الدوحة – العرب
ناشد فضيلة الشيخ د.علي محيي الدين القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لجنة جامعة الدول العربية المبتعثة إلى سوريا ألا يشهدوا الزور, وأن يقولوا الحق, محذرا من أنه لا يجوز للإنسان أن يقول الباطل أو أن يشهد الزور, واعتبر ذلك من أكبر الكبائر. مؤكداً على الوحدة بين المسلمين, ومستعرضا شروطها ووسائل حمايتها.
وقد بدأ فضيلته خطبته في جامع عائشة رضي الله عنها قائلا: لقد تحدثنا في الخطبة السابقة عن أن الآيات الكريمة من سورة آل عمران من الآية المئة إلى الآية 120 تتحدث تماما عن شروط الوحدة الحقيقية، وعن التحديات التي تواجه هذه الوحدة، وعن الوسائل لتحقيق هذه الوحدة، وقد ذكرنا أن هذه الآيات تتضمن مجموعة من الشروط الأساسية، ومن دونها لن تتحقق الوحدة الحقيقية، وإنما ستكون مجرد دعاية وإعلام، دون أن تحقق أهدافها ونتائجها المرجوة التي ترجوها الأمة الإسلامية جمعاء, أهم هذه الشروط باختصار شديد هي مرجعية الأمة، أن تتفق الأمة على هذه المرجعية، وهي الكتاب والسنة «وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ»، وهو أخطر شرط من شروط الوحدة، والمفروض أن يكون ذلك من أسهل الشروط، فالأمة الإسلامية كلها -والحمد لله- تدعي الإسلام، ولكن حينما نعود إلى المرجعية، تختلف الأمة بسبب المناهج، وبسبب تأثير المناهج الغير الإسلامية، والمناهج الوضعية في نفوس هؤلاء، وبسبب التربية والثقافة التي تشرَّب بها البعض، يريدون من الإسلام أن يكون مجرد علاقة بين الإنسان وربه، دون أن يكون لهذا الرب الذي خلقنا دور في تسيير الحياة، فكأن هذا بمثابة حبس -أستغفر الله العظيم- للخالق العظيم في دائرة ضيقة، وهو الخالق وهو المدبر وهو الذي خلقنا، وهو الذي شرع لنا هذا التشريع، ومن هنا جاءت العلمانية لتعادي هذا المشروع الذي ما كان ينبغي أن نختلف عليه، وهو أن نرجع إلى الكتاب والسنة، ليس في مجال الصلاة والصيام فقط، وإنما في مجال الحياة كلها «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ».
الإيمان والتقوى
وقال فضيلته: إن الشرط الثاني هو الإيمان والتقوى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ» فبدون هذا الإيمان لن تكون هناك رابطة تجمع الأمة، وبدون هذه التقوى لن يكون هناك إخلاص، وإنما يكون هناك مصالح نفعية، ونفاق، ومجاملات، ومصالح شخصية أو حزبية أو غير ذلك.
أما الشرط الثالث فهو تحقيق الأخوة الإيمانية «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا»، هذه الأخوة تترتب عليها حقوق وواجبات، وأقول لكم بكل صراحة، إن حديث الجميع إلا من رحم ربي يدور حول واجبات للبعض وليس الحقوق والواجبات المتساوية لهذه الأمة المسلمة، فكل واحد منا إذا سنحت له فرصة يريد أن يأخذ بأكثر الحقوق دون أن ينظر إلى أخيه المسلم في أن يكون مساويا له في جميع الحقوق، دون أي تفرقة بين كونه من هذا البلد أو غير هذا البلد، وإنما يكون الأساس الإيمان، ويكون الأساس الجنسية الإسلامية، وهي تكون الأساس لتكوين العلاقات بين الناس، وتكون العلاقات القائمة للحقوق المالية قائمة على العدل والإنصاف دون النظر إلى أي شيء آخر, فهذا شرط أساسي لم يتحقق في العقود الأخيرة, بل في القرون الأخيرة لا على مستوى الأمة الإسلامية، ولا على مستوى القومية العربية، التي ادعت أن تكون العروبة وسيلة لتجميع الأمة، ولكن لم تنجح الأحزاب القومية في تحقيق هذه المساواة، وفي تحقيق هذه الأخوة، بل تشعبت وتفرقت وأصبحت مصالح شخصية وحزبية، ومن هنا فشلت فشلا ذريعا.
الأخوة الحقيقية
وذكر فضيلته أن أي وحدة لا تقوم على هذه الإخوة الحقيقية القائمة على الحقوق والواجبات، سوف تفشل وتكون وحدة على الفوق ولا تكون وحدة حقيقية، فلننظر إلى الغرب، ماذا فعلوا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، بهدوء وتدرج أصبحت حقوق المواطنين الأوروبيين متساوية في كل دولة، وينظر إلى كل إنسان من حيث عمله، من حيث تخصصه، ومن حيث خبراته، ومن حيث تجاربه، هذا هو المعيار دون أن يكون هناك أمر آخر يكون معيارا.
الشرط الرابع أن تكون هذه الأمة باقية على الخيرية، خيرية في الثقافة، خيرية في العلم، خيرية في الإبداع، خيرية في الجانب الإنساني، لا يمكن أن تكون الأمة الضعيفة الفقيرة المتخلفة أمة واحدة، إذا لم تعالج، ولا يمكن أن تتحد الأمة وبعضها تموت بالبطنة وكثرة الأكل والشرب والرفاهية المفرطة، والبعض الآخر يموت بالمجاعة والفقر وسوء التغذية. فالأمة كالجسد الواحد إذا أردنا أن تكون الأمة واحدة لا بد أن تكون كالجسد الواحد، والجسد الواحد كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فكيف أنا أحس بمنتهى الرفاهية وبمنتهى ما سهل الله علي، دون أن أحس بإخواني في الصومال وفي إفريقيا وفي فلسطين، وفي معظم عالمنا الإسلامي، ويموت يوميا الآلاف, بل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والفقراء بسبب المجاعة وسوء التغذية، بينما يموت بعض الناس في المقابل بسبب كثرة الأكل وكثرة اللحوم والشحوم وغير ذلك، هذا تضارب من الصعب جدا أن يلتقي، إلا إذا عملنا على إعادة التوزيع, ولا يكون المال دُولَةً بين الأغنياء منكم، فنأخذ الحقوق بالكامل فحينئذ ينتهي الفقر، ولو دفعت الزكاة بصورة حقيقية، ووزعت بصورة حقيقية، لما بقي فقير واحد.
ولنا في ذلك تجربتان: تجربة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أرسل معاذا إلى اليمن، الذي يعاني اليوم في ظل هذا التقدم من الفقر والمشاكل والبطالة، فقد أرجع معاذ في العام الأول ثلث الزكاة، ولكن سيدنا عمر راجعه، وقال: أهل اليمن أولى بأموالهم ما أرسلتك جابيا، أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هاديا ولم يرسله جابيا، تأخذ أموالهم من أغنيائهم فتردها على فقرائهم. وقال معاذ: والله يا عمر لم أجد فقيرا يأخذ من هذه الزكاة, وفي العام الثاني زاده إلى النصف, وفي العام الثالث زاد إلى الثلثين ولم يحتج إلا إلى الثلث هذا كان على مستوى اليمن.
لا فقير معدم
أما على مستوى الأمة الإسلامية، فقد طبقه عمر بن عبدالعزيز خلال سنتين وستة أشهر وسبعة عشر يوما وإحدى عشرة ساعة، طبق في العام الأول شعار «لا يبقى فقير معدم» وهو حد الكفاف، جعل العام الأول عام الكفاف، وقضوا على الفقر المعدم تماما في الأمة الإسلامية، التي كانت من المحيط إلى المحيط، ثم العام الثاني لحد الكفاية، فما بقي فقير معدم وإنما وصل إلى حد الكفاية، وفي العام الثالث في ستة أشهر أعطوا الناس حتى حققوا للأمة تماما تمام الكفاية، وزادت الزكاة ووزعت على فقراء غير المسلمين, وهذا رأي لعمر بن عبدالعزيز إذا لم يبق فقير من فقراء المسلمين يجوز أن يعطي لفقراء أهل الكتاب من أهل الذمة، ثم بعد ذلك إذا زاد على ذلك أيضاً اعتق به العبيد، من أراد أن يعتق فيعتق، وزاد على ذلك فزُوج به البنون وكذلك البنات.
الشرط الأخير أن الأمة الإسلامية لا بد أن تسعى لكسب الأصدقاء، ولا يجوز للأمة الإسلامية والمشروع الإسلامي أن يجعل الجميع من غير المسلمين أعداء أبدا، بل الإسلام يريد دائما أن يبحث عن مشتركات بين الإنسانية جميعا، فبينما يحقق الأخوة الإيمانية بين المؤمنين، ينطلق إلى أخوة أهل الكتاب ثم إلى أخوة الآخرين من الوثنيين ومن المشركين، يريد أن يجمعهم بشرط أن لا يضروا بنا، حينما يجعلهم من المشتركات، إنهم يبحثون عن الحقيقة، ونبحث كذلك عن الحقيقة، من خلال هذه الآية الكريمة حينما تحدث القرآن الكريم عن ذلك، تبين أن هؤلاء لم يُحكم عليهم بأنهم أهل ضلالة وفسق مباشرة، وإنما دعاهم إلى المناقشة والحوار فقال «وَإِنَّا» من المسلمين «أَوْ إِيَّاكُمْ» من المشركين والوثنيين ومن كل الأصناف «لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» فتعالوا لنتناقش ثم قال «قُلْ لَا تُسْأَلُونَ» بهذا الأسلوب الرقيق والراقي «قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ» لذلك في سورة آل عمران أيضاً قال «لَيْسُوا سَوَاءً» فلا يجوز أن ننظر إلى كل غير المسلمين على نفس المستوى, نحن نعادي من عادانا، نعادي من احتل أرضنا، حتى من اليهود، الذين لم يحتلوا أرضنا ولم يدعموا اليهود نحن لسنا ضد هؤلاء، بل ضد من يحتل أرضنا، من يأتي ويستعمرنا، من يريد الإضرار بنا, هؤلاء أعداء لنا, أما ما عداهم ممن لهم مصالح معنا فنجتمع معهم على تحقيق المصالح ولا نطيعهم, هذه هي الشروط الأساسية التي تحدثنا عنها في الخطبة السابقة وكررتها يإيجاز في هذه الخطبة.
تحديات كبيرة
أما التحديات فقد ذكرت هذه الآيات نوعين أساسين من التحديات: النوع الأول: التحدي الخارجي أن أعداء الإسلام على رغم موقف الإسلام العظيم، بأنه موقف مسالم، موقف متسامح، موقف يدعو إلى الحوار والنقاش مع الجميع دون الحكم عليهم، وإنما يريد أن نتحاور جميعا لخدمة الإنسانية «وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ», «تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» إلى آخر الآيات التي تحدثت عن هذه المسألة كثيرا, ومع ذلك فإن أعداء الإسلام لا يريدون لهذه الأمة خيرا، وهذا أمر طبيعي. وإن أشد العداوة لهذه الأمة يأتي من هؤلاء، لا يريدون لهذه الأمة أن يكون حتى ديمقراطيا التي عندهم، لا يريدون أن تكون هناك ديمقراطية، لأنها تحمي الحرية للشعوب وظلوا مع المستبدين، وظلوا مع الظلمة، وظلوا مع الطغاة، ما دامت لهم مصالحهم، هم يعبدون مصالحهم، ولذلك يعلمون أو يظنون أن وحدة الأمة الإسلامية تأتي على حسابهم، بينما في الحقيقة وحدة الأمة الإسلامية تأتي بأن تكون للأمة الإسلامية قوتها ولها عزتها ولها كرامتها, وألا تحتاج إلى الغير، لا في الغذاء ولا في الدواء ولا في أي شيء، ويكون التعامل على أساس المصالح المشتركة، ولكن هؤلاء قد تعودوا على أن يأخذوا أرضنا وديارنا مئات السنين وجمعوا الثروات واحتلوها. نحن اليوم نبيع لهم برميل نفط بمئة دولار وهم يصنعون من هذا البرميل ويبيعون من منتجاته بأكثر من 50 ألف دولار، ومع ذلك لا يرضون من دون أن يأخذوا نهبا.
فمن هنا يقول الله سبحانه وتعالى ويحذرنا إذا كنتم تريدون أن تكون لكم الوحدة لا يجوز لكم أن تسمعوا لهؤلاء، ولا يجوز لكم أن تطيعوا هؤلاء، فإن إطاعتكم لهؤلاء مهما كانوا دليل على هزيمتكم الداخلية، دليل على إفلاسنا، استعانة أمتنا الإسلامية بمناهج الاشتراكية أو الشيوعية أو الليبرالية الغربية إلى آخرها، دليل على أننا مفلسون مع أن هذا الدين رحمة للعالمين، وقد كشفت التجربة الاقتصادية اليوم أخطر تجربة، الأزمة المالية العالمية، بأنه لا نجاة ولا شفاء إلا في الاقتصاد الإسلامي التي يقوم على الاقتصاد العيني، ولا اقتصاد الربا ولا اقتصاد الديون، فلذلك رفع الفائدة مشكلة، ونقص الفائدة مشكلة، ويخرجون من أزمة مالية إلى أزمة تجارية، ومن الأزمة التجارية إلى أزمة الديون، ثم تعود الكرة إلى أزمات، وكما قلت لو لم يكن هناك ضخ من أموالنا لانتهى هؤلاء، لأنهم يعيشون على ثروات بلادنا، فيقول الله سبحانه وتعالى محذرا, فيصف من يطيعهم في هذا المجال بالكفر فيقول «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ» وهنا عظمة القرآن الكريم, فلم يقل رب العالمين إن تطيعوا أهل الكتاب, بل قال فريقا منهم فمنهم الصالحون وأكثرهم فاسقون كما في سورة آل عمران «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ» ثم قال «لَيْسُوا سَوَاءً» ويقوا اللا إن تطيعوا فريقا خاصة السياسيين الذين يتأثرون بالصهيونية أو ما يسمى بالغرب بالإنجيلية وهو مسيحيون في الظاهر وصهيونيون في الباطن, واستطاعت الصهيونية أن تدخل أفكار الصهاينة داخل جسم المسيحية من خلال الإنجيليين أو المتصهينين وهم أشد الناس دفاعا عن اليهود, وأشد الناس حقدا وكراهية المسلمين وبيّن الله سبحانه وتعالى أيضاً وبينت السنة النبوية المشرفة بهذه الآية الكريمة أن المقصود بالكفر هنا التفرق أي يردوكم بعد وحدتكم بالإيمان كافرين أي متفرقين ولا يقصد به أن المسلم يرتد عن إيمانه وهم لا يريدون ذلك أساسا, وإنما يريدون أن نكون تبعا لهم, وكذلك سمى الرسول صلى الله عليه وسلم التفرقة كفرا, الذي هو دستور الأمة يوم حجة الوداع فالرسول صلى الله عليه وسلم ودع الأمة بهذه الكلمة. وقال: «ولا ترجعوا بعدي كفارا» تكفرون بالله، لا هذا غير وارد بل «يضربوا بعضكم رقاب البعض» حينما يصل الأمر بالأمة يضرب بعضهم رقاب البعض, فهذا كفر بنعمة الله, وهذا كفر بالأخوة الإيمانية, وهذا كفر بالإسلام الحقيقي حتى إن لم يكن كفرا بالعقيدة.
مؤامرات
واعتبر فضيلته ذلك الأمر أخطر شيء, فالمؤامرات من كل جانب, ومع الأسف الشديد المسلمون يساعدونهم على ذلك, وبأي اسم كان, سواء كانوا متشددين, سواء كانوا طوائف من خلال التهديدات, وعلى ألا يكون هناك ثقة بين المسلمين لبعضهم البعض, فمهما كان فالإنسان يريد حماية نفسه فإذا كان الإنسان معرضا للأذى وللاعتداء حتى من أخيه الشقيق فلا يقبل بذلك, وهذا ما يساعد على مر تاريخنا الإسلامي الذي ساعد الصليبية أو الصهاينة الذين ساعدوهم على التمكن منا, هم مع الأسف الشديد من هذه الأمة, وإلا لا يستطيعون أن يصلوا إلينا لو كنا موحدين ومتحدين «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» نحن نختلف مع البعض وهم يدعون الحماية لنا ويقنعوننا بها, ولكن النتيجة أن أموالنا تكون لهم مرة أخرى, مرة نصرفها على الحرب الإيرانية العراقية بمئات المليارات, ومرة أخرى حينما احتل العراق الكويت صرفت كذلك مئات المليارات في إخراج العراق من الكويت, ثم بعد ذلك التهديدات الإيرانية, ثم بعد ذلك فيما يسمى الحرب على الإرهاب وأموال المسلمين حقيقة هي التي تصرف على الحروب الداخلية, ولذلك جعل الله هذه التفرقة كفرا «إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ» وهؤلاء الذين يهددون, أو هؤلاء الذين يساعدون على هذه الفرقة أطاعوا الغرب سواء أرادوا أم لم يريدوا أطاعوا الغرب وساعدوهم على مزيد من التفرقة وساعدوهم على مزيد من عدم الثقة كما قال الشيخ أحمد ياسين رحمة الله عليه في مقابلة حربنا مع اليهود, ليس مسألة دينية وإنما نحن أصحاب هذه الأرض وكنا في بداية سنة 1900 ما كان هناك يهودي واحد ثم جاؤوا وأخذوا أرضنا فلو جاءني أخي الشقيق وطردني من البيت بالقوة لحاربته وقاتلته وهذا أمر طبيعي.
هذه قضية خطيرة, ولكن هذا لا يعني أننا نعالج المسألة بالخطأ أيضاً, بل نعالج هذه القضية فيما بيننا ونبين الحقائق لنا, وحتى داخل دول الخليج إذا كان هناك خوف لم تكن هناك وحدة, إذا خافت دولة صغيرة من دولة كبيرة, ولذلك في حال الخوف استعان بعض الدول بالغرب على دول أخرى لذا يجب تحقيق الأخوة الإيمانية والمساواة الكاملة, وهناك حقوق متقابلة دون فرق بين دولة وأخرى صغيرة, هذه هي الأسس الأساسية, الثقة وبدون الثقة لا يمكن الوحدة فالإنسان يستعين بالله سبحانه وتعالى لرد الأعداء.