طالب فضيلة الشيخ الدكتور علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والخبير في فقه المعاملات المالية المعاصرة، خلال الجزء الثاني من حواره لـ الوطن الاقتصادي الذي ننشره اليوم، وقد تحدث إلينا عن واقع المصرفية الإسلامية محلياً وإقليمياً وعالمياً بكل شفافية ووضوح. البنوك الإسلامية بعدم اللجوء للتورق المنظم في السلع الدولية أو المرابحة العكسية، لأنها لا تتوافر فيه الشروط الإسلامية، وأكد أن بعض البنوك في السوق القطري وللأسف الشديد لجأت لمثل هذه الأمور، ولكن العلماء واجهوا هذا الأمر من البداية بقوة، وقال علينا أن نمنع مثل هذه المنتجات الرديئة،وأضاف أنه يجب على البنوك الا تقوم بفرض رسوم مبالغ فيها مقابل خدمات معينة يحتاجها العملاء لديها، مثل إصدار كتاب إلى جهة معينة، حيث إن هذا يدخل في إطار الاستغلال المحرم شرعاً.
كما شدد فضيلة الدكتور القره داغي على أن التأمين على الحياة بصورته التقليدية الموجودة في التأمين التجاري غير جائز شرعاً، والذي يقدمه عدد من شركات التأمين الآن ضمن منتجاتها، مشيراً في نفس الوقت إلى وجود البدائل لذلك من خلال«التأمين التكافلي»، الذي يغطي تماماً بصورة مقبولة جداً ما يسمى بصور التأمين على الحياة، ومقبولة شرعاً، وتقدمها شركات التأمين الإسلامية التكافلية الموجودة الآن في قطر.
بداية ما رأي فضيلتكم في دخول بعض البنوك الإسلامية مجال التورق؟
– ظهرت بعض المحاولات لنشر بعض المنتجات التي لم تكن مقبولة لدى عامة وجمهور العلماء، وحاول البعض إدخالها في قطر مثل المرابحة العكسية، التورق المنظم، ولكن بحمد لله استطعنا مع بقية أخواننا من علماء دولة قطر أن نمنع مثل هذه المنتجات الرديئة، إلى حد كبير.
وقمنا بترتيب بعض الأمور الخاصة بالتورق، بصورة جيدة بحيث يكون منضبطاً يترتب عليه البيع والشراء، لا يكون التورق عن طريق السلع الدولية، فرتبنا للبنوك الإسلامية- حيث كنت مشرفاً على عدد من الفروع الإسلامية- تورقاً منضبطاً بضوابط الشرع، من خلال التورق في الأسهم أو في المرابحة، أو في السلع المحلية، بحيث نحرك السوق، لكن جاء قرار من مصرف قطر المركزي بمنع الشراء بالنسبة للبنوك في الأسهم المحلية حفاظاً على استقرار السوق وما شابه ذلك، فبالتالي التجأت البنوك الإسلامية في بعض الأحيان مع الأسف الشديد إلى السلع الدولية، ونحن لسنا مع التورق في السلع الدولية، لأن التورق في السلع الدولية لا تتوافر فيه الشروط الإسلامية، وهنا لا أقصد دولة قطر فقط، بل بقية الدول، وقد نوقش التورق المنظم في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وهو يضم أكثر من 150 عضواً وخبيراً، واتفقوا في الكثير على منع التورق المنظم، ومن هنا فإن التورق المنظم، ولاسيما الذي يتم من خلال السلع الدولية في معظمها ليس تورقاً شرعياً، وهذا الذي نطلبه من البنوك القطرية بأن تبتعد عنها، لأن التورق المنظم لا يساهم أبداً في أي تنمية في الاقتصاد الوطني أو الاقتصاد العالمي، إنما هو في حقيقة الأمر تصرف في مجرد الأوراق، وليس تصرفاً حتى في الأسواق العالمية.
ولذلك يجب أن نبتعد وتبتعد بنوكنا العزيزة على نفوسنا عن هذه المنتجات الرديئة، ويجب أن تتجه البنوك الإسلامية بعد مرور 40 سنة إلى ماهو أحسن وأفضل، وليس نحو ما رفضناه منذ نحو 30 سنة، والمفترض أن نتقدم ونتطور. فرغم الصعوبة والمشاكل التي واجهتها البنوك الإسلامية في بدايتها، لم يكن هناك تورق في البنوك الإسلامية، فلم تكن الولادة سهلة في البداية.
وأول بنك ظهر وهو بنك دبي الإسلامي، وأتشرف بالإشراف عليه منذ فترة طويلة، لم يكن فيه تورق أبداً، رغم أن رأس المال كان بسيطاً، ورغم محاربة كل البنوك التقليدية، واليوم أصبحت البنوك الإسلامية رمزاً للقوة ورمزاً للنجاح، وعدم التأثر بالأزمة المالية العالمية، ورمزاً لنجاح الاقتصاد الإسلامي، فلا يجوز أن نعود إلى هذه الأمور، ولاسيما أن الإشكالية في الأزمة المالية العالمية تعود إلى أن الاقتصاد العالمي كان يعتمد على الديون والائتمان، ولم يكن يعتمد على السلع والخدمات، أو على ما يسمى بالقيمة المضافة للاقتصاد الحقيقي، وقد ثبت للعالم جميعاً خطورة الاقتصاد الديني، والاقتصاد الائتماني، فكيف تلجأ بعض البنوك وتتجه لهذه المسألة، حتى وإن كان على مستوى بسيط، وهنا أطالب البنوك الإسلامية في قطر وخارجها أن تبتعد عن التورق المنظم، وعن المرابحة العكسية، وعن التعامل مع السلع الدولية إذا كان هذا التعامل على أساس الأوراق فقط، وأطالبهم بالمقابل أن تتعامل البنوك الإسلامية داخل قطر وخارجها بالعقود الحقيقية بما يحقق التنمية الشاملة وما تتوافر فيه الشروط الشرعية، وأطالبهم بالتطوير، ولا يجوز أن نقف عند هذا الحد، لأن الله سبحانه وتعالى قد وضع لنا سُنَّة في هذا المجال، وَقَوْله: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّم أَوْ يَتَأَخَّر)، وهي دعوة للتطور، فالتطور من حيث الأحسنية، والدين عندنا ثلاثة عناصر«إيمان، إسلام، إحسان»، والإحسان هو الاتقان والإبداع، والتقدم، ودائماً نجاح الأمم والمشروعات والمؤسسات إنما يكون بالأحسنية وليس بالعمل العام، وقال تعالى في سورة المُلك: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
وسنن الله تعالى واحدة للبشرية جمعاء، فإذا أخذنا بالتقدم، وأخذ الغرب غير المسلمين بالتقدم، فمن أخذ بأكثر سننا وأكثر قوة فهو ينجح، فإذا لم نأخذ بسنن الله في الإبداع والأحسن فسوف نتأخر.
التأمين على الحياة
ما رأي فضيلتكم في التأمين على الحياة الذي بدأت تقدمه بعض شركات التأمين في السوق القطري؟
– التأمين على الحياة بصورته التقليدية الموجودة في التأمين التجاري غير جائز شرعاً، لأنه يقوم أساساً على عقد المعاوضة، وهو قائم على الغرر، وفيه شيء من الربا، ولكن هناك عندنا بدائل للتأمين على الحياة لحالات الموت أو العجز أو المرض، وحالات أخرى كثيرة، هذه البدائل موجودة من خلال التأمين التكافلي تغطي تماماً بصورة مقبولة جداً ما يسمى بصور التأمين على الحياة، وهذه البدائل الموجودة في التأمين التكافلي مقبولة شرعاً.
وشركات التأمين الإسلامية التكافلية الموجودة في قطر الآن متعددة كلها تغطي هذه الجوانب بصورة طيبة، فيمكن للمواطنين والمقيمين الاستفادة من هذه البدائل الشرعية.
إغلاق النوافذ الإسلامية
كيف ترون قرار مصرف قطر المركزي المتعلق بإلغاء النوافذ الإسلامية التابعة للبنوك التقليدية في الدولة نهاية العام الماضي؟
– هذه مسألة مر عليها وقت، ولكن الرأي الإداري والمالي عند مصرف قطر المركزي، لا أستطيع أن أعبر عما يريدون، لكن الرأي الشرعي أن هذه الفروع كانت ملتزمة في معظمها، وأنها كانت منضبطة ولم تكن هناك إشكالية في شرعيتها، وحتى مصرف قطر المركزي لم يقل إن هذه الفروع غير شرعية، إنما لاعتبارات لديهم هم، ولهم مبرراتهم، وإن كنا نرى وقتها أن تبقى هذه الفروع لتبقى المنافسة قوية جداً بين البنوك الإسلامية الكبيرة وهذه الفروع، وتكون هذه المنافسة لصالح المستهلك، خاصة أن كل العالم متجه الآن نحو هذه التجربة، والتجربة القطرية كانت ناجحة جداً في هذا المجال.
البنوك الإبراهيمية
ما رأيكم في دعوة الشيخ صالح كامل رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة بجدة بإطلاق اسم البنوك الإبراهيمية على البنوك الإسلامية.. هل تتفق أم تختلف مع هذه الدعوة، حيث يرى اتفاق الأديان الثلاثة على تحريم الربا والدعوة إلى الاقتصاد العادل؟
– ليس عندنا إشكال في التسمية، ورأيي الشخصي أن تسمية هذه البنوك حتى بالبنوك الإسلامية وُجِدت لوجود بنوك تقليدية، أما لو طبق العالم الإسلامي كله شرع الله فلا داعي لأن نسمي حتى مصطلح بنك إسلامي، ويكفي كلمة «بنك». المهم في كل هذا هو الالتزام الداخلي للبنوك الإسلامية، وأن تكون ملتزمة بأحكام الشريعة، وأن تكون ملتزمة بمقاصد الاقتصاد الإسلامي، من تحقيق التنمية الشاملة وتحقيق التعمير وتشغيل الأيدي، وتخفيف نسب البطالة، والتقليل من الفقر، وهذا هو المطلوب منها أن تعمل في هذا المجال.
بطاقات الائتمان الشرعية
ما الحدود الشرعية في بطاقات الائتمان التي انتشرت حالياً وبصورة واسعة؟
– هناك ضوابط محددة لبطاقات الائتمان، وهي أساساً اسم تحت المسمى، وتعنى أنها للديون وتهيئ حاملها للاقتراض، وبالتالي ما دامت البطاقة أساساً للاقتراض من البنك فلابد أن تتوافر فيها شروط وضوابط للاقتراض، فإذا أنا كبنك أمنع الفائدة إذا أعطيتك مبلغاً نقدياً، فكيف أجيز لنفسي وللمؤسسة التي أشرف عليها أن تأخذ الفائدة على قرض محتمل، فمن هنا وفي مجمع الفقه الإسلامي وفي المعيار الشرعي أشترط أن تكون هذه المصاريف فعلية، وألا تكون مرتبطة أبداً بمسألة الزمن ولا مرتبطة بالمبلغ، وأي بطاقة تتضمن مبلغاً في حالة كشف الحساب فهو فائدة محرمة، أي بطاقة تربط بين المبلغ والزمن والنسبة أيضاً حسب قرار المجمع الفقهي أيضاً بطاقة غير شرعية.
والبطاقة الشرعية أن للبنك الحق في أن يأخذ رسوماً على الإصدار، وإن صح التعبير بيع المنفعة فأعطيك كارت وآخذ منك 100 دولار مثلاً، في حالة السحب غير النقدي لشراء بضائع أو خدمات فإن البنك لا يأخذ زيادة وهذا لاإشكالية فيه، وهنا قد تأتي إشكالية ثانية في حالة إذا تأخرت في السداد أخذت منك زيادة تحت أي بند من الرسوم فهذه الزيادة محرمة، إلا إذا كانت في مقابل مصروفات إدارية فعلية، أما إذا سحبت المال فهذا لا مانع أن نأخذ شرعاً قيمة ما يؤخذ من البنك، فهناك بالتأكيد تأخذها الشركات العالمية المصدرة لمثل هذه البطاقات، والبنوك التي يسحب منها ولا مانع منها، لكنه لا يجوز أن جعلها وسيلة للاسترباح، إنما تكون بقدر المصاريف الفعلية يمكن أن يأخذها البنك.
رسوم البنوك
هذا يأخذنا إلى سؤال آخر حيث تلجأ بعض البنوك إلى فرض رسوم كبيرة نوعاً ما على خدمات معينة يحتاجها العميل مثل إصدار كتاب موجه إلى جهة ما ويتم تحصيل رسوم عليه.. فما رأيكم؟
– شرعاً.. الرسوم الخاصة بإصدار أي كتاب أو معلومات من حق البنك أن يأخذ عليها رسوماً، ولكن أيضاً لابد أن تكون هذه الرسوم معتدلة، لأن العميل لم يدخل مع البنك في مساومة، إنما يفرضها طرف واحد، وهذا أقرب ما يكون في القانون لما يسمى بعقود الإذعان، وهي محمية حتى في القانون بأن لا يكون فيها استغلال لحاجتك، فكم تبلغ تكلفة الورقة التي تصدر عن البنك، أمور بسيطة، ولا يجوز المبالغة وإلا تحول ذلك إلى استغلال، فمن هنا تأتي حرمة هذا الفعل لأنه ليس قرضاً، لا يدخل في الفائدة والربا بل الاستغلال من طرف واحد. ومن المفترض أن تقدم مثل هذه الخدمات مجاناً خاصة لعملاء البنك، وإذا ما قدمت مجاناً فيؤخذ منها المصروفات الفعلية فقط وألا تكون مضاعفة بصورة مبالغ فيها.
حدود مخاطر الاستثمار
ما صور وحدود المخاطر التي يجب أن يعمل في إطارها مَن يرغب في الاستثمار بعيداً عن المخاطر والمجازفة منعاً للخسارة؟
– الشريعة الإسلامية أعطتنا مجموعة من الخيارات في العقود، هناك عقود مخاطرها قليلة جداً، فيمكن أن يدخل فيها المستثمرون، مثل المرابحات، وعقد الإيجار المنتهي بالتمليك، وهذا مخاطره قليلة مثل المرابحة، وهناك عقود أخرى فيها شيء من المخاطر وهي عقود المشاركات مثل المضاربة والمشاركة وما شابه ذلك، فهذه العقود هنا تحتاج إلى دراسات الجدوى، وأن تكون الإدارة المشرفة قادرة ولها خبرة في هذا المجال، كما يمكن أن تكون هناك بعض الضمانات من خلال الكفالة، وفي بعض الحالات كفالة الطرف الثالث، وهناك مجموعة من الأمور والضوابط يمكن أن تساعد على تخفيف المخاطر، وفي الحقيقة نحن نقول إن المشاركات فيها مخاطر لكن حقيقة مخاطرها أقل من الديون، لأن الأعيان موجودة في المشاركة، بينما في الديون لا يوجد أي شيء إلا ملاءة الشخص وإذا أفلس انتهت المسألة. وننصح بأن تكون هذه الشراكات حقيقية وأن تكون لها ممارسة شرعية وقانونية، وفي هذه الحالة لن تكون المخاطر كبيرة، وأن وجدت فإن لنا وسائل لإدارة هذه المخاطر.
البورصة جائزة.. ولكن!
اتفق العلماء على جواز المضاربة في البورصة.. فما هي الأطر الشرعية في هذا المجال؟
– الدخول في عالم البورصة من حيث المبدأ مقبول شرعاً، يجوز للمستثمر أن يتاجر وأن يستثمر في البورصة في الأسهم المشروعة، ولكن حتى في الأسهم المشروعة لابد أن لا يكون قصده الإضرار بالآخرين، لاسيما بالنسبة لكبار المستثمرين، فكبار المستثمرين في بعض الأحيان يشترون كميات هائلة من الأسهم حتى ترتفع- وفقاً لقانون العرض والطلب- ثم إذا ازدادت قيمتها يبيعونها، فبالتالي يتضرر من ذلك صغار المستثمرين.
فلا يجوز أن تكون هذه النية موجودة ولا يجوز وجود مثل هذا التصرف في هذا المجال، لكن التعامل العادي مثل شراء وبيع الأسهم بصورة طبيعية في أسهم مشروعة طبعاً، فهذا لا مانع منه شرعاً من حيث المبدأ، كما أنصح بأن عالم البورصة عالم رهيب سواء كان بورصة داخلية أم خارجية، فلدينا مشكلة أن الجميع يرغب في اقتحام ودخول هذا المجال والنتيجة الخسارة، والكثير منهم يأخذ قروضاً من أجل المضاربة في البورصة، وهذا غير جائز شرعاً، لأنه لا يجوز الاقتراض وأنا ليس عندي قدرة على الوفاء لو خسرت هذا المبلغ، وهذا إضرار بالنفس والآخرين، والتجارة قابلة للخسارة، والمفروض من المستثمرين ألا يستثمروا بالديون، وأن يتم الاستثمار بالأموال الموجودة في ذمهم.
كذلك على مَن يرغب الدخول الاستعانة بأصحاب الخبرة، والله أمرنا بسؤال أهل الذِكر وهم المتخصصون في البورصة ولهم خبرة في هذا المجال إن كنا لا نعلم، كذلك لا ينبغي أن يتجه الجميع للاستثمار في البورصة حيث إنها وسيلة لتوفير السيولة، وليست لتنمية المجتمع، ولا يجب أن يكون الديدنة الأساسية للمستثمر، بل يجب عليه أن يعمر وهذا مفروض علينا، وتعمير الأرض هو الواجب، وأن تتجه الأموال لتعمير الأرض في الزراعة الصناعة التجارة والأمور الأخرى.
اسمح لي فضيلتكم أن استخدم مصطلحاً دارجاً.. هل المضاربة في البورصة هي شطارة أم حظ؟
– في اعتقادي ليس شطارة، وإنما هو في بعض الأحيان لمن يعمل في المضاربة في البورصة فهي مسألة مثل اليانصيب مرة تربح.. ومرة تخسر!.
كذلك أدعو مَن يرغب في اقتحام هذا المجال إلى ضرورة أن يدرس قيمة وسمعة ورأس مال والقيمة الدفترية للسهم، ومعرفة ميزانية هذه الشركة و توجهها ومستقبل هذه الشركة، وألا يكون البيع بسرعة بل يكون استثماراً طويل الأجل والحفاظ عليها.
القروض الاستهلاكية
ما حدود التسهيلات الائتمانية الاستهلاكية وحكمها؟
– حكم الشرع للمُقرض فهو له أجر إذا أقرض مَن هو محتاجٌ، وبالنسبة للمقترض فالأصل عام أن القرض غير مشروع إلا للحاجة الاستهلاكية فعلاً، ولا يجوز أن تقترض لرفاهية، إذا لم يكن لدى المقترض البديل الكافي والأموال لسداد القرض مستقبلاً، لا يجوز ذلك لأن هذا يعرض للإضرار بالنفس في المستقبل والإضرار بالآخرين أيضاً، وهذا يأتي في إطار «سد الذرائع» كل ذريعة تؤدي إلى الفساد أو الإيذاء والإضرار بالآخرين، فهذه الوسيلة أو الذريعة محرمة.
الاقتصاد الإسلامي في الغرب
هل تتوقع أن يطبق الغرب الاقتصاد الإسلامي بشكل كامل ومباشر بدلاً من أنهم يأخذون منه ما يريدون ويتركون ما لا يريدون؟
– الغرب تَفتَّح تماماً بعد الأزمة المالية العالمية التي بدأت في العام 2008 على الاقتصاد الإسلامي، من جانبين.. الجانب التنظيري حيث درس علماؤهم ومفكروهم أسس ومبادئ الاقتصاد العيني والاقتصاد الحقيقي، ولم ينتظرونا، حيث أدخلوا كثيراً من هذه الأسس في اقتصادياتهم الآن، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، والجانب الثاني أنهم أخذوا ببعض المنتجات الإسلامية والصيرفة الإسلامية.
فيوجد الآن في بريطانيا عددٌ كبيرٌ من البنوك الإسلامية، وتسعى فرنسا جاهدة للدخول في هذا المجال، وأتوقع أن يتم الاعتراف رسمياً في العالم الغربي بالاقتصاد الإسلامي واعتماده بديلاً عن الرأسمالية، وهذا بشرطين:
الأول: أن تسعى الدول الإسلامية إلى تقديم مشروع متكامل ومدروس.
ثانياً: أن نحسن من المنتجات الإسلامية في عالمنا العربي والإسلامي، وأن نقدم للغرب صورة عملية للاقتصاد العيني الحقيقي الناجح.
السداد المبكر للقروض
تتمسك بعض البنوك الإسلامية بالأرباح كما هي عند السداد المبكر للقروض وترفض خفض المتبقي.. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
– إذا لم يكن السداد المبكر مشروطاً في العقد فلا مانع منه، لأنه تنازلٌ من البنك عن جزء من ربحه، وهذا ما يطلق عليه يعرف عند الفقهاء بـ «ضع وتعجل»، وقد ثبت ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حينما أجلى بني قريظة فإنهم قالوا: يا محمد! أموالنا عند أصحابك فقال عليه الصلاة والسلام: (ضعوا وتعجلوا) فدل هذا على مشروعية (ضَع وتعجل) في هذه الصفة أنها مستثناة. وما دام أنه ليس مشروطاً من البداية وإنما عند السداد فلا مانع منه ويمكن أن يتنازل البنك ويمكن ألا يتنازل.