ويقابل الإصلاح، والصلاح: الإفساد والفساد، ولن يتحقق الإصلاح والصلاح إلا إذا قضي على الإفساد والفَساد.
والفُساد، له عدة معان في اللغة فهو يطلق على كل تصرف يترتب عليه اختلال، وضرر مباشر أو غير مباشر للفرد أو الجماعة أو المجتمع وسواء كان الضرر مادياً أم معنوياً ، حيث حاربه الإسلام سواء كان هذا الفساد في العقيدة أو القول أو السلوك، أو الفكر والأنظمة، حيث تكرر لفظ “فسد” ومشتقاته في القرآن الكريم 50 مرة شملت خطورة فساد العقيدة والأخلاق والتصورات، والسلوك، والفساد والإفساد في الأرض والبر والبحر، وما هو سبب للفساد من قطع صلة الرحم، وإهلاك الحرث والنسل، والفساد المالي، والفساد بالغش ولا سيما في النقود، والإفساد بإحداث الفوضى والإخلال بالأمن والسلم الاجتماعي والقتل والسرقات وأخذ المال بالباطل من الرشوة والغصب، وأموال اليتامى وغيرهم ظلماً وعدوانياً، كما تناول فساد الطغاة السابقين بقتل الذكور، واستحياء النساء ونحو ذلك.
والخلاصة أن القرآن الكريم عالج موضوع الفساد علاجاً شمل الفساد العقدي، والأخلاقي، والشعائري، والسلوكي، كما شمل الإفساد الإداري، والمالي، والاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي، والإفساد في الأنظمة القضائية والسياسية ونحوهما .
صفات المصلحين في القرآن الكريم :
يتبين مما سبق أن صفات المصلحين في القرآن الكريم تتحلى بما يأتي:
1- النيّة الصادقة والإخلاص الكامل، والتوكل على الله تعالى.
2- الإشفاق على القوم، وحبّ الخير لهم، وكره الشر لهم.
3- الإرادة الحازمة، والاستعداد التام، والأمل الكبير، واليقين الصادق بالنجاح في عملية الإصلاح.
4- التدرج والصبر وعدم الاستعجال وعدم اليأس والقنوط، وتحمّل المصلح لنتائج الدعوة إلى الإصلاح.
5- القدوة الصالحة، ولذلك عرًّف الله تعالى (الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) بقوله: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) .
6- المراقبة، والمتابعة الدائمة، والاستمرارية أو ما يسمى بالاستقامة.
7- العلم بالإصلاح وطرقه، وبتأريخ المصلحين من الأنبياء والمرسلين والمصلحين، وبالتجارب الناجحة والفاشلة، ليستفاد منها (فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ بها).
وينبثق مما سبق ضرورة وجود خطة استراتيجية عامة ومرحلية تتوافر فيها الشروط والضوابط والآليات المطلوبة للنجاح ومعالجة التحديات التي تعترض طريق الإصلاح.