الدوحة في 18 ذي الحجة 1432هـ
الموافق: 14 نوفمبر 2011م
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يحيي جامعة الدول العربية على الإجراءات التاريخية، التي اتخذتها ضد الظلم والإجرام في سورية، ويندد بالاعتداء على السفارات، ويؤكد أن حماية الشعب السوري من آلة القتل التي يقودها النظام واجب شرعي على كل المسلمين، وواجب أخلاقي على كل أحرار العالم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه.
وبعد،،،
فبالرغم من التأخير في اتخاذ قرارات فاصلة وضاغطة على النظام السوري من أجل وقف شلال الدم، الذي يسيل بشكل يومي في المدن والقرى السورية، فقد وُفِّقتْ الجامعة العربية بالأمس السبت 16 من ذي الحجة 1432هـ الموافق 12 نوفمبر 2011م في اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الشجاعة ضد النظام السوري في دمشق، معتبرة إياه بأنه وبالرغم من موافقته غير المشروطة على ما جاء في المبادرة العربية منذ أسبوع إلا أنه لم يطبق منها أي بند من بنودها وأمام تواصل مسلسل القتل وسفك الدماء البريئة للشعب السوري (بمعدل 25 قتيلا يوميا، وقد تصل إلى أربعين) قررت الجامعة العربية وبما يشبه الإجماع – بمعارضة دولتين فقط، وهما اليمن ولبنان- تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وطلب كل الدول الأعضاء بسحب سفرائها من دمشق وتشكيل لجنة لتدرس عددا من العقوبات الاقتصادية على النظام السوري، والدعوة إلى عقد اجتماع في غضون 3 أيام لكل فصائل المعارضة السورية بمقر الجامعة بالقاهرة، لتدارس الوضع الراهن في سوريا، والتشاور فيما من شأنه وضع حد لمسلسل القتل الجماعي، الذي يرتكبه النظام ضد الشعب السوري. وأمام هذه الخطوة الجريئة والغير مسبوقة في تاريخ الجامعة العربية، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يعلن ما يلي:
1- يحي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجامعة العربية باتخاذها لهذه الحزمة من القرارات ضد النظام الحاكم في سورية، ويعتبرها خطوة ايجابية وشجاعة تحسب للجامعة العربية، باعتبارها انحيازا واضحا منها إلى صف الشعوب، ولأول مرة، وضد الأنظمة المستبدة والظالمة لشعوبها. وهذا منهج جديد للجامعة، ولعله من الثمار الأولى لربيع الثورات العربية التي أصبحت الشعوب فيه حاضرة أمام القادة، وصناع القرار العربي، بعدما كانت مغيبة بالكامل في كل القضايا، وبخاصة إذا ما تعلق الأمر بالحرية والديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان في إحدى الدول العربية ، وذلك هو المنهج العدل الذي يقوم عليه الملك يقول تعالى{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } (النساء:58).
ويقول تعالى{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة:8).
إن من أبسط واجبات العدل هو الانحياز للمظلوم في وجه الظالم ومنعه عن الظلم.
2- يؤكد الاتحاد على أن حماية الشعب السوري من القتل اليومي هو واجب على كل المسلمين، وبخاصة الحكام الذين بإمكانهم أن يتصدوا لهذا النظام الظالم بمزيد الضغط عليه سياسيا واقتصاديا، إقليميا ودوليا، بكل الوسائل المشروعة إسلاميا وعالميا، حتى يفِيء إلى الحق ويستجيب لمطالب شعبه في التنحي عن حكمه بسلطة الإكراه وبسياسة الترهيب والقتل.
3- يدعو الاتحاد منظمة التعاون الإسلامي أن تنحو السياسة العادلة التي اتبعتها جامعة الدول العربية تجاه هذا النظام الظالم.
4- يندد الاتحاد بالأعمال التي قامت بها بعض الجهات بالأمس ليلا ضد السفارة السعودية والسفارة القطرية وعدد من السفارات الأجنبية والتي من الواضح أنها حصلت بضوء أخضر من النظام كردة فعل وتهديد مبطن منه ضد هذه البلدان بعد اتخاذ حزمة القرارات من قبل الجامعة العربية وبهذه المناسبة فإننا نحذر النظام السوري من مغبة ومخاطر هذا الأسلوب ولن يزيده إلا عزلا وضغطا عربيا ودوليا.
5- يدعو مكونات المعارضة السورية بكل أطيافها إلى توحيد صفوفها والالتقاء على كلمة سواء تكون في مستوى الدماء التي يقدمها الشعب السوري البطل من أجل الحرية والعدل وضد الظلم والفساد فمن مفارقات الثورة السورية المباركة التي أثبت فيها الشعب السوري تصميمه الكامل والحازم من أجل إزاحة هذا النظام الجاثم على صدره لما يزيد عن 4 عقود، أن تكون في المقابل معارضته بهذه الدرجة من التشتت والخلاف – فبدون وحدة الصف والاتفاق على مطالب هذا الشعب فلن تستطيع هذه المعارضة أن تعرض نفسها بديلا ممكنا للنظام يقول تعالى{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف:4).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أ.د/ علي محيي الدين القره داغي أ.د/ يوسف القرضاوي
الأمين العام الرئيس