أتابع ببالغ القلق ما يجري في محافظة السليمانية من أحداث مؤلمة من قتل وجرح لبعض الشبان ، ومن اعتداء على بعض الممتلكات العامة ، لذلك أود توجيه رسالتين من باب النصيحة المفروضة ، إحداهما موجهة إلى المسؤولين ، والأخرى موجهة إلى الشباب المتظاهرين .
أما رسالتي إلى المسؤولين فهي :
أن عليهم أن يعلموا أن العالَمَ قد تغير ، وأنه لم يَعُدْ هناك شيئ يمكن إخفاؤه على الشباب اليوم من الثروة ونحوها ، ولم يَعُدْ هناك أمرٌ يخاف منه الشباب اليوم ؛ بسبب الحرية والتقنيات الإعلامية المعاصرة ، وهم يريدون أن ينعموا بخيرات بلادهم ويشاركوا في إدارتها ، لذلك أطلب من المسؤولين أن يسمعوا لهم ولمطالبهم بكل تقدير واحترام ، وأن يستوعبوا مطالبهم بكل جدية.
كما أطالبهم بوضع خطة استراتيجية تتضمن بكل دقة ووضوح ما يأتي :
1- القضاء على الفساد بمختلف أشكاله وألوانه ، وعلى المحسوبيات الحزبية والفئوية ، حتى تكون الثروة للشعب ، وتوزع بكل عدل وانصاف .
2- وضع خطة استراتيجية ومرحلية للتنمية الشاملة ، ولتحقيق نهضة صناعية وزراعية ، وتجارية ، وسياحية لتحقيق التقدم والرفاهية لجميع المواطنين .
3- تحقيق الفصل الكامل بين السلطات الثلاث : السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية ، والسلطة القضائية ، بالإضافة إلى سلطة الإعلام الحر .
4- الاستفادة من كل الطاقات العلمية والتجارب الناجحة لجعل كوردستان واحة الأمن والنهضة والتقدم والأمان ولتصبح انموذجاً يحتذى به في مختلف المجالات .
أما رسالتي إلى الشباب فهي :
أنني معكم في مطالبكم العادلة ، ومعكم في التظاهر السلمي الحضاري ، فالمظاهرة السلمية مشروعة شرعاً ، بل هي نوع من الدعوة والنصيحة بالمعروف ما دامت في إطارها الحضاري السلمي .
ولكنني أنصحكم بأن تكونوا قدوة في المظاهرة الحضارية ، وحافظوا على سلامة الأمن الاجتماعي ، وعلى الأموال العامة والخاصة .
وأحذر الجميع ـ حكومة ومتظاهرين ـ من إراقة الدماء فهي أخطر شيئ في الإسلام ، وأن قتل المسلم أشد على الله تعالى من هدم الكعبة ، وقد قال الله تعالى ( أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ) (سورة المائدة : الآية 32) .
وأخيراً أنادي الجميع ـ بكل إلحاح ـ إلى الحفاظ على المكتسبات التي تحققت للشعب الكوردي في كوردستان العراق ، فحمايتها بل تطويرها مسؤولية الجميع ، وان التفريط فيها خطر على مستقبلكم جميعاً .
لذلك أدعوكم والمسؤولين إلى الحوار البنّاء ، وأن يكون الوسيلة الوحيدة بينكم وبين المسؤولين: الحوار فقط الحوار بالأسلوب الحضاري فقط ، فالحوار هو الأسلوب الوحيد للوصول إلى الأهداف والغايات التي تخدم الشعب الكوردي .
والله أسأل أن يحفظ الشعب الكوردي من كل الهزات والأزمات وأن يصلح حال الجميع ، ويوفقكم لطريق الإصلاح والمجد والعزة والكرامة والرفاهية والسعادة والأمن والأمان .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم جميعاً
بروفيسور .د. علي محيي الدين القره داغي