الدوحة في 23 ربيع الثاني 1436 هـ
الموافق 12 فبراير 2015 م
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
يدين بشدة مقتل أسرة مسلمة على يد مواطن أمريكي بولاية نورث كارولينا الأمريكية،
ويستنكر حالة التجاهل الإعلامي الغربي لهذا الحادث الإرهابي الآثم،
ويطالب الولايات المتحدة الأمريكية بشفافية التحقيقات والإفصاح عن تفاصيلها أمام الرأي العام العالمي،
ويشكر النشطاء على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لنشرهم القضية بقوة بما جعل لها الصدارة .
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
( وبعد)
استقبل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ببالغ الحزن والأسى، خبر مقتل أسرة مسلمة مكونة من ثلاثة أفراد هم: ضياء شادي بركات (23 عام)، وزوجته يسر محمد أبو صالحة (21 عام)، وشقيقة زوجته رزان محمد أبو صالحة (19 عام)، في ولاية نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهم ثلاثة شباب في مقتبل العمر، يتعلمون في الجامعات الغربية، ويشهد لهم زملاؤهم وجيرانهم بحسن السيرة، والمسالمة، والالتزام بالقوانين والأعراف السائدة. ليسوا إرهابيين ولا متطرفين ولا مشتبها بهم، يستفيدون من المجتمع ويفيدونه، بتقديم الطعام والشراب للمشردين. تم قتلهم على يد مواطن أمريكي ، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون، كما تشير التحليلات الأولية للحادث، ووفق ما نشره هو على حسابه الخاص بشبكات التواصل الاجتماعي.
إن التمييز بين الناس بسبب دينهم، أمام القانون، أو مؤسسات المجتمع، الإعلامية والحكومية والمدنية، لهو كفيل بتأكيد شعور المسلمين بسياسة الكيل بمكيالين، مكيال منقوص للمسلمين، وآخر تام لغيرهم، وهو شعور يغذي الانزواء والعزلة، والتطرف والإرهاب.
إن عدم مواجهة هذه الاعتداءات بالإجراءات القانونية اللازمة، والاهتمام الإعلامي المطلوب، وتجاهلها، أو التهوين منها، وذكر أسباب غير حقيقية لها، هو نوع من الإغراء لأصحاب هذه الأفكار والسلوكيات المتطرفة بارتكاب مزيد من الجرائم.
ليست هذه هي الجريمة الأولى التي ترتكب بحق المسلمين في أوربا وأمريكا، منذ حادثة شار ل إيبدو التي أدانها المسلمون جميعا بمؤسساتهم ورموزهم وعلمائهم في الشرق والغرب، فقد تم الاعتداء على الكثير من المساجد، وعلى المسلمين اعتداءات بدنية ولفظية، وقُتل بعضهم ، بالإضافة إلى محاولات نزع الحجاب عن المسلمات في الغرب، وآخرها اعتداء رجل أمن سويدي بالقوة المفرطة على طفل دون الثانية عشرة من العمر.
على إننا وإن كنا ننعى على بعض الحكومات لتجاهلها الحوادث المتكررة ضد المسلمين، أو تسامحها نوعا ما مع مرتكبيها، وعدم مواساة الجهات الرسمية لهم باعتبارهم مواطنين كاملي المواطنة، أو مقيمين بإقامات شرعية، فإننا حيينا ونحيي مواقف الحكومات التي وقفت بجوار المسلمين، ورفضت الإساءة لهم، أو الانتقاص من حقوقهم، مثل موقف المستشارة الألمانية ميركل، وتصريحات الرئيس الفرنسي، وموقف السلطات الهولندية، وندعو أن تصدق الممارسات على الأرض هذه التصريحات.
ويؤكد الاتحاد إزاء هذا الحادث الإجرامي الخطير على ما يلي:
• يدين الاتحاد هذه الحادث المجرم، ويعتبره حادثا إرهابيًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، ويتقدم بالتعازي لأسر الضحايا ومحبيهم، ويدعو الله لهم بالرحمة والمغفرة، ويدعو الجهات الرسمية والإعلامية إلى إدانة الحادث، اتفاقا مع القيم الإنسانية.
• يستنكر الاتحاد حالة التعتيم الإعلامي والرسمي المتعمدة في الغرب تجاه هذا الحادث الأليم، وعدم تناوله كما يتم تناول قضايا يقوم بها المسلمون، أو يشتبه في قيامهم بها، مما يعكس ازدواجية المعايير وتردي القيم والمبادئ والعدالة.
• يطالب الاتحاد الولايات المتحدة الأمريكية بعدم تهميش القضية، والإفصاح عن التحقيقات الجارية فيها أمام الرأي العام العالمي، وعدم تصدير أسباب وهمية، وكأن الحادث وقع لشجار قديم حول موقف السيارات.
• يؤكد الاتحاد أن الأفلام والرسوم والكتابات المسيئة التي تصور المسلمين على غير حقيقتهم، هي أحد الأسباب الرئيسية لظاهرة الإسلاموفوبيا، والاعتداء على المسلمين، وتغذية مشاعر الكراهية والرفض والعنف والعنف المضاد.
• يشكر الاتحاد النشطاء على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي الذين كان لهم دور كبير في نشر القضية، وزيادة الوعي العالمي بها وبملابساتها، وهذا دور العالم الحر في كشف الحقائق والتصدي لمحاولات التعتيم والتغييب .
والله من وراء القصد ، وهو الهادي سواء السبيل
الأمين العام رئيس الاتحاد
أ. د. علي محيي الدين القره داغي أ. د. يوســـف القـرضـاوي