروط والواجبات يعتبر مقبولا؟

علي محيي الدين القره داغي:ليس.. لأن الصحيح هو نحن نهتم يعني الفقهاء يتكلمون عن الأركان والشروط الظاهرة وفي نفس الوقت يتحدثون عن النية التي هي الركن الباطني والجانب الباطني فبالتالي الصحة هي توافر الشروط والأركان أما القبول فهو عند الله سبحانه وتعالى، لا يعلم الإنسان أن عمله قد قبل أم لا ولكن هناك علامات، من هذه العلامات الحقيقة إخلاص النية، من هذه العلامات أن الإنسان ليس في قلبه شيء إلا الله، أيضا من هذه العلامات أن تكون هذه الأعمال صحيحة، ما يقوله الفقهاء هو الشرط الأول كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية يقول أي عبادة لله سبحانه لن تقبل إلا بشرطيين أساسيين، الشرط الأول أن تؤدى كما أمره الله سبحانه وتعالى فهذا ما يتكلم فيه الفقهاء، الشرط الثاني أن تكون هذه العبادة خالصة لوجهه الكريم وهذا هو الجانب الباطني أو المعنوي الذي يتحدث عنه الفقهاء ويتحدث عنه كذلك -كما أنت تفضلت به- يعني المتصوفة وأنا أقول العالم الرباني الزاهد.

عثمان عثمان: العالم الرباني.

علي محيي الدين القره داغي: لأنه حقيقة مسألة المتصوف أو شيء كلمة مستحدثة فإحنا الكلمات الأساسية عندنا العالم الرباني {..وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ..}، وكذلك عندنا مصطلح الزاهد العابد لله سبحانه وتعالى الذي لا تشغله الدنيا عن الآخرة.

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور الآن بعد انتهاء شهر الصيام ونحن الآن في أول أيام العيد الفطر المبارك، كيف للمسلم الذي صام رمضان وقام رمضان أن يطمئن إلى قبول هذا العمل عند الله عز وجل؟

علي محيي الدين القره داغي: حقيقة أولا لا بد أن نعلم -حتى لا يكون الإنسان في يأس- لا بد أن نعلم أن هدايتنا وتوفيقنا بأننا أقدمنا على هذه الأعمال هذا دليل ظاهري على أن الله سبحانه وتعالى أراد لنا الخير كما في قوله سبحانه وتعالى {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ..}[الحج:24] فالهداية إلى القول الطيب والهداية إلى العمل الطيب من الله سبحانه وتعالى ولذلك حينما يهتدي الإنسان إلى العمل الصالح دليل بأن الله -إن شاء الله- يقبل منه، هذا حقيقة الأمر الأول الذي يبشر، الأمر الآخر الذي يجعل الإنسان دائما يكون في مقام الخوف والرجاء وسوف ممكن نتحدث عنه في هذه المسألة، أن الإنسان أيضا يخاف من الله بحيث لا يكون مطمئنا وانتهت المسألة بأنه أدى الصلاة وخلاص، هناك الخوف وهناك الرجاء وهناك الحقيقة إخلاص النية وهذه الأعمال إذا كان فيها شيء بسيط من الرياء أو النفاق فإن هذه العبادات لن تقبل لأن الله سبحانه وتعالى أغنى الشركاء، فلذلك يعني الذي يطمئن المسلم أن الله هداه، الذي يطمئن المسلم أن الإنسان ينظر إلى أعماله الصالحات “كل ميسر لما خلق له” {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[الليل:5، 6] إيش يكون؟

عثمان عثمان: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل:7].

علي محيي الدين القره داغي: فإذاً هذا مربوط بهذا، والله سبحانه وتعالى جرت سنته بألا يخلف موعده ولا يخلف ميعاده ولا يخلف وعده فلذلك ما دام الله وعدنا ونحن نسير على التوجه الصحيح، التوجهين، تتوافر فيه الشروط الصحيحة الظاهرية الذي يتحدث عنه الفقهاء وكذلك الشروط الأخرى التي يتحدث عنها الفقهاء الربانيون أيضا فإذا توافرت هذه الشروط فإن شاء الله دليل على القبول مع الخوف وعدم الاطمئنان الكامل من أن هذا الشيء قد قبل تماما.

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور طبعا ذكرنا الآية الكريمة {..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} نلاحظ في هذه الآية أن حصر قبول الأعمال من المتقين، لماذا هذه الحصرية؟ وما هي التقوى التي تكون سببا لقبول الأعمال؟

علي محيي الدين القره داغي: صحيح أحسنت، هو الحقيقة يعني التقوى يعني هذا حصر وبأسلوب حصر حقيقي يعني إنما هنا أسلوب حصر حقيقي وهو مقصود، والمقصود بالتقوى أمران أساسيان، التقوى هي إحسان الذي فسر النبي صلى الله عليه وسلم “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تره فإنه يراك” فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة، طبعا هاتان مرحلتان المرحلة الأولى أو الدرجة الأولى مقام الربانيين ومقام الأنبياء والصديقين وهو أنك كأنك تعبد الله كأنك تراه فإذا لم تصل هذه المرحلة هناك مرحلة ثانية لا بد أن تؤمن بأن الله يراك فإذا نزلنا إلى مرحلة ثالثة ليس هناك إيمان، فالإيمان.. فلذلك التقوى هو هذا الربط بينك وبين ربك، علامة هذه التقوى إخلاص العمل، علامة هذه التقوى عدم الرياء، علامة هذه التقوى عدم تأثرك بالمظاهر، علامة هذه التقوى أنك لا تتغير حينما تصلي أمام الناس ولا في داخل بيتك، علامة هذه التقوى أن هذا الخوف يبقى في قلبك ويؤدي إلى إتقان العمل، والخوف من الله والتقوى هي أساسا وقاية كما قال سيدنا علي رضي الله عنه حينما سأله أعرابي قال ما التقوى؟ قال أخا العرب أنت رأيت أرضا فيها أشواك؟ قال إيه والله، قال كيف تمشي يا أخا العرب؟ قال والله لن أقدم رجلي إلا إذا وضعت لها مكانا مناسبا، قال هكذا التقوى لا تقدم على عمل إلا إذا أنك عرفت بأن الله فيه في هذا المكان فيه رضاؤه حينئذ أنت تقدم رجلك وتقدم عليه، فإذا كان الإنسان وصل إلى هذا فأصبح ذاك الوقت ربانيا حينئذ أصبحت أهواؤه حتى تبعا لما جاء به الإسلام.

 

معنى التقوى والإخلاص وعلامات القبول

عثمان عثمان: والنبي صلى الله عليه وسلم. فضيلة الدكتور يعني هناك بعض الناس يقومون بالطاعات والعبادات يصومون رمضان يقومون ليالي رمضان في غير رمضان أيضا ويستصغرون هذا العمل من الطاعات، هل هذا أمر مرضي أو أمر صحي؟

علي محيي الدين القره داغي: هو الحقيقة استصغار بمعنيين، استصغار بأنه إنسان يدفعه نحو العمل الآخر هذا مطلوب، إحنا عندنا بالنسبة للأمور العبادية والأخروية لا بد أننا ننظر إلى من هو أفضل مننا يعني أنا مهما فعلت أنظر إلى من هو أفضل مني، إذا أنا كنت قد أقمت نصف الليل فأقول والله هذا عمل بسيط المفروض أنا أقيم الليل كله مثلا إذا كنت قد استطعت، فهذا الاستصغار بهذا المعنى مقبول حتى يدفعنا.. وهذا ما يسمونه الاستصغار الإيجابي، أما الاستصغار السلبي أنه تستهين به “لا يحقرن أحد عمله” مهما كان فإن هذا فيه خير، قد يقبل الله سبحانه وتعالى ركعتين منك وهاتان الركعتان تساويان عند الله سبحانه وتعالى آلاف الركعات لأنك أخلصت فيهم النية، فإذا كان الاستصغار بهذا المعنى فهذا مطلوب أما إذا كان الاستصغار بمعنى التحقير فهذا غير جائز لأنه المطلوب من الإنسان أنه مهما كان العمل صالحا فإن الإنسان لن يستهين به.

عثمان عثمان: ولكن فضيلة الدكتور كما جاء في بعض الأحاديث هناك أعمال ترد على صاحبها لسبب من الأسباب، يعني ما هي الأسباب التي تجعل الأعمال مردودة على صاحبها عند الله عز وجل؟

علي محيي الدين القره داغي: هناك عدة أسباب، من أهم هذه الأسباب يعني عدم العبودية لله سبحانه وتعالى، رب العالمين لا يقبل التوبة ولا يقبل العمل إلا من المؤمن الصادق المخلص، والأمر الثاني الإخلاص والإحسان والاحتساب.

عثمان عثمان: ما المقصود بالإخلاص حصرا؟

علي محيي الدين القره داغي: الإخلاص أن يكون الإنسان يعمل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم لا يريد به الدنيا، لا يريد بهذا العمل شيئا من أمور الدنيا حتى يحصل على الجاه أو حتى يحصل على مقام أو حتى يحصل على تقرب من فلان أو علان إنما يريد به وجه الله سبحانه وتعالى {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:162] فالإنسان يعمل، يعمل كل أعماله الدنيوية من الألف إلى الياء كل الأعمال الدنيوية ولكنه يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى، حتى حضرتك الآن لما تؤدي وظيفتك واجب لكن الله هو الذي  أمرك بأن تكون متقنا في عملك {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:8] فتكون جميع رغباتك لله وتكون جميع أعمالك خالصة لوجهه الكريم فهذا هو الشرط الثاني، الشرط الآخر أيضا أن تتوافر فيه الشروط الظاهرة أيضا مطلوبة، الشرط الآخر ألا تؤدى هذه الأعمال بشيء محرم ولذلك هناك بعض الأشياء لما واحد يصوم ويفطر على شيء محرم، لما واحد يحج بمال محرم لما يقول لبيك وسعديك، لا لبيك ولا سعديك، لما واحد يدعو كما ورد في الحديث الصحيح يا رب يا رب، “أنى يستجاب له؟ فمأكله حرام وملبسه حرام ومشربه حرام” فلذلك هناك شروط تتعلق بالقلب، إخلاص النية، شروط تتعلق بالأعمال والجوارح هذا الذي يعني يتكلم فيه الفقهاء، وشروط أخرى أيضا بالإضافة إلى الإخلاص والشروط لا بد أن تؤدى بوجه مشروع وأعمال مشروعة وأموال مشروعة حتى تكون خالصة لوجه الله.

عثمان عثمان: في موضوع الإخلاص فضيلة الدكتور هناك من يحجم عن بعض العبادات الظاهرة في موضوع الزكاة لا يدفع الزكاة جهرا، لا يذهب إلى صلاة الجماعة جهرا خوفا من أن يتهم بالرياء، هل هذا ممكن شرعا؟

علي محيي الدين القره داغي: لا، الإخلاص وضعت له ضوابط، ضوابط الإخلاص أن تؤدي الأعمال بوجهها الصحيح يعني بالنسبة للصدقات يجوز لك أن تدفع الزكاة {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ ..}[البقرة:271] جائز، أما ترك الجماعة ما يجوز أبدا وهذا من الشيطان كما قال ابن القيم في كتابه القيم “تلبيس إبليس” يقول إذا يئس الشيطان أن يصل إلى الإنسان عن طريق الشر لأنه رجل طيب وما ممكن يرتكب المحرمات، يأتي إليه من طريق الخير يقول يا أخي..

عثمان عثمان (مقاطعا): “تلبيس إبليس” لابن الجوزي رحمه الله.

علي محيي الدين القره داغي: أيوه نعم لابن قيم الجوزية نعم، فإيش يقول؟ يقول لماذا أنت تصلي صلاة التهجد يمكن يراك أحد رياء؟ لماذا تروح إلى صلاة الجماعة هذا رياء فهذا يمنعه من الشرع والإخلاص لا يمكن أن يتعارض مع أحكام الشرع فما دام الله أمرنا بأن نصلي بصلاة الجماعة وأن نصلي صلاة التراويح، المهم القلب أن يكون قلبك متعلقا بالله سبحانه وتعالى.

عثمان عثمان: البعض يقول الفرائض نجهر بها بينما النوافل نسر بها.

علي محيي الدين القره داغي: بالنسبة.. يجوز الاثنين حقيقة، هو الأهمية في هذه المسألة القلب، معيار الإخلاص محله القلب، “إن التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا” يعني قد يفعل الإنسان الصلاة ويريد بها الرياء لا قيمة لها، وقد يفعل النوافل ويريد به وجه الله أيضا.. حتى الجهرية {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ..} لو حضرتك الآن وضع مشروع لو أنك قدمت مبلغا تقول أنا أتبرع بمليون ريال لهذا المشروع الطيب وأنت تقصد بذلك تشجيع الناس لا تريد به الرياء فأنت كسبت أجرك وأجر الآخرين “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ..”..

عثمان عثمان (مقاطعا): “الدال على الخير كفاعله” وهذا من الدلالة على الخير ربما.

علي محيي الدين القره داغي: كفاعله، فأمر ضوابط الشرع واضحة جدا وليس هناك لبس والشيطان يأتي فيلبس علينا كما قال ابن الجوزية في “تلبيس إبليس” يلبس علينا الخير ولكن لا بد الحمد لله الشريعة.. فلذلك دائما أهم شيء في العبادات الفقه، أهم شيء في العبادات العلم، فلذلك إذا كان الإنسان لم يكن عالما قد تأتي به هذه الخواطر ربما تشدد في العبادة إلى أن يمرق من الدين كما تمرق السهم من الرمية.

عثمان عثمان: بالعودة إلى موضوع القبول، قبول الأعمال، قبول الصيام، قبول الصلوات والزكوات إلى غير ذلك، هل هناك فضيلة الدكتور من علامات ربما يشعر بها الإنسان يلمسها ظاهرة تدل على أن هذا العمل الصالح قد قبل منه؟

علي محيي الدين القره داغي: صحيح هناك مجموعة من العلامات حقيقة، من أهم العلامات تغير سلوك الإنسان، والآية التي تلوتها على مسامع إخواننا الكرام تدل على ذلك، لما تقبل الله من أحد ابني آدم وهو هابيل ولم يتقبل من الآخر كما ورد في الآثار بأنه قابيل شوف كانت مظاهره، مظاهر القبول ظهرت في تصرفات هذا الشخص {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة:28] إذاً شوف {..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، هذه الآية الكريمة كما قلت فيها ثلاثة مظاهر الحقيقة مظاهر حقيقية، المظهر الأول أن قابيل الذي لم تقبل منه صدقته ماذا فعل؟ كان هو صاحب الزرع فأتى بزرع رديء شوف رديء ووضعه، أما هابيل فكان صاحب ضرع فأتى بأحسن كبش أحسن ما عنده، فإذاً مظاهر القبول عند الله أنك وصلت إلى مرحلة تختار ما هو الأحسن، مظاهر القبول بالإضافة إلى الجانب النفسي الإحسان أنك تغيرت سلوكياتك، تغيرت حالتك {..إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ..}[الرعد:11] وقد رأينا أن قابيل ماذا فعل، وطبعا هذا لا يعني أن الإنسان المؤمن ذليل أبدا، إنما هو ذليل لإخوانه {..أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ..}[المائدة:54] ولذلك رب العالمين لم يستعمل الذل إلا في حالتين، الذل مع المؤمنين والذل مع الوالدين {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ..}[الإسراء:24] أما فيما عدا ذلك فأنت عزيز كريم، فلذلك من أهم المظاهر تغيير السلوكيات فلذلك أنا أقول دائما لإخواني الصائمين وأخواتي الصائمات علامة قبول صيامكم وقيامكم انظروا إلى حالتكم اليوم هل تغيرت حالتكم اليوم عما كنتم عليه قبل رمضان؟ الآن لكل شيء حقيقة فما حقيقة التغير؟ أنت الآن دخلت في دورة تدريبية رياضية في كرة القدم ولا في كرة السلة طيب الآن بعد شهر هل تغيرت حالتك؟ هذا هو السؤال، فإذا تغيرت حالتك فإذاً أنت معناه أنت نجحت.

عثمان عثمان: هناك فضيلة الدكتور من يقبل على الله تعالى في رمضان بكل طاقته فإذا ما انتهى رمضان تراخى وعاد إلى سابق عهده وهناك من يداوم على الطاعة بعد رمضان وإن كان بجهد أقل، هل تعتبر المداومة على الأعمال الصالحة بعد رمضان من علامات قبول الأعمال؟ أسمع الإجابة منكم إن شاء الله بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا مشاهدينا الكرام، نعود إليكم بإذن الله تعالى.

مداومة الأعمال الصالحة وثمار التقوى

أعلى الصفحة

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان قبول العمل وعلاماته مع فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي عضو مجامع الفقه الإسلامي الدولي، فضيلة الدكتور نعود..

علي محيي الدين القره داغي: والخبير، خبير بالمجامع الفقهية.

عثمان عثمان: وخبير أيضا. فضيلة الدكتور نعود إلى السؤال، هناك مداومة على الأعمال الصالحة بعد رمضان من بعض المؤمنين والمسلمين هل ذلك دليل على أن العمل قد قبل في رمضان؟

علي محيي الدين القره داغي: جميل، سبحان الله هذا السؤال أجاب الله عنه القرآن الكريم بوضوح في سورة الأحقاف تحدث القرآن الكريم عمن يتقبل الله منهم الأعمال قال {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}[الأحقاف:16] أولئك المشار إليهم من؟ قبله بشوية {إِنَّ الَّذِي