الدوحة – الشرق
أكد فضيلة د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن أمتنا فيها خير كثير، وقال بشيوع الفقر في أغلب بلادنا مستشهدا باليمن إذ إن الناس يموتون ويتضورون جوعا.
داعيا لإغاثة الناس هناك وقال “لا نريد أن نصل إلى ما وصل إليه أبو بكر عندما دفع كل ماله، ولكن علينا بذل الجهد والعمل حتى إذا سئلنا من قبل رب العالمين يكون لنا جواب وحجة عنده سبحانه وتعالى”.
وتحدث فضيلته في خطبة الجمعة بجامع السيدة عائشة -رضي الله عنها- بفريق كليب عن الرحمة وقال إنها ليست مجرد كلمة تقال، وإنما شفقة حقيقية داخل القلب وتحرك العين لتفيض دمعا وتحرك اللسان لتقول صدقا وتحرك الجوارح لتدفع وتدافع لتحقق الرحمة وتحرك الإنسان ليدفع بماله لأجل إخوانه وأخواته .
وأضاف: إذا كنا نتحدث عن أوضاع المخيمات في سوريا وفي العراق وفي فلسطين واليمن فقد شاهدتم هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية في مضايا ودعا عليهم “قاتل الله هذا النظام الذي يقتل شعبه، قاتل الله هذه الميلشيات الخبيثة شديدة الطائفية التي تحاصر هؤلاء، وقاتل الله كل من يساهم ويساند هؤلاء الظلمة (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) .
وتساءل فضيلته: أين الإنسانية؟ وأين ضمير الأمة الإسلامية والإنسانية؟ وأين الأمم المتحدة؟ وأين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؟ كل واحد مشغول وأشغلوا كل واحد بداخله وبحروب طائفية يستفيد منها الأعداء، ولكن الكل مسؤول بقدر مسؤوليته وإمكانياته.
وزاد القول “أوصيكم بأن نقدم هذه الرحمة حتى يرحمنا الله فمن لا يرحم لا يرحمه الله، إذا كان الرسول انزعج حينما أخذ أحد فرخي عصفور فما بالك بهؤلاء الناس وهؤلاء الأطفال الذين كأنهم في القبور وهم في الظاهر أحياء فرجائي أن يفكر كل واحد كيف يحقق هذه الرحمة التي جعلها الله شرطا لنا”.
وتحسر على وضع الأمة الإسلامية بقوله: أصبح الإسلام قشورا بدون مغزى ومعنى عند معظم الناس، يصلي ولكن لا يربطه بالنهي عن الفاحشة، يزكي ويبحث عن فتاوى لإعفائه ويريد أن يحتال على الله والله يقول ( والذين في أموالهم حق معلوم)، وكيف تعفى العمارات الشاهقة من والأجور الكبيرة من الزكاة، والمسكين العربي إذا كان عنده خمسة جمال بالإجماع تجب عليه الزكاة وهو يعيش في الصحراء، وأربعون معزة تجب فيها الزكاة، ليس الإسلام هكذا.
وقال “لا يمكن أن نحلل الحرام أو نحرم الحلال عن طريق الحيل فالله لعن اليهود لأنهم احتالوا. وقال فضيلته: درست القرنين الخامس والسابع الهجري أيام الاحتلال الصليبي ولم تمر على أمتنا ظروف صعبة مثل هذه الظروف التي نمر بها، لأن المشكلة فينا وكان الأعداء في الخارج، ولكن اليوم المشكلة في الداخل”.
وقارن بين الأمس واليوم بقوله: اليوم نقرأ آيات الرحمة مثلما قرأها الأولون، ولكن هل تشفق قلوبنا على إخواننا في المخيمات الذين يتضورون جوعا ويموتون بالبرد الشديد والثلوج التي ربما لم تشهد المنطقة منذ 30 سنة مثل هذه الثلوج، لأنه كما قال الرسول (ما من أهل عرصة يموت بينهم امرؤ جائعا إلا برئت منهم ذمة الله ورسوله)، فكيف حسابنا أمام الله؟ وماذا يكون جوابنا أمام الله في كل مايحدث في سوريا وفلسطين، وإخواننا في غزة ليس بأحسن حال، وكذلك في القدس، وفي العراق فقد دمرت مدينة الرمادي، وهكذا داعش تدخل المدن السنية منطقة منطقة ثم تخرج منهم واحدا بعد واحد ليتم التدمير من قبل الميليشيات، وماذا سيحدث في الموصل لو تم ضربها وفيها 4 ملايين شخص إنها الكارثة. المنطقة الكردية هي المأوى الوحيد لهؤلاء النازحين وهي أيضا تئن من عدم دفع الرواتب حتى يموت الجميع فقرا.
وكان فضيلته قد بدأ خطبته قائلا: لو تدبر المسلم في كتاب ربه وفي سنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- لما وجد دينا ولا نظاما ولا قانونا أو شريعة من الشرائع السابقة تولي العناية القصوى للرحمة والرأفة مثل هذا الدين العظيم، فقد افتتح الله كتابه العظيم وهو دستور المسلمين بهذه الآية العظيمة (بسم الله الرحمن الرحيم) التي تتضمن صفتين من صفات الله واسمين من أسماء الله تعالى، الرحمن: الذي يدل على الرحمة الشاملة الواسعة (ورحمتي وسعت كل شيء)، إنسانا وحيوانا، وكل ما في هذا الكون، خلقه بالرحمة، وهداه الله بالرحمة، ويعيش بالرحمة، ويموت بالرحمة، فالكل تناله الرحمة، أعطاهم الله الرزق والنعم التي لا تعد ولا تحصى. الرحيم: التي تخص رحمة الله لعباده الذين يستحقون هذه الرحمة في الآخرة. تتكرر هذه الآية الكريمة في بداية كل السور ما عدا سورة واحدة وهي سورة البراءة ولكنها عوضت هذه الآية بذكرها في سورة النمل وبالتالي عدد السور 114 سورة وعدد تكرار هذه الآية الكريمة أيضا 114 مرة. ثم يبدأ هذا الكتاب بالسورة الفاتحة والتي تبدأ بحمد رب العالمين والربوبية: هي تنمية الإنسان شيئاً فشيئا حتى ينال الكائنات الكمال الذي أراده الله له أيضا هو رحمة بل من قمة الرحمة ثم تتكرر في هذه السورة هاتان الصفتان وهذان الاسمان، الرحمان الرحيم.