السؤال :
لماذا عمليات التقييم في المؤسسات ؟ وهل لها أصل شرعي؟
الجواب :
عمليات التقييم في المؤسسات فريضة وضرورة ،،، ويتساءل الكثيرون عما يجري في مؤسساتنا وغيرها من عمليات التقييم للهيكلة الادارية ، وللاداريين ، وللبرامج الاكاديمية ، وللأكاديميين من أعضاء هيئة التدريس ونحوهم … هل هذه التقييمات الشاملة من الكبير للصغير ، وبالعكس منهج وافد وارد من الخارج ، أم أنها نابعة من روح الاسلام وجوهره ؟
فأود الاجابة عنها بايجاز شديد من خلال النقاط الآتية :
أولاً ـ إن عمليات التقييم الشامل مطلوبة في الاسلام لعدة اعتبارات منها : تحقيق العدالة ، إذ العدالة ليست المساواة في كل شيء ، بل العدالة هي اعطاء كل ذي حق حقه ، وقيام كل انسان بما عليه من واجب .
فعلى ضوء ذلك لا يمكننا معرفة الجيد ودرجاته ، والسيء ومنازله إلاّ من خلال التقييم الشامل ، حتى يتحقق العدل ، وينال كل ذي حق حقه دون نقص ولا شطط .
وإذا كان العدل واجباً في الاسلام ( بل هو من أهم المبادئ والقيم الاسلامية التي أولى له الاسلام بل جعله الأساس في كل شيء حتى في توازن الأرض والسموات ) فإن ما يحقق هذا العدل أيضاً واجب ، وهو التقييم الشامل العادل ، بناء على قاعدة أصولية وفقهية عامة ، وهي ( ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب ) ومن هنا قلنا : إن التقييم فريضة شرعية إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة ، وهي :
- النزاهة واختيار المتخصصين المخلصين للقيام بهذا العمل بمنتهى الأدب وحسن النية
- رعاية الخصوصيات التي اوجبها الاسلام ، حيث يجب الحفاظ على السرية التامة واحترام رغبات الناس .
- رعاية منازل الشخصيات العلمية من حيث التعامل والتقييم ، واختيار أحسن الوسائل للتعامل معهم ، حيث ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أنزلو الناس منازلهم ) وفي رواية ( أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ) فيجب مراعاة العلم والتميز ، والسن والمقام ، واختيار الأسلوب الأمثل للتعامل مع هؤلاء .
- أن يكون التقييم لأجل التطوير والتدريب وليس لأجل التقييم من حيث هو .
ثانياً ـ ان التقييم ضرورة يفرضها واقعنا المعاصر حيث تأخرنا كثيراً عن ركب الحضارة والتقدم والتكنولوجيا المعاصرة ، ونحتاج إلى خطوات سريعة مدروسة حثيثة للحاق بركب الحضارة التي أمرنا الله تعالى أن نكون نحن المسلمين سباقين إليها ، بل وما خلق الله الانسان إلاّ للعبادة وتعمير الأرض على منهج الاصلاح والجمال والتقدم .
وهذا التقييم لا يتحقق بأناس ضعفاء وإنما يتحقق بأناس علماء أقوياء قادرين على النهوض بالأمة .
ومن المعلوم أن الذي ينبغي أن يقود المجتمع هو العلماء ، والمؤسسات التعليمية .
ومعرفة الأقوي ، والقوي ، من الضعيف ، والذي يعمل من الذي لا يعمل إنما يتحقق عبر معايير محددة ومن هنا أصبح التقييم الصحيح الذي يراد به التطوير ضرورة يفرضها واقعنا ، فإما أن نبقى ضعفاء أو نلتحق بركب الأقوياء ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ) .
والقوة المقصودة هنا هي قوة الايمان والأخلاق والوحدة وقوة العلم والابداع والحضارة والتقدم .
,ومن هنا قلنا : إن عمليات التقييم الشامل فريضة أوجبها الشرع ، وضرورة يفرضها الواقع .
ثالثا ـ ان الاسلام يرحب بكل قديم صالح وكل جديد نافع مهما كان مصدره سواء من الغرب أو الشرق حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الحكمة ضالة المؤمن فهو أحق بها أنى وجدها ) .
هذا والله أعلم