مشكلة الفتاوى المتضاربة سواء كانت داخل الهيئات الشرعية ، أومن خارجها ، وعدم وجود مرجعية عامة لهذه الهيئات ، حتى القرارات الصادرة من المجامع الفقهية ، والمعايير التي صدرت من هيئة المعايير التي صدرت بمملكة البحرين .

وهذه الفتاوى إذا قمنا برصدها نجدها تتجه نحو ثلاثة اتجاهات :

الاتجاه الأول : اتجاه التشدد .

الاتجاه الثاني : الترخيص ، بل والتفلت .

الاتجاه الثالث : المعتدل القائم على التأصيل الشرعي والتحليل .

 فهذه مشكلة تحتاج إلى حل ، ولا أجافي الحقيقة أنني أخاف أن تذبح هذه التجربة الاسلامية بهذه الفتاوى غير المنضبطة تشدداً أو تفلتاً .

 

والمنهج الوسطي الصحيح للفتوى ـ اضافة إلى شروطها المعروفة ـ هو أن يقوم على الأسس والمبادئ الآتية :

1)         المبادئ العامة في الاسلام ، مثل مبدأ العدل ، والتوازن ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، ونحوها .

2)         المقاصد الكلية مع ملاحظة الأدلة الجزئية ودمجهما في منظومة واحدة على أساس التوفيق والنظرة الشمولية القائمة على النظرة الزوجية وليست النظرة الاحادية .

3)         النظر في مآلات الفتاوى الجزئية ، وأثرها على مستقبل الاقتصاد الاسلامي والمؤسسات المالية الاسلامية .

4)         رعاية فقه الواقع ، وفقه التنزيل ، وفقه الميزان ، والأوزان ، والتوازن .

5)         رعاية منهج التيسير ، ولكنه يختلف عن تتبع رخص الفقهاء ، أو ما يسمى بالمخارج والحيل ، وهي غير الرخص التي وردت بشأنها أدلة شرعية فهذه جائزة بلا شك ، يقول الشاطبي : (… وعلى هذا يكون الميل إلى الرخص في الفتيا باطلاق مضاداً للمشي على التوسط ، كما ان الميل إلى التشدد مضاد أيضاً ، وربما فهم بعض الناس أن ترك الترخص تشديد ، فلا يجعل بينهما وسطاً ، وهذا غلط ، والوسط هو معظم الشريعة وأم الكتاب …. )  .

 

ومن هذه الأمثلة ما يأتي :

‌أ)          التورق المصرفي المنتظم الذي يختلف في جوهره عن المبادئ والأسس للاقتصاد الاسلامي ، ولمقاصد الشريعة ، ولفقه المآلات ، يقول العلامة ابن القيم : ( و كان شيخنا رحمه الله يمنع من مسألة التورق ، وروجع فيها مراراً وأنا حاضر ، فلم يرخص فيها ، وقال : المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه مع زيادة الكلفة بشراء السلعة ، وبيعها والخسارة فيها ، فالشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه )  .

‌ب)        صكوك الاستثمار بشرط ضمان أصل الاستثمار وعوائده ( ليس من جهة ثالثة ) .

‌ج)         الاجارة المنتهية بالتمليك مع اشتراط دفع الأقساط ( الأجرة ) حتى لو هلكت العين المستأجرة .

‌د)         المرابحة في الأوراق ، وليست في الأسواق .

  

    وأخيراً فإن عدم التزام المؤسسات المالية الاسلامية بالمنهج الصحيح للاقتصاد الاسلامي هو أكبر التحديات الشرعية ، وأخطرها على الاطلاق ، حيث يفقدها المرجعية ، والمصداقية ، وعدم التمايز ، وعدم القدرة على التنافس مع البنوك الربوية .