استعرض فضيلة د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحوال الأمة العربية والإسلامية مشيدا بالدور القطري في نصرة قضايا الأمة وقال إن العالم كله اليوم حتى جامعة الدول العربية التي كنا ننتقدها من على هذا المنبر كثيراً حول موقفها من سوريا بالذات، لم تستطع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام كل هذه الجرائم، ولا سيما بدعم قطر جزاها الله كل خير قيادة وحكومة وشعبا على هذه المواقف المشرفة.

ولكن كما قلت لو كل العالم اتفق تستطيع روسيا أن تقف أمام العالم كله، فأي قانون هذا؟ أيها الأحبة لن تعود البشرية إلى رشدها إلا بهذا الميزان، إلا بالقرآن الذي هو المرجعية لنا فبدون القرآن ستظل البشرية تعاني من الظلم وعدم المساواة الحقيقية وقال فضيلته في خطبة الجمعة أمس بجامع عائشة رضي الله عنها بفريق كليب: نحن نناشد العالم بإنقاذ الشعب السوري من هذه الجرائم ونناشد العالم العربي الوقوف مع الشعب اليمني لاستكمال مشواره.

العدالة

وكان فضيلته قد بدأ خطبته قائلا:من خلال هذه العدالة السماوية، والمظالم البشرية، نرى أحوال أمتنا الإسلامية في تعاملها فيما بينها مع الأسف الشديد، وفي تعاملها مع غيرها، وتعامل الغير معها، فالمظالم التي ظهرت في عالمنا الإسلامي خلال القرون الأخيرة لم تشهد مثلها هذه الأمة على تاريخها، بل ربما لم تشهد البشرية مثل هذه المظالم على هذه الشعوب المسلمة المسكينة المظلومة، خاصة في ظل العساكر، والانقلابات العسكرية، والاستبداد العسكري، والدكتاتورية، والظلم والتعذيب، الذي نال المسلمين في كثير من البلاد العربية الإسلامية، في العراق ومصر، وفي سوريا وتونس والجزائر، وفي كثير من البلاد الأخرى، البشرية أهينت، والمسلمون أذلوا، ولو قرأت الآن التصريحات والمذكرات للذين سجنوا، لما استطعت أن تقرأ إلا وتتساءل، هل هؤلاء من البشر؟ حتى الوحوش الكاسرة لا تفعل ذلك، الوحوش الكاسرة لن تقضي على الفريسة إلا بقدر حاجتها، ولكن هؤلاء عاثوا في الأرض فسادا، وتكبروا وتجبروا، وأذلوا الشعوب، ورفعوا شعارات ما حققوها، لا حرروا فلسطين، ولا حققوا الأمن، ولا أطلقوا النار- بعضهم- أساسا على اليهود، ومع ذلك بقوا جاثمين، كما نرى ونشاهد اليوم من هذه المظالم والقتل اليومي في سوريا وكذلك ما يعذبون في بعض البلاد الأخرى.

تجربة البشرية

وتابع:لقد جربت البشرية خلال عقودها الطويلة، وقرونها الكثيرة، جربت القوانين الوضعية، والأنظمة البشرية والتجارب الإنسانية ، وجربت كل هذه الأمور على مر التاريخ والعصور، وتبين لها فيما بعد أن هذه الأنظمة البشرية، وتلك القوانين الوضعية، إذا لم تكن مبنية على وحي الله سبحانه وتعالى، وعلى نور الله سبحانه وتعالى، وعلى هدي الله سبحانه وتعالى، لن تحقق العدالة ، ولن تحقق المساواة، ولن تحقق الخير، وإنما تتحول إلى أهواء بشرية، وأهواء إنسانية، إما لمصلحة شعب على حساب شعب آخر، أو قبيلة على حساب قبيلة أخرى، إلى غير ذلك من التصنيفات التي ترتبت عليها مظالم كثيرة، وجور كبير على مر التاريخ الإنساني. .فهؤلاء الرومان حين وصلوا إلى مستوى من الرقي الحضاري بالنسبة لهم، حينما وضعوا القوانين الرومانية المعروف، انحازوا فيها إلى الرومان فقط، فلم يعطوا الحقوق ولا المساواة ولا الأهلية للإنسان للبيع والشراء، لم يعطوا إلا لمن كان رومانياً وداخل الرومان لمن كان الأخ الأكبر، وليس الأخوة الصغار، وليس الأخوات ولا البنات، وإنما حرموا، وحُرمن من معظم الحقوق، وحينما احتلوا البلاد، عاملوا البلاد المحتلة نفس المعاملة، فحينما احتلوا مصر لم يعطوا للشعب المصري من الحقوق، رغم أنهم كانوا يتفقون معهم في المسيحية، حتى الأهلية للبيع والشراء.

حقوق

وأشار فضيلته إلى التاريخ بقوله: لو قرأنا أي كتاب تاريخي أو أي قانون، حتى في عصرنا الحديث، الذي ظهرت فيه حقوق الإنسان، وارتفعت الأصوات بحقوق الإنسان والمساواة، ولكنه بلا شك، كل إنسان يستطيع أن يميز بوضوح، في التعامل بين من هو أمريكي بالنسبة لأمريكا، وبالنسبة لمن هو غير أمريكي، مهما كانت، وقد كشفت الأحداث الأخيرة، أحداث11 سبتمبر، كشفت عن عنصرية غريبة، ومعاملات غريبة، في التعامل بالذات مع المسلمين، بحيث حتى وان كانت لديهم جنسيات، فلم يعاملوا معاملة الأمريكيين الأصليين – كما يسمون- رغم أن أمريكا الآن الحاليين ليسوا الأصليين في بلادهم ، الأصليون هم الهنود الحمر فقط.

ورأى انه وحتى قوانين الأمم المتحدة التي هي تطبق على العالم، وأسست أساساً في عام 1945، أسست بعد حربين عالميتين خطيرتين، راحت ضحيتهما ملايين بل عشرات الملايين من البشر، وتحققت هذه الحروب بسبب المظالم، وعدم المساواة والعنصرية، وحينما اجتمع الناجون، دول الحلفاء، ووضعوا قانون الأمم المتحدة على أساس العدل والمساواة، وعلى أساس حماية الأمن والسلام الدوليين، لم تستطع البشرية أن تخرج من عنصريتها، فأعطوا للخمس دول الفائزة في الحرب حق الفيتو، وحق النقض، وهذا يعني اليوم أن الدول الأعضاء الكاملة العضوية في الأمم المتحدة، في أكثر من 200 دولة، فلو اجتمعوا جميعا، وقرروا شيئا، يستطيع ممثل دولة واحدة مثل روسيا أو أمريكا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا أن يقضي على هذا القرار بإشارة واحدة . فلو قرر 5 مليارات و500 مليون من البشر بنعم، وروسيا قالت لا، فروسيا تفوز، أو الأمر بالعكس، وكذلك ممثل بريطانيا، بـ70 مليون نسمة، أن يقضي على قرار أممي اجتمعت عليها البشرية بـ 7 مليارات و700 مليون نسمة. وهكذا هم وضعوا الأمم المتحدة لأنفسهم، وضعوها للسلام والأمن، ولكن لمصلحة السلام والأمن لدولهم، وأما إذا كانت لمصحة الدول الفقيرة فلا، وأكبر دليل على ذلك، ما يحدث في فلسطين، إلى يومنا 300 قرار دولي ،استطاعت أمريكا أن تقضي عليها بفيتو، وبعضها، حتى إن وافقت عليها أمريكا، لم يدخلوها في الفصل السابع وانتهت المسألة بلاشيء. إن حق الفيتو للدول الخمس حق جائر يدل على أن البشرية لم تتحرر بعد من العنصرية.

الإسلام هو العادل

وقال:باعتراف الجميع لم تستطع البشرية أن تعدل بين دين وآخر إلا الإسلام. وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بوثيقة في 47 مادة دستورية، و27 مادة تدور حول غير المسلمين واليهود، ولهم حقوقهم الكاملة للمواطنة.