الثلاثاء 28 ربيع الثاني 1431هـ 13 إبريل
2010 العدد 11459
جريدة الشرق الاوسط
في
محاولة لتعزيز تفاهم أفضل بين الإسلام وعقائد شرق آسيا، في ظل وجود عدد كبير من المسلمين
في هذه الدول، ووهن العلاقات بين الدول الإسلامية والولايات المتحدة وأروروبا،
عُقد في دلهي مؤتمر دولي حول الحوار بين الإسلامم والديانات الشرقية.
حضر
المؤتمر، الذي استمر على مدى يومين، وفود من القيادات الإسلامية والسياسيين والأكاديميين
من قطر
ونيبال
وسيريلانكا وباكستان وبوتان والصين واليابان والهند، مع الكثير من ممثلي الأديان من
الإسلام والبوذية والهندوسية. وأقيم المؤتمر تحت رعاية محمد حميد أنصاري نائب الرئيس
الهندي.
عاودت
الهند، التي يبلغ عدد المسلمين بها 180 مليون مسلم وأضخم ديمقراطية في العالم، الظهور
مرة أخرى كمركز للفكر الإسلامي. أشار المشاركون إلى أن جوهر رسالة كل الأديان الكبرى
واحد يتلخص في الحب والتسامح وتدعو إلى الوحدة على أساس القيم المشتركة للأديان في
آسيا.
تم
الاتفاق على أن أتباع الأديان الشرقية مثل الهندوسية والبوذية والسيخية، الذين يعيشون
في الهند وباكستان وبنغلاديش والصين واليابان وتايلاند وفيتنام وكمبوديا وبورما وسيريلانكا
ونيبال، يشكلون نحو نصف سكان العالم. أما الغالبية العظمى من المسلمين غير الموجودين
في الدول الإسلامية، فيعيشون في هذه الدول. والعاملون المغتربون في الدول العربية من
سكان هذه الدول. ومن ثم، كان من الضروري التوصل إلى تفاهم أفضل وتعايش سلمي بين المسلمين
وأتباع الديانات الشرقية إضافة إلى إزالة الحواجز التي تؤدي إلى الريبة بين الجانبين.
عبّر
المتحدثون عن أملهم في أن يكون الحوار القائم أكثر فائدة وإثمارا من الذي يقام مع المجتمعات
الغربية، التي تحمل العلاقات معها تاريخا من العداوة والخصومة مع العالم الإسلامي نتيجة
للحروب الصليبية وفترات الاستعمار، في الوقت الذي لم تعان فيه دول آسيا هذا الإرث السلبي
وعاشت في سلام جنبا إلى جنب لقرون.
يأتي
مؤتمر نيودلهي كجزء من توصيات المؤتمر، الذي عقد في الدوحة في يونيو (تموز) 2008، الذي
حضره قادة الأقليات الإسلامية في الهند.
كانت
القضايا الرئيسية، التي ناقشها المؤتمر: أسس الحوار والتعاون بين المسلمين ومعتنقي
الديانات الشرقية، والتأكيد على روح الإنسانية والتسامح والتعاليم المهمة لكل ديانة
للتعايش السلمي بين الشعوب.
ومن
ثم، عقد المؤتمر من دون وجود المسيحيين أو اليهود كمحاولة أولى لبدء حوار بين الإسلام
والعقائد في شرق آسيا.
وقال
حميد أنصاري: «على الرغم من وجود حوار بين الإسلام واليهودية والنصرانية، فإنه لا يوجد
حوار بين الإسلام والديانات الشرقية في هذا الجزء من العالم. ومن ثم، فإن عقد المؤتمر
في هذا التوقيت يأتي في توقيته الصحيح. ومن ثم، فإن هناك حاجة إلى إقامة حوار مشترك
بين الإسلام والهندوسية، لكن السياسات والحكومات تبذر الكراهية». وشدد نائب الرئيس
على أهمية الانطلاق إلى ما وراء التسامح وإيجاد تناغم ديني في إطار من المساواة، وهو
ما يمكن تحقيقه فقط عبر الحوار المدعوم والصادق والمتواصل من دون نظرة استعلاء أو دونيةن
بهدف تحديد قيم عامة للحفاظ على المعايير الأخلاقية لتناغم المجتمع والأهداف المشتركة.
قام
بتنظيم المؤتمر كبرى المنظمات الإسلامية في الهند (مجلس المسلمين لقانون الأحوال الشخصية،
وجماعة أهل الحديث ومشاورات مجلس مسلمي عموم الهند) بالتعاون مع معهد ذاكر حسين للدراسات
الإسلامية التابع لجماعة ملة الإسلام، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من قطر.
واتهم
الدكتور محيي الدين قراداغي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة قطر، الدوائر الغربية
بتأليب أتباع العقائد الشرقية ضد المسلمين، قائلا: «إننا نود أن نحبط محاولات بتعزيز
المخاوف من الإسلاموفوبيا في بعض دول آسيا لتحريف صورة الإسلام هنا. وقد حضرنا هنا
إلى الهند اليوم، الدولة ذات الموروث الثقافي والحضاري الكبير، حتى نتمكن من التعرف
بعضنا إلى بعض عبر الحوار المشترك والعيش بسلام والعمل سويا على بناء وتقدم شعوبنا.
وحقيقة الأمر أن الأفضل بالنسبة لنا العيش في سلام سويا، وبهذه الطريقة فقط يمكننا
تحقيق التقدم الاقتصادي والرفاهية والاستقرار». وحول السبب وراء اختيار الهند لاستضافة
المؤتمر، قال: «إن الهند دولة ناشئة يتوقع أن تلعب دورا أكبر على الساحة الدولية في
المستقبل القريب. إضافة إلى أنها الدولة، التي تضم أكبر أقلية إسلامية في العالم. ونحن
نسعى إلى تعزيز علاقات الصداقة بين العالم الإسلامي وهذه الدول الآسيوية حتى نتمكن
من تجنب التوتر الحالي بين العالم الإسلامي والغرب.
نوقش
خلال المؤتمر الكثير من وجهات النظر، التي شهدت إقبالا من الحضور وأُنصِت إليها باهتمام
وعناية، تضمنت مقترحات بضرورة سماح الدول غير الإسلامية لمواطنيها من المسلمين بالحج
وزيارة الأراضي المقدسة. ومن بين القضايا الأخرى، التي تمت مناقشتها داخل المؤتمر،
ضرورة الاهتمام بقضايا المرأة حتى تتساوى مع الرجل وكفالة الدولة حماية الأقليات داخلها.
وفي
كلمته أمام المؤتمر، طالب جاغاتغورو شانكاراتشاريا أونكاراناد سراسوتي، الزعيم الديني
الهندوسي، بالوحدة بين أتباع الديانات في الدولة الواحدة، وقال: «إننا بحاجة الآن إلى
الوحدة، التي احتجناها من قبل لتحرير الهند. فالإسلام لا يعلم الإرهاب ولا يتحدث عن
الفُرقة، وما من دين يدعو إلى الكراهية أو الفرقة. ونحن جميعا نعبد ربا واحدا، ونحن
متساوون، فلا صراع بين الهندوسية والإسلام، فنحن بحاجة إلى إبراز القيم والتعاليم التي
تنادي بالوحدة». ويقول مولانا إرشاد مدني، رئيس جماعة علماء الهند: «لم يحدث صدام بين
أتباع الديانات في السابق في الهند، لأن الحكام المسلمين كان لديهم موظفون هندوس في
مناصب عليا، كما قام بذلك الهندوس، ولا يوجد صراع ديني، فنصيحة الإمبراطور موغال الأول،
إمبراطور بابر، لابنه هيومايون قبل موته خالدة.
وقال
إرشاد مدني أيضًا: «كانت الحكومة البريطانية هي التي زرعت العداء الديني عبر سياستها:
فرق تسد. وإن السلام يجب أن يعزز بالسلام والتناغم المشترك».
ويتوقع
أن تقام المزيد من الفعاليات المشابهة خلال الأشهر المقبلة تركز على العلاقات مع الديانات
الأفريقية.