بقلم: ا. د. علي القره داغي

جريدة الشرق – الدوحة

صدرت الفتوى الشاملة حول مصرف ” الغارمين ” في الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة وهذا نصها:

١- الغارمون قسمان: الأول: المدينون المسلمون الفقراء لمصلحة أنفسهم في المباح ، وكذا بسبب الكوارث والمصائب التي أصابتهم.

والثاني: المدينون المسلمون لإصلاح ذات البين لتسكين الفتن التي قد تثور بين المسلمين، أو للإنفاق في المصائب والكوارث التي تحل بالمسلمين ، ولا يشترط الفقر في هذا القسم.

٢- الضامن مالا عن رجل معسر يجوز إعطاؤه ما ضمنه إن كان الضامن معسرا.

٣- لا يجوز إعطاء الغارم لمصلحة نفسه من الزكاة إذا كان دينه في معصية ، كالخمر ، والميسر والربا ، إلا إذا تحقق صدق توبته.

٤- يجوز قضاء دين الميت من مال الزكاة إذا لم يكن في ميراثه ما يفي به ، ولم يسدد ورثته دينه ، ففي تسديد دينه من الزكاة إبراء لذمته، وحفظ لأموال الدائنين .

٥- الغارم لمصلحة نفسه القوي المكتسب لا يجوز له أن يأخذ من مال الزكاة إذا أمكنه سداد دينه من كسبه، أو أنظره صاحب المال إلى ميسرة ، وكذلك من كان له مال سواء كان نقدا أو عقارا أو غيرها يمكنه السداد منه.

٦- إذا أخذ الغارم من الزكاة بوصف الغرم فلا يجوز له أن ينفق هذا المال إلا في سداد غرمه ، أما إذا أخذه بوصف الفقر فيجوز له إنفاقه في حاجاته .

٧- الغارم الفقير أو الغارم المسكين أولى بالزكاة من الفقير أو المسكين الذي ليس بغارم ، لأن الأولين اجتمع فيهما وصفان : الغرم والفقر أو المسكنة والآخرين ليس فيهما إلا وصف الفقر.

٨- يجوز إعطاء الغارم من الزكاة بمقدار ما عليه من ديون قلت أو كثرت ، إذا كان في مال الزكاة وفاء لتلك الديون ، أو إن استغنى الغارم قبل سداد ما عليه من ديون وجب عليه إرجاع تلك الأموال لولي الأمر، أو لمن أخذها منه ، فإن لم يستطع ، فإنه يدفعها في مصارف الزكاة .

٩- يجوز إعطاء الغارم من مال الزكاة للعام الذي يحل دينه فيه ولو بقي من ذلك العام أشهر على موعد السداد ، ولا يعطى لسداد دين العام التالي ، إلا أن يصالح المدين صاحب الدين على السداد في الحال مع الحط من الدين .

١٠ – لا ينبغي لمن يجد دخلا يكفيه أن يستدين لإنشاء مصنع أو مزرعة أو مسكن اعتمادا منه على السداد من مال الزكاة ، فمال الزكاة يعطى لسد حاجة الفقراء ، أو إيجاد دخل لهم يسد حاجتهم ، ولا يعطى لمن لديه ما يكفيه ليزداد ثراء .

١١ – يعطى ذوو قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم الغارمون من هذا المصرف، إذا انقطعت حقوقهم المقررة شرعا .

وفي سبيل الله :

وقد اختلف المفسرون والفقهاء في تفسيره بين موسع في دائرته ، ومضيق حاصر معناه في الجهاد القتالي فقط، ومتوسك ، وصدرت في ذلك فتوى الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة ، وهذا نصها: (( أن مصرف (في سبيل الله) يراد به الجهاد بمعناه الواسع الذي قرره الفقهاء بما مفاده حفظ الدين وإعلاء كلمة الله ويشمل مع القتال الدعوة إلى الإسلام والعمل على تحكيم شريعته ودفع الشبهات التي يثيرها خصومه عليه وصد التيارات المعادية له.

وبهذا لا يقتصر الجهاد على النشاط العسكري

 وحده. ويدخل تحت الجهاد بهذا المعنى الشامل ما يلي:

أ – تمويل الحركات العسكرية الجهادية التي ترفع راية الإسلام وتصد العدوان على المسلمين في شتى ديارهم مثل حركات الجهاد في فلسطين وأفغانستان والفلبين.

ب – دعم الجهود الفردية والجماعية الهادفة لإعادة حكم الإسلام وإقامة شريعة الله في ديار المسلمين ومقاومة خطط أعداء الإسلام لإزاحة عقيدته وتنحية شريعته عن الحكم.

ت – تمويل مراكز الدعوة إلى الإسلام التي يقوم عليها رجال صادقون في البلاد غير الإسلامية بهدف نشر الإسلام بمختلف الطرق الصحيحة التي تلائم العصر وينطبق هذا على كل مسجد يقام في بلد غير إسلامي يكون مقرا للدعوة الإسلامية.

ث – تمويل الجهود الجادة التي تثبت الإسلام بين الأقليات الإسلامية في الديار التي تسلط فيها غير المسلمين على رقاب المسلمين، والتي تتعرض لخطط تذويب البقية الباقية من المسلين في تلك الديار.

 مصرف ابن السبيل:

هو من انقطعت به السبل، بحيث لم يبق له مال يبلغه المقصد ، أو موضع ماله ، فيعطى له من الزكاة ما يبلغه إلى مقصده أو موضع ماله وإن كان غنياً . وتخصيص سهم من أموال الزكاة لابن السبيل دليل على مدى عناية الإسلام بالسفر والسياحة لأجل الرزق، أو العلم، أو الجهاد ، أو الحج ، أو نحو ذلك من الأمور المطلوبة في الإسلام ، وهو في القوت نفسه لون من التكافل الإسلامي وعناية بالغرباء والمنقطعين حيث ضمن لهم من الأموال ما يوصلهم إلى مقاصدهم .

ويدخل في مصرف ” ابن السبيل ” المنشئ للسفر لمصلحة عامة يعود نفعها لدين الإسلام، أو للجماعة المسلمة كمن يسافر في بعثة علمية، أو عملية يحتاج إليها بلد مسلم، وهذا على رأي الشافعية الذين أجازوا ذلك وأدخلوا المنشئ للسفر في (وابن السبيل).

ويدخل في هذا المصرف إنشاء دور خاصة بابن السبيل والغرباء كما فعل ذلك الخلفاء الراشدون.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

وصلى الله على عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين

وعلى آله وصحبه أجمعين