اجتمع ممثلو علماء الأمة في بلد الجمال والجلال إسطنبول في أضخم مؤتمر علمائي، وأكثر من ألف عالم وعشرات الجمعيات العلمائية في العالم أجمع، وهم يمثلون عشرات الألاف من العلماء وفي أطول فترة (7 أيام متواصلة ) لمناقشة قضايا الأمة الكبرى وقضايا الاتحاد ومؤتمر الإصلاح والمصالحة من خلال سبع ورش عمل شارك فيها المؤتمرون.
وقد نجح الاتحاد رئاسة وأمانة في هذا الحشد الكبير، كما نجح نوعياً من خلال الموضوعات التي طرحت ونوقشت ويأتي هذا النجاح بمثابة أكبر رد على الذين حاولوا إفشال هذا المؤتمر ومنع الحضور بالمال الفاسد والإغراءات، ولكن علماء الأمة صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وطبقوا شعارهم الذين رفعوه وهو قول الله تعالى (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ) (الاحزاب : 39) وقد تم في هذا الاجتماع اختيار العلامة المقاصدى أ . د الريسونى رئيساً للاتحاد في انتخاب الكتروني غير قابل للتزوير نال ثقة أكثر من 93% وهكذا نال نوابه نسباً كبيرة.
ومع أن فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي هو الذي اختار أ . د الريسونى وطلب منه ذلك، ولكن الشيخ الريسونى أبى إلا أن يتم انتخابه باقتراع سري وكذلك أبى نوابه إلا أن يكون انتخابهم باقتراع سرى وهذا ما تم بنجاح، وبمجرد انتخابه رئيساً بهذه الطريقة الحضارية توجت السهام نحوه، وأحييت آراؤه التي قيلت في مناسبات وظروف خاصة بل إن البعض وصف هذا العالم الجليل بأنه علماني، مع أنه عاش وتربى في أكناف حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب، بل كان رئيسها في الفترة من ( 1996 – 2003م ) ومن أهم أهدافها الإسهام في إقامة الدين وتجديد فهمه، والعمل به ، كما أنه بذل عمره في خدمة هذا الدين ورفع شأنه فكيف يليق أن يوصف بأنه علماني ؟؟!!
وليس المقصد من هذه المقالة هو التعريف بهذا العالم الجليل والفقيه المقاصدى العميق وإنما المقصد هو الحديث عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أصبح أكبر تجمع لعلماء المسلمين مبيناً حقائق الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وصلاحيته لكل زمان ومكان، ومدافعاً عن قضايا الأمة الكبرى التي على رأسها قضية القدس وفلسطين واقفاً مع الشعوب المسلمة والأقليات مرشداً وموجهاً بتعاليم الإسلام العظيمة، ومظهراً حقيقة الرحمة للعالمين وفقاً للمنهج الوسطى المعتدل.
فالاتحاد العالمي أصبح الأن بفضل الله تعالى مؤسسة قائمة على هيكلة منظمة دقيقة، فلا تتغير مبادؤها وبرامجها ومناهجها وثوابتها بتغير رئيس أو أمين عام، فلها هيكلتها القائمة على الجمعية العامة، ثم مجلس الأمناء الذي يضم 45 عضواً ماعدا الرئيس ونوابه، وكلهم تم انتخابهم باقتراع سري، وهم من كبار العلماء ويمثلون معظم علماء المسلمين في القاراتـ السبع، وهم الذين يجتمعون ويقررون ، ثم ينبثق من مجلس الأمناء الأمانة العامة التي تتكون من الأمين العام ومساعديه ثم الإدارة التنفيذية، كما أن للاتحاد عدة فروع في بلدان مختلفة، وبالإضافة إلى ما سبق فإن للاتحاد دستوراً لا يجوز تغيير أي بند من بنوده إلا بموافقة ثلثي الأعضاء، وميثاقاً لا يقبل أي عضو إلا بعد الإقرار بالموافقة عليه
لذلك كله أؤكد للجميع بأن المبادئ والثوابت الإسلامية قد وضعت في الميثاق، والدستور فلا يمكن تغييرها بتغيير الرئيس، أو الأمين العام
وأما فيما عدا هذه الثوابت والمبادئ العامة للإسلام فإن المطلوب هو التجديد والتطوير وتلك هي من سنن الله تعالى القاضية بأن من لم يتقدم يتأخر فقال تعالى (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (المدثر : 37) كما أن امتحان الأمة وابتلاءها بأحسن السيناريوهات في جميع المجالات النافعة فقال تعالى ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)( الملك : 2)
إن علماء الاتحاد يجددون العهد على حمل الأمانة والوراثة النبوية وفقاً للمنهج الجامع بين الثوابت والمتغيرات والأصالة والمعاصرة، وعلى خدمة أمتهم الإسلامية وبيان الحق والوقوف مع قضايا الأمة والمظلومين تنفيذاً لشعار الاتحاد الذي هو قوله تعالى ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ) (الاحزاب : 39)
وفقنا الله جميعاً للوفاء بالعهود ، وجعلنا أهلا لحمل الأمانة.