أكد د. علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه لا دور للإيمان في نظر القرآن الكريم إلا إذا كان معه العمل الصالح.. وقال إن الأمة لها عمق تاريخي وحضارة اعتمد عليها الغرب ولكننا اليوم في حالة يرثى لها!
وقال إنه لا يمكن أن يخسر الإنسان في الدنيا وهو يطمع أن يكون ناجحاً في الآخرة فكلاهما مرتبطان..
وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب إن كل الأعمال الصالحات عبادة بالنصوص الشرعية بكل ما تعني الكلمة.. ورأى أنه من المصائب أننا لا نستطيع أن نصنع ما نركبه وما نستعمله.!
وقال د. القره داغي إن البعد الجغرافي للأمة أمر عظيم فنحن نستطيع أن نتحكم في الشرق والغرب والشمال والجنوب لكن هذا التحكم يحتاج إلى قوة وإرادة ولكن هم يتحكمون فينا وأمتنا أصبحت مفعولا بها بدل أن تكون أمة فاعلة..
وأضاف “من سنن الله أنه حينما تضعف الأمة تتفرق وتتمزق فأصبحوا يتلاومون وحينما تكون قوية تتوجه نحو الأمان وتنظم نفسها وتبنى بالداخل لذلك حينما تكون الأمة ضعيفة لا تعمل ولا تبدع حينئذ يتحكم فيها الآخرون، مشيرا إلى أن نسبة المواد الغذائية المستوردة تصل إلى 70%.
وقال إنه حتى في صراعاتنا ننتظر تدخل الآخرين ليعملوا لنا شيئا فصار لنا أربع سنوات ننتظر التدخل في الصراع في سوريا والآن في اليمن ضد الانقلابيين الحوثيين.. والعراق تدمر تماما وكذا الحال في الدول الأخرى كما هو في أذربيجان فقد سيطرت هناك دولة تسمى أرمينيا على بعض مناطقها ولا نعمل شيئا لها، مع أن أرمينيا لا يعترف بها كثيرون وليس لها مصالح معنا كثيرة، مثل المصلحة مع أمريكا وغيرها حتى نخاف منها.
وكان فضيلته استهل خطبته بالقول: من سنن الله تعالى أن الأمة لا تتكون من الفراغ.. وأن القوة لا تتحقق من دون الأخذ بالأسباب، وأن الحضارة لا يمكن صناعتها أو تحقيقها إلا من خلال الأخذ بمقوماتها، والتضحية في سبيلها.
وذكر أن الله بيّن لهذه الأمة كل هذه المكونات والأسباب على الرغم من أن العقل السليم والفطرة السليمة يصلان إلى هذه القضية والنتيجة من أهمية الأخذ بمقومات الحضارة والقوة.
وزاد “إن الله أكد ذلك من خلال مئات الآيات التي تتحدث عن الإيمان، وحينما تتحدث عن الإيمان لا تترك الإيمان وحده، وإنما تتحدث كذلك عما يمكن أن تقوم به بعد الإيمان والعقيدة من الأسباب والمكونات والمقومات لتحقيق القوة والحضارة حتى تكون هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس”.
وأكد الخطيب أن “خير أمة ليس ادعاء” ولا يمكن أن يتحقق هذا الشعار بمجرد ادعاء (ليس بأمانيكم ولا بأماني أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به).. وقال في هذه الأثناء أن قاعدة الثواب والعقاب وقاعدة النتائج والآثار المترتبة على الأسباب قاعدة إلهية ربانية كما أنها قاعدة عقلية فطرية..
وأوضح أنه ما ذكر الله لفظ الإيمان إلا وذكر معه العمل الصالح وهو كل عمل نافع للفرد والجماعة والأمة، ونافع لدينه ودنياه بل نافع لدنياه أولا ثم لآخرته ثانيا فالدنيا مزرعة الآخرة ولا يمكن أن يخسر الإنسان في الدنيا وهو يطمع أن يكون ناجحاً في الآخرة فكلاهما مرتبطان (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) .
وأشار فضيلته إلى أن القرآن رتب كل هذه الأعمال الصالحة في إطار العبادات، ففي سورة الجمعة يقول رب العالمين (إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أمرنا الله بأمرين يتعلقان بهذه الصلاة: أن نترك العمل اليدوي ونترك البيوع والمعاملات حينما ينادي المنادي للصلاة .