استقبل ا.د. علي القره داغي الامين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين صباح اليوم 4 مارس 2013، في المكتب الرئيسي للاتحاد في الدوحة، وفدا من علماء واساتذة الجامعات في البوسنة والهرسك، برفقة فضيلة الدكتور محمد خليفة مدير مكز القرضاوي للوسطية.
وألقى فضيلته خلال اللقاء كلمة عن المنهجية المطلوبة للعلماء للنهوض بهذه الأمة، وبعد أن تطرق الى المشاكل والتفرق والتمزق والأمراض الذي اصابت الأمة بدأ فضيلته بالوقوف على مواطن الخلل و ركز فيما يتعلق بالجانب العلمي والديني.
وذكر فضيلته بأن الجانب العقلي والديني يتحملان المسؤولية المباشرة فيما أصابت الحضارات السابقة قبل الاسلام . لذا بدأ اوروبا بالاصلاحات الثلاث، ليخطو نحو التقدم ، وهذه الاصلاحات تتمثل في رفض الكنيسة بالفكرية الجامدة المعاندة والمعارضة للعلوم، وكذلك إصلاح النظام السياسي، ومعه اصلاح النظام التعليمي، وهذا مما جعلهم يتقدمون من الجانب المادي فقط.
ولما جاءت الاسلام كانت الامم التي دخلت في الاسلام تعاني من مشاكل جمة، ولكن استطاع الاسلام أن تحقق الحضارة لهم بجناحيها المادي والاخلاقي. وذلك لأن الاسلام عالج هنا قضيتان: العقل والتدين.
أما الامة الاسلامية اليوم فأصابها من جانب التدين نظريات جعلها تتأخر ولا تتقدم، منها الزهد البارد – وليس الزهد الحقيقي – الذي جعلنا نتأخر ولا نهتم بتعمير الكون، مع العلم أن الغاية من خلق الانسان ليست العبادة فقط وانما التعمير ايضا، وأن التعمير فريضة ، وأن الله سبحانه وتعالى هيئ الفردوس الأعلى لمن يعمل ويعطي الزكاة فقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ). وهؤلاء اصحاب هذه النظريات فضلوا الفقر على الغنى مع أن الرسول كان يستعيذ من الفقر كما كان يستعيذ من الكفر. وان المسكين المذكور في الحديث (اللهم أحشرني مع المساكين) المقصود بها المتواضعين وليس بمعنى الفقر أو المذلة. والزهد في مذهبنا ، الزهد في القلب.
هذا من جانب ومن جانب آخر إنشغال علماؤنا بالجزئيات، وانشغال الامة بها، وإبعادهم عن الكليات، مما جعلوا التدين والاختلافات النوعية سببا للتفرقة بدلاً أن يكون سببا للجمع والتوحيد. وكيف جعلوا التيسير الى التعسير وأن كثير من عادات في قضايا المرأة يعتبر فقها ومن الدين مع أنه ليس من الدين.
أن ثوابت الشريعة تمثل ثلث الشريعة ولو كانت الشريعة كلها ثوابت لما كان فيه التقدم والتطور والتحديث والتجديد، وكذلك لو كانت الشريعة كلها نصوص ظنية فلم تكن هناك اي حماية للأمة . لذا اراد الله الخير للأمة من خلال خيرية الثوابت وحماية هذه الامة ايضا من خلال خيرية المتغيرات.
أما في الجانب العقلي فقد أعطى الاسلام قيمة كبيرة للعقل، واستطاع أن يجعله في دائرته الحقيقية، وهي دائرة الابداع والتعمير، ويقول ابن عباس في تفسير الاية الكريمة ( وسخّر لكم ما في السموات والأرض) بأن مقتضى التسخير هي التمكين. ودنيانا تعمر بعقل تسترشد بالوحي، وقد أبدع الاسلام في توجيه العقل الى الماديات ولم يشغله بعالم الغيبيات.
اذا منهجية الفكر والاصلاح اصابها خلل كبير من جانب الذين التزموا بالنصوص الظاهرية، ومن جانب من التزموا بالزهد البارد، لذا علينا تصحيح التدين وتجديدها في كيفية التعامل مع النصوص، وفقه التنزيل، وفهم الواجب الذي هو الدليل، وفهم الواقع والاستنباط منه، ويجب ان نعلم أن تجديد التدين لا يؤخر ولا يقدم، ولكن يكون سببا في تقدمنا ويجعلنا مصلحين في جميع المجالات، وأن أي تصور يمنعنا من التعمير فهذا تصور غير اسلامي .
وحث فضيلة الامين العام العلماء الزائرين بالاجتهاد لإزالة كل ما أدخل في الدين والدين بعيد عنه ومواجهة الغلو والتطرف والافكار المضلله بالمنهج الوسطي الصحيح.
وبعد القاء المحاضرة اجاب فضيلة الامين العام عن الاسئلة التي طرحت من قبل العلماء الزائرين و كذلك تم تعريف الاتحاد بالزائرين ودورها في معالجة المشاكل القائمة في العالم الاسلامي.