أيها الاخوة الكرام

فبعد أكثر من ستين سنة مضت على احتلال الجزء الأكبر من فلسطين (النكبة الأولى) وحوالي أكثر من أربعين سنة على احتلال الجزء الآخر من فلسطين بما فيه القدس الشريف والضفة، وغزة وسيناء وجولان في ظل الحكومات الدكتاتورية التي رفعت شعار لا صوت يعلو صوت المعركة، وأن على الشعب العربي في جميع دوله أن يقبل الدكتاتورية والفقر والمجاعة في سبيل فلسطين، وقبل الناس كل ذلك، فإذا فلسطين كلها تحتل مضافاً اليها السيناء والجولان، فأفاق الناس من سكرة الذل والاستعباد والاستبداد وذلك من خلال صحوة اسلامية مباركة داخل فلسطين وخارجها، فكانت الانتفاضة الأولى، والثانية وكان الانسحاب من غزة العزة، وجنوب لنان، ثم أنتهت بالثورات الشعبية المباركة في تونس، ومصر، والآن في اليمن، ليبيا، وسورية وكل هذه الثورات مرتبطة بفلسطين ولصالحها، وتتجه نحوها كما رأينا أمس المظاهرة المليونية في مصر للاتجاه نحو غزة.

فهذه ان دلت على شي فإنما تدل على أن مؤشر النصر والفتح في تصاعد، وارتفاع، وأن مؤشر الهزيمة النفسية والعسكرية في  نزول وانخفاض دائم، كما أن مؤشر النزول لدولة الصهاينة بدأ يتحرك بشكل كبير، وأن مؤشر حليفتها أمريكا ايضاً في تنازل رهيب، فقد هزمت في العراق، ويريد الخروج بأي ثمن من افغانستان.

ومن جانب آخر بدأت الأمة تتحد بشكل غريب من خلال هذه الثورات حيث جمعت هذه الثورات الأمة العربية والاسلامية، فلم يرفع شعارات تفرق، لا طائفية، ولا جهوية، ولاحزبية كما رأينا في تونس العزيزة ومصر الحبيبة.

وإذا بأكبر قوتين بفلسطين حماس وفتح تتحدان مبشراً بالخيرو يحمل معه الصدق والمصداقية والبرنامج المشترك والتضحيات، وأن جميع القوة الفلسطينية تباركها وتلتف حولها.

أليس كل ذلك من بشائر النصر القريب، وأن مرحلة الفتح قد بدأت فعلاً،  فقد سمى الله سبحانه وتعالى صلح الحديبية فتحاً، أي تمهيداً له وبعد سنتين فتحت مكة فعلاً، لذلك علينا أن نعد أنفسنا لهذه المرحلة، وأن يعزم كل منا في الجهاد في فلسطين من الآن علماً بأن نية الجهاد الحقيقية جهاد، وأن العزم على الاستشهاد يجعل صاحبه شهيداً.

وعلينا أن نعلم أن قافلة النصر تسير بنا وبغيرنا فليكن لنا شرف المساهمة فيها .

وأود أن أعلمكم بأننا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة شيخنا القرضاوي حفظه الله بدأنا بالإعداد وتضرعنا الى الله تعالى أن يكتب لنا شرف المساهمة والجهاد في سبيل الله، لتحرير القدس وفلسطين كلها، وأن نستشهد، أو يكتب لنا أجر الشهادة على أعتاب القدس، وأكنانه.

هذه المرحلة تحتاج الى اعداد جيد كما اشار القرآن الكريم (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) سورة الاسراء

فالشروط الاساسية لهذا الانتصار عدة شروط:

الشرط الأول: العبودية لله تعالى

الشرط الثاني: الإعداد ( أولي بأس شديد)

الشرط الثالث: الالتزام بمنهج القران الذي يهدينا الى الطريق الأقوم.

فالعبودية لله تعالى هي التحرر الكامل من ذل العبودية لله تعالى وعدم الخوف إلا من الله ، وبالتالي إنهاء الخوف إلا من الله، وهذا يعني انتهاء الخوف من المستبدين المفسدين، ومن أمريكا، فقال تعالى (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا) فهذا الخوف فعلاً قد سقط من أمريكا من خلال هزيمتها في العراق وأفغانستان، وقبلها سقط الخوف من الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ثم سقط الخوف من هؤلاء الطغاة المفسدين من خلال هذه الثورات المباركة

 والعبودية لله تعالى شرط لتحقيق الوحدة فقال تعالى ( يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ..) ثم قال ( واعتصمو بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)

ثم أكد القرآن على جوهر العبودية وهي الخوف من الله وعدم الخوف من أحد وهو التقوى ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فاتقون)

والشرط الثاني هو اتباع منهج القرآن وليس منهج غيره، ولذلك جاء في أسباب التفرقة التحزب  لغيرالله فقال تعالى بعد آية الوحدة في سورة المؤمنون ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون)

الشرط الثالث: الإعداد الجيد، كل في موقعه لتحقيق “أولي بأس شديد” وهو المراد بقوله (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم …)

فالآية تشيرالى  نظرية الردع الاستراتيجي، وان القوة ليست القوة العسكرية  فقط بل تشمل قوة العلم والابداعات والابتكارات، وقوة السلاح والأسلحة المتطورة، وقوة الاقتصاد والتنمية، وقوة الاخلاق والقيم، وقوة التربية والتزكية وعلينا أن نتوزع على هذه الأعمال والكل قاصد تحقيق القوة لهذه الأمة كما قال تعالى: “ولولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين …) فسمى التفقه في الدين من باب النفير للجهاد.

وعليكم أن تنووا من الان وقولوا معي: لله عليّ أن أجاهد بنفسي ومالي وعلمي، وفكري، وتجارتي، وفقهي، وابداعي  لتقوية الامة وتنميتها طريقالتحرير القدس الشريف، وفلسطين الللهم اكتب لنا  أجر الشهداء.

وفي الختام فأنه لشرف لنا نحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة شيخنا القرضاوي أن يكون لنا شرف المساهمة في هذه الثورات المباركة.

وأن الاتحاد إن شاء الله سيكون أحد الاسباب في جمع الأمة وإصلاحها كما كان العلماء في السابق عندما احتل الشام من قبل الصليبين حيث قاموا بخطة اصلاح شامل انجبت جيل صلاح الدين

وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته