الفساد الإداري في نظري هو: التعدي أو التقصير في ولاية شرعية خاصة أو عامة, بما يترتب عليه إخلال بمقاصدها.

معيار الفساد الإداري:

يتكون معيار الفساد الإداري من عنصرين أساسين، وهما:

1 – القصد السيئ سواء وصل هذا القصد السيئ إلى مرحلة التعدي المباشر، أم توقف عند الإهمال الجسيم الذي ترتبت عليه الأضرار بمقاصد الوظيفة.

2 – تحقق الضرر، أو الإخلال بمقاصد الولاية، بحيث يترتب على ذلك ضرر بالشيء المؤتمن عليه أو بصاحبه أو بالبيئة, إما ضرر واقع فعلاً، أو مآلاً.

الحل الإسلامي لمشكلة الفساد الإداري (الاستراتيجية الإسلامية):

الاستراتيجية الإسلامية في القضاء على الفساد شاملة لمختلف أوجه الفساد وصوره، ومرتكزة على بناء الإنسان النزيه الطاهر، والمجتمع الطاهر، والدولة الطاهرة القوية، وهي تتكون في نظري من ستة عناصر متكاملة ومترابطة، وهي:

أولاً: تحصين الفرد والمجتمع ضد الفساد، بالعقيدة، والقيم الأخلاقية والتربوية, وتنمية الوازع الديني.

ثانياً: الجانب التشريعي الخاص بالعقوبات الدنيوية والأخروية على الفساد الإداري (الرشوة، واستغلال السلطة، والتعسف في استعمال الحق) كما سبق.

ثالثا: الثواب الدنيوي والأخروي للولاة العادلين الناجحين, حيث يستحقون الشكر والدعاء والتقدير في الدنيا، والجزاء الأوفى عند الله تعالى.

رابعاً: اشتراط مواصفات معينة فيمن يكلف بأداء الوظائف العامة أو المهمة وإحساسه بمسؤوليته أمام الله تعالى ثم أمام المجتمع والأمة.

خامساً: الجانب الاحترازي والوقائي.

سادساً: دور الأمة في الاختيار، والرقابة الشعبية، والمساءلة والتعيير.

تمهيد: المستحق للتأمل هو أن الإسلام أصَّل مبادئ الرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية من خلال أمرين هما:

الأمر الأول: أن الأمة الممثلة في أهل العقد والحلّ، هم الذين يختارون من يكون المسؤول الأول عن رعاية مصالح العباد، وحراسة الدين، وسياسة الدنيا.

الأمر الثاني: حق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحق النصح من الجميع للإمام وبالعكس.

الفرع الثاني: الفساد السياسي

الفساد المتعلق بأمن المجتمع، وهو ما يتعلق بالجرائم التي تمس أمن المجتمع والدولة جميعاً، وهو ضد الأمن والاستقرار الذي يعتبر من أهم الشروط الأساسية للاستثمار، والادخار، والتنمية، إذ من دون الأمن خرب كل شيء، وهاجرت رؤوس الأموال إلى الخارج، ولا يكون هناك تحمس لإدخال رؤوس الأموال في الداخل.

الحل الإسلامي للفساد في الأرض:

الفرع الثالث: الفساد البيئي، وأثره على الاقتصاد:

أقصد به: التصرفات الضارة التي تؤدي إلى تلوث ما يحيط بالإنسان من أرض وهواء وسماء، وتغير خواصه، بحيث يترتب عليها الضرر والإخلال بالتوازن.

فالفساد البيئي يؤدي إلى تحول المكونات المفيدة المحيطة بنا إلى مكونات ضارة، أو أنها تفقد قيمتها، ودورها الطبيعي، فهو تغير غير طبيعي في الخصائص الفيزيائية، أو الكيميائية بما يضر الحياة في كوكبنا.

آثار الفساد البيئي:

للفساد البيئي آثار سلبية كثيرة في مختلف المجالات، فقد عقد أكثر من خمسمئة عالم من علماء البيئة مؤتمراً في فرنسا بتاريخ 2-3 نوفمبر 2007م، وانتهوا إلى ثلاث نتائج مهمة، وهي:

1 – أن نسب التلوث تتجاوز حدوداً لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية.

2 – أن غاز الكربون ازداد في الغلاف الجوي بشكل ينذر بفساد أرضنا.

3 – أن الإنسان هو السبب والمسؤول عما حدث للبيئة من الفساد.

بداية الاهتمام:

وقد بدأ الاهتمام بالبيئة عالمياً منذ عام 1971م عندما شرعت منظمة اليونسكو في برنامج بحث سمي (الرجل والمحيط الحيوي) استهدف توسيع دائرة المعرفة بعلاقة الإنسان ببيئته الطبيعية.

ثم عقدت الأمم المتحدة في عام 1972م مؤتمراً للبيئة والإنسان في استوكهولم, ثم ازداد اهتمامها بها, حيث عقدت مؤتمراً عالمياً تحت اسم: قمة الأرض، في ريو دي جانيرو 1992.

موقف الإسلام من البيئة ومن إفسادها:

قد لخص لنا القرآن الكريم علاقتنا بالبيئة, حيث إننا خلقنا من الأرض، إذن فهي أمّنا، ولها حقوق علينا، وأنه لا يجوز لنا أن نضرّ بها، لأن الإضرار بها عقوق، ومع هذا الإيجاز فصل القرآن الكريم أهمية الحفاظ على البيئة وحمايتها من الفساد والتلوث وكل ما يضر بها، إضافة إلى أن آثارها السلبية، أو الإيجابية تكون للإنسان، أو على الإنسان.

أولاً: وردت مجموعة كبيرة من الآيات الكريمة والسنة المشرفة التي تحمل بين طياتها النهي الشديد والزجر الكبير لكل من يفسد في الأرض، فقال تعالى: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا) وقال تعالى في وصف البعيدين عن رحمة الله: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ).

ثانياً: ووردت كذلك مجموعة أخرى من الآيات الكريمة والسنة والمطهرة، التي تأمر بالإصلاح والتعمير والحفاظ على جمال الأرض ومكوناتها، منها قوله تعالى: (….. إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ), بل إن الله أقرَّ سنة عظيمة من سننه، وهي أن الأمة المصلحة لن يهلكها الله تعالى، وإنما يهلك الأمة المفسدة الظالمة، فقال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ).

ثالثاً: ذكرت كذلك مجموعة من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة أن أسباب فساد البيئة ترجع إلى الإنسان نفسه، وإلى تصرفاته وسلوكياته السلبية، ومنها قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).

فالله تعالى سلَّم الأرض للإنسان بعد إصلاحها، والإنسان هو الذي أفسدها.

العلاج القرآني: أثر فساد البيئة على الاقتصاد

أولاً: تمهيد في بيان العلاقة بين البيئة والاقتصاد.

ثانياً: الحل الاقتصادي الإسلامي الخاص بالبيئة.

ذكرنا في السابق منهج الإسلام بإيجاز لحل المشكلات البيئية، ونضيف هنا أن الإسلام قد ذكر مجموعة من المبادئ الاقتصادية التي تعالج هذا الجشع الرأسمالي بصورة خاصة، وهي:

1 – ترسيخ عقيدة أن الملك الحقيقي لله تعالى، وأن الإنسان مستخلف في الأرض.

2 – أداء شكر المنعم، باستخدام الموارد والطاقات فيما خلقها الله تعالى له.

3 – اتباع المنهج الوسط المعتدل القائم على القصد، والتوازن والاعتدال في كل شيء، وحرمة الإسراف والتبذير والبخل.

4 – تعمير الأرض وإصلاحها، وتحقيق متطلبات الخلافة.

5 – حرمة الفساد والإفساد والضرر والضراء والخبائث والمحرمات.

6 – تشريع عقوبات رادعة لكل من يفسد في الأرض.

7 – ضرورة معالجة الملوثات لإعادتها إلى حالة نافعة للاستفادة منها.

8 – سياسة الوقاية من الفساد البيئي.

الحكم الشرعي لغسيل الأموال:

إن غسيل الأموال يتكون من جريمتين في نظر الإسلام:

إحداهما الأصل، وهي النشاط المحرم نفسه، مثل الاتجار بالمخدرات والبغاء والدعارة والرشوة والفساد الإداري والسياسي والاختلاس والسرقات ونحوها من المحرمات.

والجريمة الثانية: هي جريمة إخفاء المحرمات، وإضفاء الشرعية عليها، وهي جريمة الغش والنصب والخداع والتدليس والكذب والنصب والاحتيال، وكل ذلك من المحرمات التي أجمع عليها المسلمون.