بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد…

أتابع عن كثب وبقلق بالغ ما يجري في كوردستان العراق الحبيبة ولا سيما في محافظة دهوك حيث تم الاعتداء على ممتلكات المواطنين المسيحيين والايزيديين من جهة وعلى مقرات الاتحاد الاسلامي الكوردستاني من جهة اخرى في مركز المحافظة ، وفي زاخو، وسميل، وقصروك وبلغ الاعتداء الى إحراق هذه المقرات وما فيها، والمؤسسات التابعة لها التي يصل عددها حسب إحصائيات الاتحاد الاسلامي الى 23 مؤسسة وإنني إذ أدين هذه الاعتداءات الهمجية التي لا تمت الى دين، ولا الى حضارة بصلة أود أن أعرض على الشعب الكوردستاني ما يلي:

أولاً: إن هذه المسؤولية تقع على أجهزة الحكومة بالمنطقة من الشرطة والأمن وغيرهما إذ أن من مهامها، ومسؤولياتها شرعاً وقانوناً وعرفاً حماية الأموال والممتلكات العامة والخاصة، هكذا علمنا ديننا، وهكذا تقول جميع الأديان السماوية والقوانين الوضعية.

ثانياً: إن هذه الأحداث الأخيرة من حرق المحال والممتلكات والمقرات الحزبية وسجن للأبرياء دون حجج قانونية – بالإضافة الى أنها أعمال غير حضارية – ستساعد على تشويه سمعة الشعب الكوردي وقيادته السياسية على مستوى العالم الذي اصبح كقرية صغيرة.

ثالثاً: لقد استغربت كثيراً من هذه الأعمال الإجرامية في ظل ثورات الشعوب، وربيعها، وعدم قبولها بالظلم والفساد، كيف يتم ذلك في كوردستان الحبيبة، ولم استطع تفسيرها إلا من باب عدم التوفيق، وأن من عقوبات الظلم والمعصية فساد الرأي.

رابعا: أن ديننا الحنيف الذي نزل رحمة للعالمين يأمرنا بالتعاون والتسامح مع كل الأديان ويفرض علينا احترامهم وحماية أموالهم وممتلكاتهم, كما وان لهم كافة حقوق المواطنة كباقي المسلمين الذين يعيشون معا على هذه الأرض.

خامسا: أمام كل ما حدث فإنني من موقع المسؤولية الأدبية والدينية، والإحساس بضرورة كرامة الشعب الكوردي وسمعته, أوجه ندائي الخالص الى  قياداته وأحزابه أن يتقوا الله في هذا الشعب الكريم وأن يسهروا على حماية كرامته وحقوقه وسمعته وذلك من خلال ما يأتي:

1- ميثاق شرف وعهد بالحفاظ على سمعة الشعب الكوردي و بعدم تكرار مثل تلك الاعتداءات تجاه أي جهة .

2- أن يتم التعامل في جميع الأحوال وفق القانون وليس وفق الأهواء، فليس هناك قانون في العالم (سوى قانون الغابة ) أن يحرق مكان فيأتي آخرون ليحرقوا مقرات حزب، أو فرد أياً كان.

3- أن تتم فوراً معاقبة كل من قام أو حرض، أو شارك في الأحداث الأخيرة، وأن تعلن اسماؤهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر، ولا يجوز لأي جهة الدفاع عن المجرمين.قال تعالى: “ولا تكن للخائنين خصيما”.

4- أن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم بحجج قانونية مع حقهم في التعويض عما اصابهم من اضرار مادية ومعنوية.

5- أن يتم التعويض العادل لجميع المتضررين جراء هذه الإحداث من خلال لجنة محايدة.

6- أن يتم الصلح القائم على العدل والإنصاف بين الأطراف المعنية .

وبهذه المناسبة أطالب جميع الأطراف بتوفير البيئة الصالحة والنيّة الصادقة لتحقيق هذا الصلح، وتوفير أجواء الأخوة الصادقة حتى ولو اختلفت الأفكار والرؤى، فالعالم المتحضر مختلف في أحزابه ولكن إختلافه لا يفسد للود قضية، بل إختلافها إختلاف تنوع لا تضاد، وأن منافسة الأحزاب السياسية هي على تقديم الخدمات لشعوبهم، فالولاء الحقيقي لا يشترى، ولا يفرض بالقوة، وإنما بالمحبة والإحسان، وأن الظلم والفساد والطغيان مصيره الى الهلاك والدمار والخسران فقال تعالى: ”   الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ” سورة الفجر ز

حفظ الله الشعب الكوردي من التفرق والتمزق، والظلم والطغيان وحقق له الأمن والأمان مع جميع الشعوب آمين يا رب العالمين.

ا.د. علي محيي الدين القره داغي