دعا
الدكتور علي محيي الدين القره داغي الخبير في المجامع الفقهية، وعضو المجلس
الأوروبي للإفتاء والبحوث إلى تفعيل الصكوك الإستثمارية والعمل على إصدار المزيد منها،
مشيراً الى الحاجة الملحة لهذه الصكوك في السوق المالية الإسلامية لما لها دور في
تمويل البنى التحتية للمشاريع الإقتصادية المهمة.
جاء
ذلك خلال الورقة التي ألقاه القره داغي في مؤتمر المصارف الإسلامية الأخير والذي
عقد في دمشق والتي حملت عنوان “الصكوك الإستثمار، تأصيلها، وضوابطها الشرعية
ودورها في تمويل البنية التحتية والمشاريع الحيوية .”
حيث
أكد على دور هذه الصكوك في النهوض بالإقتصاد الإسلامي نظرياً وعملياً، وحاجة
المؤسسات المالية إلى هذه الأدوات لتحقيق مقاصدها الشرعية المتنوعة.
وفي
هذا السياق ذكر القره داغي عدداً من النقاط المهمة التي تبين مدى أهمية الصكوك
للمؤسسات المالية، حيث إن وجود هذه الأدوات الإستثمارية الإسلامية يرفع الحرج عن
شريحة كبيرة من المستثمرين الذبن يحتاجون إلى مثلها لأسباب إقتصادية معقولة، كما
أنها مهمة لكسب المستثمرين وتوزيع قاعدة الإستثمار الإسلامي، وتساعد الدولة في
تغطية عجز ميزانيتها، إضافة إلى إثرائها للسوق المالية الإسلامية
“البورصة” باعتبارها الطرف المكمل للأسهم، وكذلك بأعتبارها واحدة من أهم
الوسائل لتنويع مصادر الموارد الذاتية وتوفير السيولة للأفراد والمؤسسات والشركات
والحكومات، ومساعدتها للأفراد على توفير
مدخراتهم الصغيرة وتجميعها، وتثمينها، وتغطيتها للحاجة الملحة للشركات التي
تحتاج الى سيولة لأمد معقول.
ومضى
القره داغي في ورقته مؤكداً توفير اسباب نجاح هذه الصكوك حيث قال “هناك أسباب
موجودة تساعد على إنجاح هذه التجربة الرائدة منها: الحسّ الإسلامي والعاطفة
الإسلامية والصحوة المباركة، والعقيدة، والبنوك الإسلامية التي زاد عددها على 400
بنك إسلامي وآلاف الفروع “لكنه ذكر في السياق نفسه ضرورة توافر عدد من
الأسباب لنجاح هذه الأدوات ذكر منها: صياغة هذه الصكوك صياغة هذه الصكوك صياغة
شرعية وفنية متقنة تراعي فيها كل العناصر الفنية المشروعة الموجودة في السندات،
اضافة الى الضوابط الشرعية.
وتعاون البنوك والشركات والمؤسسات المالية بعضها
مع بعض، وكذلك مع حكومات الدول الإسلامية، ومع المؤسسات المالية الأخرى لإنشاء سوق
مال إسلامية “بورصة إسلامية” لتكون بمثابة الرئة لهذه المؤسسات، على أن
تأخذ هذه البورصة كل الجوانب الإدارية والفنية والتقنيات المتطورة في إدارة
البورصة ما دامت لا تتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – والسعي
الحثيث لدى الحكومات، وبالأخص المصارف الإسلامية لإصدار قوانين ولوائح منظمة
للصكوك الإسلامية، وذلك لحماية حقوق الأطراف جميعها، ولتنظيم العلاقات، وكيفية
التداول والتخارج والاسترداد ونحو ذلك حتى يكون المكتتبون فيها، أو المشترون لها
على علم وشفافية بكل ما يتعلق بهذه الصكوك الإسلامية من الإجراءات، والبيانات
الواجب الإفصاح عنها، ومن أهمها نشرة الإصدار وما يجب أن تتضمنه من المعلومات،
وألا تتجاوز قيمة الصكوك رأسمال المصدر. ومن الأسباب ذكر ضرورة إيجاد معايير دقيقة
للمحاسبة، وبالتالي وجود رقابة منظمة من قبل المصارف المركزية على اساس الضوابط
الشرعية الخاصة بهذه الصكوك، وليس على اساس لوائح وسندات الدين، وعدم حصر التداول
على فئة معينة، ثم التركيز على التوعية الجماهيرية من خلال الإعلانات الجيدة
المؤثرة، والتسويق الجيد القائم على فن التسويق المعاصر، وأخيراً حرص المؤسسة
الإسلامية على إنجاح المشروع.
واضاف أن الصكوك الإسلامية إذا ما توافرت فيها
الشروط والضوابط المناسبة فإن لها آثاراً كبيرة في التنمية الإقتصادية وفي
التعمير، وتمويل البنية التحتية، والمشاريع الحيوية، وهذا ما يتمثل كما قال في
” إنها تمثل موجودات من الأعيان والمنافع والخدمات، وبالنالي فإنها تحرك
السوق، وستساعد على الدورات الإقتصادية، كما إن الصكوك الإسلامية بجميع أنواعها
تساعد على تمويل المشاريع طويلة الأجل، والقصيرة ، والمتوسطة، وبالتالي فإنها تحقق
جميع الأغراض المشروعة التي تصدر سندات الدين المحرمة لتحقيقها، بل إنها أفضل منها
اقتصادياً لأن الصكوك تمثل الموجودات – كما سبق – وما يترتب على ذلك من منافع
اقتصادية، إضافة الى التحريم الشرعي، إضافة الى ذلك فإنها وسيلة ناجعة لجذب
المدخرات، وتجميع الأموال اللازمة لتمويل المشروعات في مختلف الوجوه النافعة خدمة
للاقتصاد الوطني، والمساهمة في انتقال رؤوس الأموال من الدول الإسلامية الغنية الى
الدول الفقيرة، ولا سيما اذا أصدرتها مؤسسات مالية إسلامية محترمة مثل بنك التنمية
الإسلامي، حيث يحقق ذلك انتقال رؤوس الأموال بين الدول الإسلامية بهدف دعم مشاريع
التنمية التي يمكن أن تقام هنا وهناك في رحاب العالم الإسلامية، حيث يمكن من خلال
الصكوك الإسلامية القائمة على الدراسات الجادة المبينة للجدوى الإقتصادية تنمية
العالم الإسلامي وغيره.
وفي
ختام ورقته ذكر القره داغي عددا من أنواع الصكوك المهمة مع التنبيه الى وجود أنواع
كثيرة، ومن هذه الصكوك المهمة ذكر: صكوك الإجارة بنوعيها “التشغيلي
والتمويلي” وصكوك المشاركة بأنواعها، وصكوك شركة الملك، وصكوك شركة الأموال،
وصكوك شركة المضاربة، وصكوك شركة المزارعة، وصكوك شركة المغارسة، وصكوك الإستصناع.